سياسية

وسط انتقادات واسعة لاستخدام الأطفال في الحشود السياسية .. تحقيق يكشف عن ثغرات في قانون الطفل


قانونيون: استغلال الأطفال في المظاهرات مرفوض في كل القوانين الدولية
خبير اجتماعي: الزج بالأطفال في الصراعات السياسية انتهاك لحقوقهم
حقوق الإنسان: عديمو المأوى وأطفال الخلاوي الأكثر استهدافاً
مجمع الفقه: استغلال الأطفال في التظاهرات أو غيرها لا يجوز شرعاً

تحقيق: خديجة الرحيمة

لفتت ظاهرة استخدام أطفال الخلاوي، والأطفال بصفة عامة في الحشود انتباه قانونيين إلى ما وصفوه بثغرات في قانون الطفل، وفيما أجمعوا على استنكار الظاهرة، التي وصفوها بالاستغلال، دعوا إلى ضرورة سن مواد قانونية تجرّم مثل هذا السلوك صراحة.

وفي حين اعتبر مجمع الفقه أن استخدام الأطفال في الحشود السياسية والمظاهرات ممنوع شرعاً، لفت قانونيون إلى أن كل القوانين والمعاهدات الدولية تحرم استغلال الأطفال في أي من أشكال السياسة.

وكشف تحقيق أجرته (الحراك) عن وجود ثغرات وتجاوزات بقانون الطفل، وأكد قانونيون تجريم استغلال الأطفال في المظاهرات. وأشاروا إلى أن مسؤولية الطفل محدودة إذا قام بارتكاب أي جريمة أو أعمال تخريبية، محملين المسؤولية للشخص الذي قام باستغلاله. وأكد رئيس مفوضية حقوق الإنسان رفعت الأمين أن استخدام الأطفال في التظاهرت أصبح مسألة متكررة، مشيراً إلى أن الفئات المستغلة هي من فئات مناطق الهشاشة وعديمي المأوى وأطفال الخلاوي، لافتاً إلى أن هذا يتعارض مع حقوق الطفل والقوانين والمعاهدات الدولية، منوهاً إلى أن استغلال الأطفال في الأعمال السياسية التي يمكن أن يحدث فيها أي نوع من العنف مرفوض في كل القوانين الدولية. وتابع نتأسف بكل تأكيد على ما يحدث من استغلال للأطفال، مطالباً بأن تكون هناك قوانين تجرم وتعاقب كل من يستغل طفلاً في هذه الأعمال. من جانبه أقر مسؤول ملف التشرد بالمجلس القومي للطفولة فتح الرحمن محمد بابكر بوجود ضعف وثغرات وكثير من الجوانب غير المغطاة في قانون الطفل 2010، مشيراً إلى أن المجلس بدأ الآن بتغطية هذه الجوانب وإضافة كثير من المواد في القانون، لافتاً إلى أن مشاركة الأطفال في التظاهرات تعتمد على معايير منها درجة وعي الطفل. وقال إذا كانت المسألة معقدة لا يستطيع أن يدلي فيها الطفل برأيه فمشاركته مرفوضة. وفي هذا السياق أكد مسؤول الدائرة القانونية بمجمع الفقه أحمد عبدالحميد عمد جواز استغلال الأطفال في التظاهرات، باعتبارها حرباً كلامية معتبراً ذلك استغلالاً ليس في مكانه.

حق مكفول:

وبالحديث عن استغلال الأطفال قانونياً يقول الخبير القانوني آدم بكر إن حق التظاهر مكفول لأي أحد، مشيراً إلى أن استغلال الأطفال في أي عمل سياسي مرفوض قانونياً، لافتاً إلى أن الطفل إذا تظاهر بنفسه فهذا حق ولا يوجد ما يمنع ذلك وسوف يكتسب ثقافة وطنية، مؤكداً أنه إذا تم استغلاله فالقانون يرفض ذلك وإذا ارتكب الطفل أي نوع من الجرائم أو أعمالاً تخريبية فلا يجرم الطفل، وإنما يعاقب من استخدم الطفل في ذلك. وأضاف إذا قام الطفل بتخريب أو سرقة شيء أو غيره فمسؤوليته محدودة والاستغلال يصبح جريمة إذا قام الشخص بتحريض الطفل، مؤكداً وجود تحريض للأطفال في جرائم متنوعة. وتابع الأطفال محميون بقانون الطفل وظهورهم في المواكب حق مكفول، والقانون لم يحدد أعماراً للتظاهرات.

