تحقيقات وتقارير

مليونيات الثورة .. العنف مستمر بأشكال جديدة


تمضي مواكب الديسمبريين بوتيرة متصاعدة نحو تحقيق الغايات وترتفع أسهم قيمتها في تغيير دفة الأحداث بالبلاد من خلال الالتزام بالتصعيد الثوري وسلمية المواكب وتقديم النموذج المختلف والتمسك بنقاء وأهداف الثورة الظافرة على الرغم من العنف الذي تواجه به المواكب من قبل القوات النظامية، المشاهد والصور التي يرسمها الثوار ولجان المقاومة في الحراك الجماهيري الرافض للاتفاق السياسي بين رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وقائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان تؤكد أن المسيرة نحو تحقيق الأهداف المنشودة ماضية ولن تعرقلها كافة الخطط والدسائس الهادفة إلى شق صفوف الثوار وتلفيق التهم إليهم ومحاولات جرهم نحو العنف وغيرها من الأساليب المتبعة الآن من قبل أعداء الثورة في قتل الروح الثورية وأحلام وتطلعات الشباب الطامحين في بناء دولتهم المدنية التي ينعموا فيها بالعدالة والحرية والسلام والرفاء.

لوحة أم درمان
أمس الأول تحولت أم درمان إلى لوحة في غاية البهاء رسمها شباب الثورة بملامح تحكي عن إيمانهم القاطع بمواصلة الطريق نحو المستقبل والتغلب على كل التيارات والمجموعات الساعية إلى إعادة عقارب الزمن للوراء وعرقلة التحول الديمقراطي الحقيقي، وأثبتت المواكب التي تلت الاتفاق السياسي أن الديسمبريين وشباب الثورة رقم يصعب تجاوزه في المعادلة السياسية بالبلاد فلاغنى عن وضعهم في الصورة والإنصات بتروي ودون وصاية لمطالبهم وآمالهم وأهدافهم والعمل معهم على تحقيقها بدلاً عن مصادرة حقوقهم ومحاولة كسر شوكتهم بالممارسات القبيحة التي ظلت تواجههم في الأسابيع الماضية، والتي لم تنجح في إخماد جذوة الثورة أو التراجع عنها فمع كل موكب جديد تكسب الثورة مزيداً من الزخم والالتفاف حولها ومناصرين جدد. وشكل استقبال لجان مقاومة أم درمان لثوار بحري الإثنين نقلة نوعية في شكل تنظيم المواكب أكد تميز الشباب وقدرتهم على الإبداع وتنظيم صفوفهم كما أنهم أثبتوا وحدة كلمتهم وثباتهم على المبادئ والأهداف.

ممارسات غريبة
وعلى الرغم من تمسك الثوار بسلاح السلمية وغياب حوادث القنص خلال المواكب الأخيرة لكن ثمة ظاهرة خطيرة أصبحت أمراً ثابتاً مع مغيب شمس يوم المواكب ففي كل مرة وعقب تفريق المليونيات تقع أحداث وممارسات غريبة من قبل بعض أفراد القوات النظامية وينقل شهود عيان لـ(السوداني) مشاهد عن حوادث نهب وترصد للثوار بعد انتهاء المواكب فضلاً عن تعرض محلات تجارية وطبالي لسرقات من قبل القوات المنتشرة في تمشيط الشوارع المحيطة بموقع الموكب، ويؤكد الشاب أحمد بدوي أن إهانة الشباب والتعرض لهم بالجلد واقتلاع هواتفهم وأموالهم تحولت إلى ظاهرة ثابتة في المواكب. ويشير إلى أنه نجا من عدة محاولات لاقتلاع هاتفه بالركض مسرعاً، مشيراً إلى أن أغلب الحوادث تقع بعد حلول الظلام سيما في قطوعات الكهرباء كما حدث أمس الأول في محيط شارع القصر وضد أشخاص في شوارع فرعية تكون في العادة قليلة الحركة ولا يمكن توثيقها لأن الضحايا دوماً يكونون تحت التهديد والجلد ولكن البدوي يشير إلى أن بعض المواقع بها كاميرات مراقبة يمكنها رصد تلك الحوادث،لافتاً إلى أن أصحاب محلات تجارية وطبالي صغيرة اشتكوا من تعرضهم لذات الممارسات رغم أنهم لم يكونوا مشاركين في المواكب.

