(نواعم) داخل المصيدة (الآيس) .. قاتل الشباب والأحلام
انتشر مؤخرا وبصورة كبيرة بين الشباب وأصبح مصدر قلق وتدمير لكثير من الأسر، مخدر (الآيس) الذي أدمنه الكثير من الشباب بالرغم من أنهم مازالوا في ريعان شبابهم، الا انهم اصبحوا سجناء في زنزانة التعاطي لمخدر تم وصفه بالاخطر لما يسببه من أضرار لمتعاطيه تصل درجة الموت.
ما يؤلم إصرار كثير من الشباب على تجريبه بالتعاطي المتقطع نسبة لغلاء ذلك المخدر الذي يفوق سعر الحقنة الواحدة منه خمسين ألف جنيه ليواصل بعدها المجرب حتى يصل مرحلة الإدمان السريع الذي يجعل المتعاطي منهم يسير وفق إشارات الدماغ للبحث عن (الكيف) بأي طريقة ووسيلة، تبدأ بالاحتيال ثم السرقة ثم القتل بعد أن يصبح رهينة لـ(الايس).
تعريف (الآيس)
نسبة لخطورة ذلك المخدر اللعين والمدمر، نبه الاطباء والمختصين بأضراره ليتم التعريف به لاخذ الحيطة والحذر منه وتم تعريفه بأنه شكل من أشكال المخدرات قوية التأثير، يشار إليه أيضًا بالانجليزية باسم shabu أو Crystal أو meth crystal أو d-meth واﻵيس هو أنقى وأقوى أشكال منشط الميثامفيتامين، والذي يأتي كمسحوق أو بلورات يتم شمها أو حقنها أو بلعها.
تأثيرات الآيس
تأثير مخدر (الآيس) على جسم متعاطيه، أشارت له د. نيكول لي، أستاذ مشارك في المعهد الوطني لبحوث المخدرات في جامعة كورتين، وذكرت بحسب تقريرها، إلى أن مدى سرعة الشعور بتأثير الميثامفيتامين يعتمد على طريقة التعاطي، والكمية حيث يبدأ مفعول المخدر في الظهور بعد مرور نحو 20 دقيقة من تعاطيه، يقول المستخدمون إن لديهم الكثير من الطاقة ويمكنهم من التفكير بوضوح، ويشعرون بأن بإمكانهم اتخاذ قرارات جيدة والتخطيط بفعالية، وذلك لأنه يزيد بشكل كبير من مستويات هرمون الدوبامين بما يصل إلى 1000 ضعف المستوى الطبيعي وهو هرمون يدفع للسعي وراء الهدف والسعادة وبعد مرور حوالي 60 دقيقة يحدث زيادة في معدل ضربات القلب وعدم القدرة على التنفس بشكل طبيعي وانخفاض الشهية وزيادة الرغبة الجنسية إلى حد كبير يصعب السيطرة عليها.
مواصلة :(في اليوم الثاني تستمر التأثيرات عادةً ما بين أربع ساعات و 12 ساعة، في اليوم الثاني بعد التعاطي على الرغم من أنه يمكن اكتشاف الميثامفيتامين في الدم والبول حتى بعد 72 ساعة من تعاطيه بعد أن تتلاشى آثار المخدر سوف يعاني الشخص المتعاطي بعدد من الآثار الجانبية لمدة تصل إلى 24 ساعة، ومنها الآثار العضوية مثل الصداع شديد وعدم القدرة على التركيز ، الشعور الأرق لمدة يومين بعد تناول المخدر ويجد المتعاطي صعوبة في اتخاذ القرارات والاكتئاب والقلق الشديد والرغبة في الانعزال والوحدة ودائما ماتكون نهايته الموت.
قصص من الواقع
تسبب مدمني (الايس) من الشباب في قلب حياتهم وأسرهم رأسا على عقب وكانوا سببا في انهيارها نفسبا وماديا.
القصة الاولى لشاب سوداني عائد من دولة الامارات الي السودان تاركا خلفه أسرته المكونة من (الاب ، الام ، شقيقته) ليلحق بكليته الجامعية المرموقة التي اختارها له والده حتى يكون ذراعه الايمن في شركته الضخمة في الإمارات التي تقيم فيها الاسرة منذ سنوات طويلة.
بداية المأساة
وصل (ك) السودان وحط رحاله في إحدى الشقق بحي الرياض في الخرطوم وبدأ دراسته في الجامعة، كان يعيش وحده في الشقة ملتزما بمواعيد محاضراته وحريصا على التواجد في سكنه منذ وقت مبكر مع امتناعه عن السهر مع الاصدقاء وعلى تواصل دائم مع أسرته بالهاتف.
