منى ابوزيد

منى أبو زيد تكتب : بالضبط كحذاء السندريلا..!

“يستحيل أن أقول ما أعنيه بالضبط”.. ت. س. إليوت..!

في أسطورة السندريلا يدرك الأمير بعد رقصة واحدة عاش تفاصيلها في حفل جماهيري، مع فتاة عابرة من رعاياه، أن تلك الفتاة هي شريكة العمر التي يتمنى أن يشيخ بقربها، فلا يستسلم للظروف ولا يقنعه المنطق القائل بضياعها من بين يديه، فيقرر أن يقلّب طوب الأرض بحثاً عن امرأة بمثابة قَدَرْ..!

مستعيناً في ذلك بمقاس فردة حذائها التي نسيتها ـــ أو ربما تناستها ــــ بخصوبة خيال المرأة الذي قد يخترق الحُجب ويبدد المستحيل، عندما يتعلّق الأمر برجل اختاره قلبها ثم قررت هي أن تكون نصفه الأبدي..!

حكاية الحذاء الذي لا يُطابق مقاس قدم أي فتاة سوى “سندريلا” تبدو مُوغلة في الرومانسية ـــ والتَنطُّع الدرامي الذي يليق بالأساطير ــــ إذا ما نحن أخضعناها لجفاف المنطق القائل بأنّ للأحذية مقاسات بأرقام مُحَدّدَة تُناسب جميع الأقدام المتقاربة في أحجامها، إنّما تبقى سذاجة تلك الرومانسية أقرب إلى النفس الأمّارة بالحب والجمال من رصانة المنطق “المسيخ”. ولكن

واحدة من أكبر مُشكلات العلاقات النسائية الرجالية في مجتمعنا هي إصرار الجانب الخشن منها على إسقاط فكرة حذاء السندريلا على واقعهم مع شريكات العاطفة والزواج. فالبعض منهم ــــ والذي يمثله عناد الأمير في تلك الأسطورة ـــــ يُصر على التمسُّك بفكرة أو رؤية وجدانية بعينها قد تضيق على بعض بنات حواء وقد تتّسع على بعضهن الآخر..!

من كوارث مؤسسة الزواج في مُجتمعنا أنّ بعض الرجال يتمسّكون بفكرة “الشريكة المُطابِقة”، الأمر الذي تتضاءل معه فرص نجاح غزواتهم العاطفية، وبالتالي فتوحاتهم الزوجية. مشكلة نظرية “فردة الحذاء العاطفي” تلك هي أنّ الأمير إيّاه قد يتعثّر بالسندريلا ذات المقاس المُناسب وهو يسير جنباً إلى جنب مع شريكة أخرى، منحته حياة عميقة متجذرة، ومفعمة بالتفاصيل التي يصعب ــــ أو يستحيل معها ـــــ أن يخلع حذاء عاطفته عن قدم هذه، ليضعه تحت قدمي تلك..!

لكنّ بعضهم – أي الرجال – يفعلون “يبدِّلون قدماً بقدم”، مُتناسين أنّ شريكة الحياة ليست قالباً مصبوباً من الأسمنت، وأنّ شخصية المرأة الشريكة ليست عجينة لدنة، نمتلك آليات إعادة تشكيلها وفقاً لمُعطيات شديدة الخصوصية والأنانية. وبالتالي فليس من العدل أبداً أن يلوم أحدهم إحداهن على اكتشافه المُتأخِّر لعدم ملاءمة تفاصيلها العاطفية والسلوكية لمقاييسه النفسية..!

معظم أبطال حكايات “الفِرَد العاطفية” تلك أشقياء بالضرورة لأنّهم يؤمنون بأنّ الروح نصف دائرة هائمة تبحث عن نصفها – الوحيد – المفقود. بينما يسعد أصحاب فلسفة “صناعة الشريك” أكثر، لأنهم يؤمنون بأنّ القليل من “التصليح” والسمكرة لا يضر، وبأنه لا شيء في مقاسات الشراكات الرجالية النسائية اسمه “بالضبط”..!

صحيفة الصيحة

تعليق واحد

  1. السلام عليك أخت مني بارك الله فيك مقال جميل بمعنى الكلمة هكذا يفكر كثير من الرجال ولا يريدون العمل مع شريكة حياتهم بإصلاح وتعديل بعض الأمور التي يختلفوا فيها حتى يصلوا إلى حياة وردية وجميلة تتسم بالمحبة والمودة وأنا لي تجربة مفيدة جداً في هذا الجانب حيث أنني عملت مع شريكة حياتي على التقارب مع بعضنا بطيرقة جداً مثالية بأن يكون الحب والمودة هي طريقنا إلى علاج كل الإختلافات التي يمكن أن تعكر صفوة حياتنا والحمد لله منذ أكثر من 26 سنة زواج مازلنا نحب بعضنا ونعشق بعضنا كانما نحن في بداية حياتنت الزوجية بل زاد حبنا لبعض أكثر من الأول ونحن الأن في سعادة تامة الحمد لله ، جزارك الله خيراً على هذا المقال الجميل