ضعف وتجاوز:

وعن استغلال الأطفال يقول الخبير القانوني محمود حسن أحمد إن استغلال الأطفال في عمل عام سواء كان سياسياً أو غيره غير مقبول، ولا يتماشى مع قوانين حقوق الإنسان، باعتبار أن الطفل لم يكتمل عقلياً وجسمانياً، مشيراً إلى أن القوانين تمنح حق العمل السياسي للفئات فوق سن الثامن عشر، أما دون ذلك مرفوض. وتابع للأسف كل الجهات أصبحت تستغل الأطفال خاصة أطفال الشوارع والفقراء والمساكين. وقال من يحمي الأطفال في المقام الأول الله ثم المجتمع، مؤكداً وجود قوانين لحماية الطفل ولكنها غير مطبقة. وتساءل القانون موجود ولكن من الذي يطبقه، مقراً بوجود ضعف في القوانين خاصة قانون الأسرة والطفل والمرأة، وقال هناك تسيب وترهل في تطبيق القوانين كما أن هناك تجاوزات في القانون. وأوضح أن الطفل لديه حقوق قبل أن يولد منوهاً إلى أنه لابد من إعادة النظر في تطبيق القوانين بالبلاد.

قصور وإعادة:

وفي هذا الإطار يقول الخبير القانوني أحمد الأمين البلاد بحاجة إلى إعادة صياغة لكل القوانين، مشيراً إلى أن قانون الطفل المعدل في العام 2010 تحدث عن الجانب الجنائي فقط، مقراً بوجود قصور في قوانين الطفلز وقال لابد من وجود قانون يحمي الطفل ويحصنه تحصيناً تاماً مؤكداً أن استغلال الأطفال من حيث المبدأ القانوني مرفوض وأن الطفل دون سن السابعة عشر غير مسؤول قانونياً، وأن المسؤولية تقع على ولي الأمر سواء كانت مدنية أو جنائية، لافتاً إلى أنه ومن الناحية الدينية حتى الفرائض تدرج الشرع فيها بالنسبة للأطفال، وأكد أن ما يحدث في الساحة السياسية الآن ليس له علاقة بالدين. وتابع الذين يسوقون الأطفال بحجة التعبير عن الرأي فهذه حرية غير مطلقة. وأردف إذا نظرنا لموكب 16 أكتوبر معظم المشاركين من طلاب الخلاوي وأطياف مختلفة، وهم لا يعلمون لماذا أتوا وماذا يريدون. وقال ما يحدث مرفوض في كل القوانين ونوه إلى أن استغلال الأطفال يخالف لكل القوانين الدولية وقوانين الطفل، لأنه في مرحلة لا يدرك فيها نتائج أفعاله. وأضاف إذا حدثت كارثة مثل في الاعتصام أو أي نوع من الاحتكاك مع القوات النظامية، فالمسؤولية تقع على من قاموا باستغلالهم. وأوضح أن إسقاط الحكومة لا يتم عن طرق استغلال الأطفال، مبيناً أن أطفال الخلاوي أتوا من أجل تعليم القرآن وليس المشاركة في أي عمل سياسي لتحقيق أهداف ما، محملاً ما يحدث لشيوخ الخلاوي الذين انصاعوا وراء المستغلين. وقال هذه الظواهر سالبة وينبغي على كل التيارات السياسية بصورة واضحة وصريحة أن تكون بعيدة عن الأطفال. وتابع ماذا يعني أن يطالب وزير بحل الحكومة وهو داخلها، كان يمكن أن يطالب بذلك في داخل الاجتماعات، متمنياً من كل التيارات ممارسة السياسة بعيداً عن الأطفال.