شاءت الاقدار أن يتعرف على أحد الطلاب من داخل الجامعة لتربط بنهما بمرور الوقت علاقة صداقة متينة جعلت الصديق الجديد يحمل حقائبه ليسكن مع صديقه في الشقة.
لم يكن يدري بان بداية الصداقة هذه ستكون نهاية لمستقبله، وذلك بعد أن إتضحت حقيقة صديقه الجديد بتعاطيه لـ(البنقو والشاشمندي) ليجرف معه صديقه (ك) بعد أن وجده هشا وضعيفا سهل الانقياد وانه سيكون داعمه المادي لشراء المخدرات التي تطورت فيما بعد لتعاطي (الآيس) الذي كان القشة التي قصمت ظهره وظهر أسرته التي لم تعلم ما يحدث مع ابنها الا بعد فوات الاوان.
نهاية شنيعة
عندما علمت الاسرة بتغيب أبنها عن الجامعة وكثر طلباته لمبالغ مالية كبيرة وقبلها قطع إتصالاته مع أسرته وتجاهل إتصالاتهم له، قرر الاب المجيء الى السودان ليحزم حقائبه ويصل حيث يقيم ابنه، الا أنه تفاجأ به في وضع صحي سئ يحسد عليه، لم يتمالك الاب نفسه فسقط مغشيا عليه ليتم نقله للمستشفى ليؤكد الاطباء وجود مشاكل في القلب تسببت بعد أيام في وفاته، فيما عانت والدته المصابة بالضغط ومرض السكر بدخولها في غيبوبة حتى ماتت، ليقرر شقيقه الاكبر نقل أخيه الذي ساءت حالته الصحية لاحدى مصحات علاج الادمان بمصر الا أنه توفي هو الاخر بسبب مضاعفات خطيرة كان مخدر (الايس) السبب الرئيسي حسب تقرير الاطباء.
فتيات مدمنات
لم يقتصر تناول مخدر (الآيس) على الذكور فقط بل تمدد حتى على الجنس الناعم وأصبحن هناك فتيات مدمنات له، وثمة وقائع حدثت مع ثلاث فتيات من جامعات مختلفة، أثنان منهن يقيمان مع أسرهن في الخرطوم والثالثة تقيم في إحدى الشقق المفروشة بأم درمان برفقة عمتها التي جاءت من إحدى ولايات السودان للعيش معها نسبة لاقامة والديها وأشقائها بالسعودية.
جمعت بين (م ) و(ح) و(ف) علاقة صداقة وطيدة منذ السنة الاولى في الجامعة وأمتدت لاسرهما مما جعل (ف) و (ح) يأتين للمبيت مع (م) في شقتها عند غياب العمة لزيارة الاهل في أركويت وجبرة .
طريق الإدمان
في إحدى الايام عرض شخص تربطه علاقة عاطفية مع (ح) وكانت تزوره في شقته بتناول (الايس) الذي أدمنه مؤخرا، الا أنها رفضت لكنه أجبرها بإلحاحه الشديد حتى وافقت لتعتاد عليه وتجربه مرة واثنتان وثلاثا حتى أصبحت مدمنة له لتجرف معها (م) وذلك بطلب من حبيبها نسبة لوضعها المالي الجيد لاستنزافها حتى يستطيعوا توفير المخدر الذي يقوموا بشرائه من شخص يلتقونه ليلا في شارع النيل قبالة كوبري الحلفايا.
بعدها اختفى الشاب عن حياة (ح) لتبدأ رحلة البحث عن بديل يوفر لها المخدر فوجدته، الا أنه قام باستنزافها وصديقتيها اللائي قمن ببيع ما يملكن من ذهب (غويشة، سلاسل، ختم) وتطور الامر بان تختلق (م) الاكاذيب لاسرتها في السعودية بأنها تساعد صديقتها في اكمال رسومها حتى يرسلوا لها مبالغ مالية أكبر.
دروب الضياع
بدأت عمة (م) تحس بأن هناك شيئا غير طبيعي بعد أن ظهر الفتور والاعياء والنحول في شكل (م) ورفضها تناول الاكل وتغيبها عن المحاضرات، بدأت العمة برصدها بالتصنت على إتصالاتها وتتبعها منذ خروجها من الشقة حتى عودتها لتعلم بعدها بالحقيقة التي كانت بمثابة صدمة لها لتخبر شقيقها فورا مايحدث مع ابنته التي أصبحت طريحة فراش المرض تعاني من نوبات وتشنجات وحالات هياج شديد بسبب تعاطيها لمخدر الايس، الامر الذي جعل الاب يطلب من العمة أن تجهز نفسها للسفر مع إبنته الى السعودية لعلاجها هناك في الوقت الذي قامت فيه اسرة (ح) بمنعها من الجامعة، بعد أن تدهور وضعها الصحي بسبب المخدر وإرسالها لجدتها في إحدى ولايات السودان للعيش معها مع رفض علاجها نهائيا نسبة لتشدد الاب الذي يرى بانها اتت بسمعتهم الارض وينبغي أن تذهب بلا رجعة.
