رأي ومقالات

نعاني من خلل مزمن في تفسير مفاهيم المصطلحات !!..

– غالبا ما يؤدي الفهم الصحيح والضبط المفاهيمي للمصطلحات الى تحقيق الاهداف وتعميق مضمون الرؤية والرسالة .. ولكن فيما يبدو ان الشارع السياسي السوداني يعاني من خلل مزمن في ضبط المفاهيم واستخدام المصطلحات وهذا ما ترك اثرا سالبا في الممارسة السياسية على ارض الواقع ..
– “الديمقراطية” مصطلح يعني ببساطة ادارة عملية سياسية للوصول الى السلطة عبر الانتخابات الحرة بالتنافس عبر المكونات السياسية “احزاب، قوى مدنية” ولكن حسب مؤشرات التعاطي مع مصطلح “الديمقراطية” نجد ان خلل في استخدام المصطلح ساد الساحة السياسية مؤخرا خاصة خلال المدة التي مضت من الفترة الانتقالية نقلت الفعل السياسي من خانة “الديمقراطية المدنية” الى “الديكتاتورية المدنية” بما صاحبها من عزل واقصاء وعنف وتنمر واحتكار السلطة المدنية على فئة الاقلية السياسية ذات الصوت العالي ..
– مصطلح الانتقال السياسي “الفترة الانتقالية” ايضا ظل يعاني من خلل في الضبط المفاهيمي للمصطلح من حيث الفعل السياسي على ارض الواقع بتفكير بعض الاحزاب السياسية في السيطرة على مفاصل الانتقال السياسي وفرض رؤيتها الايديولوجية على مجريات الانتقال مما جعل هنالك موشرا قاطعا على نيتها ديمومة سيطرتها على الفترة الانتقالية لاطول فترة زمنية وهذا ما يتناقض مع روح الضبط المفاهيمي لمصطلح الانتقال السياسي لغياب اهم مؤسساته المتعارف عليها دوليا واقليميا واهمها:
١. الجمعية التاسيسية الانتقالية “المجلس التشريعي” ومهمته اجازة القوانين واهمها قانون تسجيل الاحزاب والانتخابات العامة ..
٢. المحكمة الدستورية ومهمتها سيادة الدستور وتنفيذ الوثيقة الدستورية ..
٣. مفوضية مكافحة الفساد ومهمتها تقديم من تحوم حولهم شبهات الفساد للعدالة القانونية
٤. انفراد الحاضنة السياسية بالقرار السياسي في البلاد
٥. تصفية الحسابات السياسية والتشفي والاقصاء والعزل السياسي ..
٦. اجازة القوانين بصورة ميكانيكية غير خاضعة للرقابة التشريعية ..
٧. عدم اتاحة الفرصة للطعون الدستورية الخاصة بالتجاوزات التي طالت الوثيقة الدستورية الانتقالية ..
٨. عدم ضبط تسجيل الاحزاب وفق الثقل الجماهيري ..
٩. عدم اجراء الانتخابات واطالة الفترة الانتقالية لانفراد الحاضنة السياسية بادارة الحكم في البلاد وفق رؤيتها ..
– المطلبيات المدنية وهي مجموعة من المصطلحات تاتي في سياغ الضغوط السياسية لجماعات الفعل السياسي المدني واهم وسائلها: “التظاهرات السلمية، العصيان المدني، الاضراب عن العمل” وهذه المصطلحات جميعها تم تفسيرها تفسير خاطئ من حيث الممارسة على ارض الواقع، فالعصيان المدني شأن اختياري غير الزامي قد يرفضه اخرون وكذلك الاضراب عن العمل فكلاهما وسيلتان لتحقيق مكاسب سياسية .. فاذا اقترنت دعاوى العصيان المدني مع الالزام والقسر باغلاق الطرق ومنع الناس من حرية الحركة فهذا ينتقل بالمصطلح الى خانة الحجر على الحريات وفرض الرأي بقوة الاغلاق المسبب للضرر على الاخرين غير المتماهين مع الفكرة او الذين يرفضونها من الاساس .. اما التظاهرات المطلبية الفئوية فهي حق مشروع للجميع ولكن من خلال الرصد والتتبع لمجريات “التظاهر” هو خروجه عن السلمية المدنية وجنوحه الى العنف السياسي المفرط في مواجهة قوات حفظ الامن وحماية المتظاهرين .. وذلك انتقل بالمصطلح الى خانة التظاهرات العنيفة غير السلمية التي تؤثر على حياة ومعاش الناس وتهلك ارواح الشباب نتيجة اعمال العنف والعنف المضاد مع قوات الامن ..
– الشارع السياسي السوداني غير متبصر بمفاهيم المصطلحات المدنية وخاصة اطلاق الشعارات السياسية التي تتنافى مع مبادئ الديمقراطية والتناول السياسي الراشد وقد ترك ذلك الخلل في تفسير مفاهيم المصطلحات السياسية فجوة كبيرة بين “المقصد” و “الواقع” وقد انسحب هذا الفهم الخاطئ للمصطلحات على تكوين الاحزاب ونشأتها وعلى التفريق بين مفاهيم الوطن والحكومة والدولة والمواطنة والحرية .. فكل ذلك ناله التفسير الخاطئ في المارسة مما افرز ثقوب في جدار التعاطي السياسي الراشد ..

د. عصام بطران

‫2 تعليقات

  1. نسبة لانتشار الجهل وعدم الوعي بين شبابنا استطاع الحزب الشيوعي التغلغل بين تكويناتهم وسوقهم كقطيع نحو تحقيق اهدافه بالسيطرة على مقاليد وتوجهات الفترة الانتقالية، ولانه حزب دكتاتوري في اصله ولا يؤمن بالديمقراطية ولا بالعدالة لذلك لعب الدور الاكبر في تشويه الفترة الانتقالية واضطرابها وشوه مفاهيم الشباب حول الديمقراطية والحرية والسلام والعدالة ساعده في ذلك وجود حمدوك ذو التوجهات الشيوعية على راس السلطة التنفيذية والذي قام بنشر كوادرهم داخل اجهزة الدولة والفترة الانتقالية مما مكنهم من تحقيق الكثير من اهدافهم التسلطية والهمجية. ولانه حزب غير حماهيري ولا شعبية له استغل الاحزاب التقليدية الضعيفة التي يتحالف معها في جعلها كدروع وحصان طرواده يدخل عبرهم الى الساحات السياسية ويتبع كل اساليب الانتهازية والمكر والخداع ليجعل نفسه اعلى صوتا واشد تامرا واكثر مكرا حتى وصل به الامر الى تتريس الشوارع واعلان الحرب على المواطنين عبر دعوات كوادره داخل تجمع المهنيين ولجان المقاومة باغلاق الشوارع والاعتداء على الاجهزة الامنية وتشويه صورة جيش البلاد ، لكن دوما سيجد ان حبل الكذب قصير.