انتهاك حقوق:

بالمقابل قال الخبير الاجتماعي أشرف أدهم إن الأطفال في المجتمعات الإنسانية يعتبرون لبنات المستقبل وتسعى المجتمعات إلى تربيتهم من النواحي الصحية والتربوية وغيرها، حتى يصبحوا مواطنين صالحين، مشيراً إلى أن ما يحدث في دول العالم الثالث هو انتهاك لحقوق الطفل، على الرغم من أن قانون الطفل حرم استغلال الأطفال واستخدامهم في أي أعمال شاقة. كما شدد القانون على تحريم استخدامهم في الأنشطة السياسية والعسكرية التي من المتوقع أن يحدث فيها عنف، لافتاً إلى أن حادثة استخدام الأطفال في المواكب التي نظمت في 16 أكتوبر مخالفة لقوانين حقوق الطفل والمعاهدات الدولية، واعتبر ذلك استغلالاً غير مقبول اجتماعياً باعتبار أن هؤلاء الأطفال لم يأتوا مع أسرهم. وأردف الأطفال الذين شاركوا في هذا الموكب كأنما تم إجبارهم، ووصف ذلك بقمة الانتهاك لحقوق الطفل متمنياً ألا يتكرر ذلك مستقبلاً بواسطة السياسيين، لأنها تدل على عدم نضجهم. وتابع نتمنى من السياسيين أن يبتكروا هذه التنظيمات السياسية لجماهير حقيقية.

استغلال متعارض:

وفيما يتعلق باستخدام الأطفال في التظاهرات أو أي عمل سياسي يقول رئيس مفوضية حقوق الإنسان د. رفعت الأمين، إن استخدام الأطفال في التظاهرات أصبحت مسألة متكررة، مشيراً إلى أن الفئات المستغلة هي من فئات مناطق الهشاشة وعديمي المأوى وأطفال الخلاوي، لافتاً إلى أن هذا يتعارض مع حقوق الطفل والقوانين والمعاهدات الدولية، منوهاً إلى أن استغلال الأطفال في الأعمال السياسية التي يمكن أن يحدث فيها أي نوع من العنف، وقال نتأسف بكل تأكييد على ما يحدث من استغلال للأطفال مؤكداً أنهم قاموا بمخاطبة وزارة الداخلية والنائب العام وحماية الأسرة والطفل وكل الجهات المختصة، بما يتعلق من استغلال واستخدام الأطفال في التظاهرات، مطالباً بأن تكون هناك قوانين تجرم وتعاقب كل من يستغل طفلاً في هذه الأعمال، موضحاً أن هذا الاستغلال مرفوض من ناحية أخلاقية وقانونية. وتابع كل قوانين العالم تقول إن المشاركين في المواكب والتظاهرات لابد أن تكون أعمارهم فوق سن الثامنة عشرة، متوقعاً وقوع أي نوع من العنف على الأطفال متمنياً أن تكون كل التظاهرات سلمية وخالية من العنف.

ضعف وثغرات:

وفيما يتعلق بقانون الطفل يقول مسؤول ملف النشر بالمجلس القومي للطفولة فتح الرحمن محمد بابكر، إن هناك ضعفاً وثغراتٍ وكثيراً من الجوانب غير المغطاة في قانون الطفل 2010، مشيراً إلى أن المجلس بدأ الآن بتغطية هذه الجوانب وإضافة كثيرمن المواد في القانون، لافتاً إلى أن مشاركة الأطفال في التظاهرات تعتمد على معايير منها درجة وعي الطفل. وقال إذا كانت المسألة معقدة لا يستطيع أن يدلي فيها الطفل برأيه فمشاركته مرفوضة، كما أنه إذا كانت المشاركة يمكن أن تعرض حياة الطفل لخطر فهذا مرفوض في كل القوانين الدولية، مؤكداً أن المسؤول الأول هو الشخص الذي قام باستغلاله. وأردف المعايير الدولية للتعامل مع الأطفال تقول إنه إذا كان الطفل يمكن أن يدلي برأيه فهذا لا مانع منه، أما إذا كان لا يستطيع الإدلاء برأيه في المسألة المعقدة مثل الوضع الراهن بالبلاد، ويمكن أن يعرض حياته للخطر فهذا مرفوض.

لا يجوز:

وفيما يتعلق باستغلال الأطفال في التظاهرات من الناحية الدينية يقول مسؤول الدائرة القانونية بمجمع الفقه الإسلامي أحمد عبدالحميد، إنه إذا تم قياس ذلك بمواقف أخرى في الإسلام فاستغلال الأطفال في التظاهرات غير صحيح دينياً، معتبراً ذلك استغلالاً ليس في مكانه باعتبار أن التظاهرات حرب كلامية، ولا يصح استغلال الأطفال في الحرب. وأكد أن استغلال الأطفال في التظاهرات أو غيرها لا يجوز شرعاً، لأن الأطفال غير مكلفين بذلك كما أن ذلك يمكن أن يعرض حياتهم للخطر.

صحيفة الحراك السياسي