إختفاء وغموض
في الوقت الذي اختفت فيه (ف) في ظروف غامضة وذلك بعد أن علم أشقاؤها بتعاطيها لذلك المخدر من خلال اتصال هاتفي وردهم من شخص مجهول بان يلحق أخته قبل أن يقتلها (الايس) وكانت وقتها قامت بسرقة سلسلة ذهبية تخص والدتها لشراء المخدر، وعندما علم شقيقها الاكبر بذلك قام بضربها ضربا مبرحا خرجت على أثره من المنزل الى وجهة غير معلومة ولم تعد حتى الان، فيما رفضت الاسرة نشر أي صورة لها في تساعد في العثور عليها، لاعتقادهم بانها أشانت سمعة الاسرة لذا لن يبحثوا عنها لانها خرجت بارادتها – حسب قولهم -.
الخوف من المجتمع
قصة (م) تختلف بعض الشيء عن سابقيه فهو شاب في مقتبل العمر ترك الدراسة الجامعية رغبة منه، وبدأ في العمل مع والده في مجال سمسرة السيارات وهناك التقى ببعض الزبائن ممن يقومون بترويج الايس ليلا في إحدى الكافيهات الشهيرة وسط الخرطوم بعد ان توطدت علاقته بهم، لتبدأ رحلة الادمان التي قضت على الاخضر واليابس مما أدخره للزمن، وعلمت أسرته مؤخرا بتعاطيه، الا أنهم فشلوا جميعا في إقناعه بتركه و ظل يتمادي في الادمان، ليضطر والده ابعاده عن العمل معه لجلبه كثير من المشاكل وطرده من المنزل ليصبح عاطلا عن العمل مع تدهور وضعه المادي ليقرر الذهاب لمنزل جده لامه التي أحتوته، الا أنه كان يقوم بسرقة كل ثمين يقع تحت بصره ليتم طرده مرة أخرى من المنزل حتى اصبح منبوذا في الاسرة.
لم يمر وقت طويل عندما شعر بالضياع، فاقتنع بالذهاب لمصحة علاج الادمان لتلقي العلاج الذي لم يكتمل حتى الآن، الا أن وضعه الصحي مستقر وبدأ في التعافي مع رغبته في أن يكون إنسانا صالحا في المجتمع حسب حديث والدته التي تلازمه في المصحة وفضلت حجم اسمها.
عائد من الادمان
ليس العيب في أن يخطئ الانسان ويستفيد من خطئه ولكن العيب أن يتمادي فيه ويتضح ذلك من خلال قصة (ك،ص) الذي يبلغ من العمر ٢٨ عاما، ويعيش وأسرته في أمريكا، قرر والده قضاء إجازتهم السنوية في السودان وبالفعل عادوا ليتعرف في وقت وجيز على بعض الشباب في الحي الذي يقيم فيه وكانوا يتعاطون كل أنواع المخدرات باحدى الشقق في منطقة بحري، لينجرف معهم في التعاطي حتى أتاهم أحدهم بمخدر الايس، فبدأ بتعاطيه حتى الادمان، لتدخل الاسرة في دوامة البحث عن علاج وهنا يقول (ك) :(علمت أسرتي بانني أتعاطى الآيس وذلك بحكم عمل والدي كطبيب لاحظ التغييرات التي بدات تظهر في ملامحي حتى وصولي مرحلة العزلة والهياج واحيانا الضرب وتكسير كل أثاثات المنزل في حال عدم أخذ الجرعة وكانت حالتي أقرب للجنون، ليلحقني والدي باحدى المصحات المعروفة بواسطة أحد أصدقائه، في بداية العلاج تعبت كثيرا لكنني صمدت حتى أبلغ الصحة بعد أن رأيت الموت بأم عيوني وشعرت بالندم لانني تسببت في تأخر عودة الاسرة لامريكا التي سأخضع فيها هناك لفترة نقاهة بإحدى مشافي علاج الادمان كما تسببت بأذى نفسي شديد لاسرتي قبل أن أسيؤ التعامل مع نفسي.
اختتم (ك) حديثه بكلمات :(أتمني من الشباب الحذر ثم الحذر من تناول وأدمان أي نوع من المخدرات فهي مدمرة و قاتلة والاعتقاد بها في تحقيق الاحلام ونسيان المشاكل مجرد وهم كبير)..
الخرطوم: محاسن أحمد عبد الله
صحيفة السوداني