آمال عباس يكتب: وقفات مهمة.. طبقة النساء (3)
من العُمق العاشر
آمال عباس
وقفات مهمة.. طبقة النساء (3)
نواصل نقاشنا لمفهوم قضايا المرأة ووضعها على مر التاريخ, بعد أن وقفنا الأسبوع القبل الفائت في عصر النهضة وأثره على المفاهيم الاجتماعية.. وارتفاع بعض الأصوات الرجالية إلى جانب حق المرأة في العمل والعلم.
ويومها تشكّلت تجمعات مهنية تعارض عمل النساء وتعتبر خروج المرأة للعمل مزاحمة خطرة على الرجل وعلى مملكته الاقتصادية.. وحتى اللائي كن يعملن كانت أجورهن أقل ومحرّم عليهن الوصول الى مرتبة (الرئيسة) أو الأسطى.. وهذه المعاملة جعلت الكثير من النساء يعتمدن على الأشغال اليدوية, والغزل والحياكة داخل منازلهن.
وكانت الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر واسعة المجال نوعاً لعمل المرأة.. ولما أتت الثورة الصناعية بالآلات الكبيرة للغزل والحياكة اضطرت النساء للخروج للعمل مع قبول شروط العمل المجحفة التي اشترطها صاحب المصنع أو العمل على النساء والأطفال.. ومن الأصوات الكبيرة التي تركت أثراً واضحاً على مسار الحركة النسوية العالمية الثورة الفرنسية.. فقد كان دور النساء الفرنسيات واضحاً, فالعاملات وبائعات سوق الخضار اقتحمن في الخامس والسادس من أكتوبر 1781م أبواب المجلس البلدي مطالبات بالخبز.. ثم قدن مسيرة قوامها 8000 إلى قصر فرساي. وفي هذا يقول الكاتب الذي ناصر قضية المرأة في ذلك الحين وهو ميشليه (اذا كان الرجال قد استولوا على الباستيل فإن النساء قد استولين على المملكة).
وهذه كانت اللبنات الأولى في بناء الحركة النسوية العالمية وعندما صدر إعلان حقوق الإنسان كان لرائدات الحركة النسوية الفرنسية مواقف وآراء ومطالب, وتقول أوليمب دي فوج (ان المرأة تولد حرة وتظل مساوية للرجل في الحقوق.. مبدأ كل سيادة يكمن جوهرها في الأمة التي ليست هي غير اجتماع المرأة والرجل.. والمواطنات جميعاً والمواطنون جميعاً المتساوون أمام القانون ينبغي أيضاً أن تفتح أمامهم أبواب المناصب والوظائف العامة كافة حسب كفاءاتهم ودونما تمييز غير فضائلهم ومواهبهم إن من حق المرأة أن تصعد إلى المنبر.. أيتها النساء استيقظن).
وكان أن نالت حق الموت من فوق المقصلة قبل رفيقاتها.. فقد حكم على أوليمب دي فوج وروز لاكومبي بالإعدام شنقاً وقررت الحكومة حل وحظر الجمعيات النسوية عموماً وقال نابليون (إن الطبيعة قد جعلت من نسائنا عبدات لنا.. ومن حق الزوج أن يقول لزوجته سيدتي لن تخرجي اليوم.. لن تذهبي إلى المسرح.. لن ترى هذا الشخص او ذاك.. وبعبارة أخرى سيدتي انت ملكي روحاً وجسداً).
وصور باذاك وضع المرأة أصدق تصوير, اذ قال (إن قدر المرأة ومجدها الأوحد أن تجعل قلوب الرجال تخفق.. المرأة ملك يمكن اقتناؤه بالتعاقد ملك منقول, وليست المرأة خاتمة المطاب وبدقيق العبارة غير ملحق للرجل).
ومع مساهمة النساء في الثورة وما لاقينه من معاملة وصلت حد الإعدام والتندر والتفكه كما فعل مولير في روايته (النساء العالمات), وكما أن الشاعر وفيد والذي اعتبر مُعتدلاً وصف المرأة التي تستحق الحب على أنها هي التي تتعلّم قليلاً من الكتابة وقليلاً من الغناء وقليلاً من العزف على العود.