ممارسات دخيلة
ما يجري من ممارسات دخيلة عقب كل موكب يفسر بحسب مراقبين بأنه طبيعي ورد فعل غير مستغرب من بعض أفراد القوات النظامية الذين يستقوون بالسلطة ويحاولون تفريغ شحنات الغيظ والامتعاض السالبة التي تسيطر عليهم في وجه الثوار فضلاً عن أنها تحسب واحدة من الممارسات التي لا يمكن تعميمها على كل القوات فهي تصدر من أفراد يعملون في تمشيط الشوارع وليس هناك متابعة لهم من قبل القادة المسؤولين عن القوة وهذا الأمر بحسب هؤلاء لا يعتبر مبرراً لكي تقع مثل هذه الأحداث ولكن في الوقت نفسه تبقى المسؤولية فيها فردية وينبغي أن تعمل إدارة القوات على الحد منها بإلغاء عملية تمشيط الشوارع المخيطة بالمواكب بعد تفريقها والارتكاز في مناطق محددة وأن تكون كل القوة تحت أنظار القادة.

أحد أعضاء تنسيقية لجان مقاومة الخرطوم فضل حجب اسمه قال في حديثه لـ”السوداني” إن ما يجري من سرقات ونهب للشباب يشكل سابقة لم تكن موجودة في طيلة المواكب السابقة وحتى خلال أيام الإنقاذ لم يحدث أن رصدت سرقات أو نهب لشباب الثورة على الرغم من القتل والتنكيل والاعتقالات والملاحقات من الأجهزة الأمنية، ولكن ما يحدث حالياً عقب انقلاب 25 أكتوبر أمر مرفوض ولا يقل جرماً من قنص الثوار وإراقة دماء الشباب السلميين. محدثنا يطالب القوات الأمنية بالترفع إلى مستوى المسؤولية والاكتفاء بممارسة مهامها المؤملة لها بتفريق المواكب وعدم اللجوء إلى ممارسات السرقة والنهب وجلد الثوار في الشوارع باعتبار أنها لن تنجح في كسر شوكة الثورة وستزيدها اشتعالاً وتمسكاً بالسلمية حتى سقوط كافة أعداء الشباب والتغيير نحو دولة مدنية كاملة تكون فيها السيادة فقط لحكم القانون ولا مكان فيها للوساطة والجودية والطبطبة على المجرمين.

معاداة الثورة
وتطرح تهاني الأمين سؤالاً مفاده لماذا يقوم بعض أفراد هذه القوات بنهب الناس بعد المواكب هل بسبب الفقر والعوز أم أن الأمر له علاقة بالحالة المزاجية العامة لدى بعض أفراد القوات النظامية الذين لا يعترفون بالثورة والتغيير ويسعون جاهدين لعرقلة المسيرة، وتقول إن الخيار الثاني يعد راجحاً بالنظر إلى أن الفساد والنهب أساساً مستشرياً في كل مرافق الدولة وأن معاداة الثورة ومحاربة التغيير من أولى أهداف القوات النظامية التي نمت وتمددت في عهد الإنقاذ وبالتالي فإن أهداف الثورة المجيدة والمستمرة في محاربة الفساد والوصول إلى دولة القانون والعدالة ستنهي ممارسات كثيرة سائدة وستعطل مصالح ضخمة لهؤلاء مما يتطلب السعي بجد وبكل السبل لوأد أهداف الثورة وقتل طموحات الشباب بكسر شوكتهم.

الخرطوم: مهند عبادي
صحيفة السوداني


تعليق واحد