فيسبوك

كان الخطاب السياسي تحشيدي، عاطفي، وبالضرورة غير عقلاني


ملاحظات عابرة عن ندوة الحرية و التغيير في شمبات:
١- حزمت أمري لحضور الندوة أملاً في أن أجد اجابات شافية عن ماهية الحرية و التغيير عقب الانقلاب، كالقوي المنضوية تحتها، والتركيبة المؤسسية الجديدة اللازمة لتنظيم العملية السياسية، لماذا انقسمت علي نفسها؟ ماهو دور المحاصصة السياسية في الشقاق؟ كيف يمكن تداركه؟ ما الذي تم و ماذا بعد، و غيرها من الأسئلة الملحة.
٢- علي النقيض، تفاجأت بخطاب شعبوي، عنتري، و خال من المضمون، و اذكر هنا تحديدا خطاب ماهر ابو الجوخ، و كذلك أجزاء من خطاب خالد عمر. بشكل عام، كان الخطاب السياسي تحشيدي، عاطفي، و بالضرورة غير عقلاني، وهو ما من شأنه أن يطرح سؤال حقيقي عن ماهية السياسة في السودان- ماهو دور السياسي؟ لا أقصد حديثي التجربة، بل قيادات الصف الأول. هل دورهم هو التحشيد أم تحديد المشاكل، و طرح حلول في قوالب سياسية؟ لم أجد أي فرق بين الخطاب السياسي للحرية و التغيير و بين أركان النقاش في الجامعات.
٣- ايضا، اتسم الخطاب بالتعالي كونه لم يتطرق للخلاف، او لنقل عدم التوافق، ما بين المؤسسة السياسية و لجان المقاومة. فهاتان المؤسستان- ان جاز التعبير- علي طرفي نقيض، عوضا عن تكامل أدوراهما لتضييق الخناق علي القوي الانقلابية. و هذا الامر تجلّي في سؤ التنظيم الذي صاحب الفعالية. يعلم الكل بأن هنالك مجموعات فاعلة في هذه اللجان لكنها ناقمة علي المؤسسة السياسية، و علي قيادات بعينها. في غياب الحوار الشفاف و الواضح بينهم و المجلس المركزي، لا أمل في الوصول لمساومة سياسية مع القوي الانقلابية دعك عن تغيير مؤسسي في هيكل السلطة. المجلس المركزي الان اشبه براكب الموج الذين ينتظر الموجة ليصعد عليها. بدلا عن ذلك، يجب علي القيادة السياسية أن تعمل بصورة جادّة مع المجموعات القاعدية و ليس عبرها، لتجهيز ميثاق سياسي معبر بحق و حقيقة عن الشارع.
٤- شاهدت حالة من الرعونة تجلت في اصرار المنظمين علي مواصلة الندوة برغم حالة الفوضي و الاحتقان المتصاعد، و الذي من شأنه أن يشكل خطراً علي سلامة الحضور، و أغلبهم من كبار السن. رأيت في تعنت المنصة و المنظمين دموية و رغبة في إراقة المزيد من الدماء للتكسّب السياسي. هذا الامر يعيد السؤال مرة أخري، هل دور السياسي رفع الممارسة السياسية ام الانحدار بها في جب الشعبوية و العنترية؟
٥- اخيرا، لا أود-و لا يجب- أن نقسو علي القيادات السياسية التي ولجت للحكم عبر الثورة، لأنهم رأس مالها و مستقبلها السياسي. من المهم أن نضع في الحسبان بأن الحديث في السياسية أمر، و ممارستها داخل أروقة الدولة أمر آخر، و هذا من مسببات الاخفاق. لكن يجب علي هذه القيادات، التي دفعتها التجربة و الرغبة في قيادة الانتقال الديمقراطي، أن تكون اكثر شفافية و انفتاحاً علي الشارع. فالاعتذار وحده لا يكفي. يجب ان يشمل الاسباب الحقيقية للانتكاسة السياسية، و أن يشمل كذلك فتح الباب علي مصراعيه للقوي القاعدية لتصحيح مسار العملية السياسية عبر صياغة ميثاق وطني يمثل الشارع و ليس النخب.

Haytham Karar


تعليق واحد