وبعد هذا كله وقع الكثير من الذين يُنادون بحقوق المرأة وتحررها.. وقعوا في اليأس والتخبط.. فأدانوا لك المُجتمع.. وكان على رأس هؤلاء سان سيمون وفوربيه في فرنسا وأخذوا مع أتباعهم يعالجون القضية من جوانب مختلفة قادتهم أخيراً إلى نفس الخيبة التي بدأوا منها.. فقد كانوا يُنادون بالمتع الحسية باعتبار أن ما خلقه الله لا يمكن أن يكون رجساً وأن الجسد شأن الروح من خلق الله.
ولذا غاب عن تصوُّرهم غياباً كاملاً دور المرأة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية ولم تعد تعني في نظره إلا رمزاً للجسد الذي كان أتباع سان سيمون يتغنون به.
أما فيرويبه فيحدد في كتابه نظرية الحركات الأربع الذي يفهم به القضية ويقول (التقدم الاجتماعي والتغييرات المرحلية تتم حسب تقدم النساء نحو الحرية وانحطاط النظام الاجتماعي تابع لنقصان حرية النساء.. إن توسيع امتيازات النساء هو المبدأ العام لكل تقدم اجتماعي).
أيضاً في العالم الصناعي والشركوي الجديد إن التناغم لن تفرق كما اقترفنا نحن حماقة استبعاد النساء من مجالي الطب والتعليم لحبسهن في أشغال الإبرة والخذف، فهو يدرك أن الطبيعة توزع على الجنسين بحصص متساوية قابلية العلوم والفنون, وعلى هذا فإن الفلاسفة يريدون بهتاً وعدواناً أن يستبعدوا أحد الجنسين في مجال من المجالات هم أشبه بأولئك المعمرين الأشرار الذين يزعمون بعد أن يكونوا قد بلدوا بالتعذيب زنوجهم المبلدين أصلاً بالتربية الهمجية, إن هؤلاء الزنوج ليسوا على مستوى الجنس البشري, إن رأي الفلاسفة بالنساء صحيح بمقدار رأي المعمرين بالزنوج.
ولم يصل فوريبه إلى نهاية الطريق أيضاً قد خلط بين تحرر المرأة والإباحة كما فعل السان سيمونيون, فطالب بانعتاق المرأة وبالمساواة الحقوقية بين الجنسين وبحرية العواطف والعلاقات الجنسية.
إذن تخبط الاشتراكيين الخياليين “الطوبائيين”, عكساً صادقاً لتلك المرحلة من الرأسمالية التي يحاول فيها الخيال بنزواته الجانحة أن يحل محل الشروط الموضوعية للتغيير.. وبها لم يكن للاشتراكيين الخياليين إلا أن يتخيّلوا جنات وهمية.
نواصل الأسبوع القادم.
من التراث:
في مدخل المتحف القومي تؤكد خرطة الآثار أن السودان عريق.. عريق.. وله تاريخ مجيد وحضارة ضاربة في أعماق ما قبل التاريخ.. الخرطة تقول:
آثار ما قبل التاريخ: بارا, جبل أبو سنون, المزروب, جبل العطشان, القطينة, الشهيناب, أم حروت, جبرت سعيد, كيما, واره, سريف, جرجيرة وجبل عوينات.
آثار العصر الفرعوني:
عكشة, ديدة, بوهين, جبل الشيخ سليمان, سمنة, أرونارت, تركة, تمس, كوة, البركل, نبتة, نوي, صاي, صلب, سيبلا, آثار العصر المسيحي: غزالي, كلب, دنقلا العجوز, ود بانقا وفرس.
آثار العصر المروي: التقة, المصورات, مروي مطميمرام علي, أرقو, صاندقا, آثار عصر الفور: شويا, طرة, ماتجورا وراجر فستتح.
مربع شعر:
فتاة تدعي (بدري النخل) هجرها زوجها ويسمى ود بنقالي وقال الحاردلو هاجئاً لها:
العتب الكتير يا بدري لي السماكي
ماشاف النخل وكتين يميل متاكي
كان خلقك تمام ومصدقات دعواكي
ود بنقالي كان أقعد تملي معاكي
صحيفة الصيحة