جعفر عباس

جعفر عباس يكتب.. فالنتاين والحب الملهلب والكضب

كما قلت مراراً فإن زوجتي متخلفة ولم تسمع بعمو فالنتاين الذي أصبح رمز الحب، ولم تقدم لي قط بطاقة أو تشتر لي هدية بفلوسي كما تفعل الزوجات المتحضرات، وذات عام اشتريت بعض العطر لزوجتي، ولم أكن أدري ان ذلك اليوم هو عيد الحب، ولكن ابنتي مروة ذات الثقافة التلفزيونية والإنترنتية العالية صاحت: هيه بابا يا رومانسي محتفل بعيد الحب!! وعلى الرغم من أنني أتفادى الاصطدام بمروة طلباً للسلامة إلا أنني قررت التصدي لها واللي يحصل يحصل: حب إيه يا قليلة الأدب؟ قالت بكل برود: فالنتاين يا أبو الجعافر يا أبو عيون خضرا وشعر أشقر!! هل نسيت ما كتبته عن أنك تريد أن تهاجر إلى كندا لتصبح خواجة؟ وهل تحتفل بالفالنتاين استعداداً “للتخوجن”؟ سكت كعادتي في كل مرة أخسر فيها معاركي معها وقررت للمرة السبعين بعد المئة حرمانها من الميراث!
الاسترالي مادكاب ميتش، قرر بمناسبة فالنتاين الزواج بحبيبة تستأهل، فجاءه القسيس وأبرم الزواج، وانهالت عليه التهاني من أصدقائه المتزوجين بنساء!! وهل ثمة من يتزوج بغير النساء؟ نعم، فالسيد ميتش عقد قرانه على زوجة لا تنقنق ولا تطنطن ولا تطالب بزيادة المخصصات المالية ولا تنبش جيب زوجها وهو نائم (هل سبق أن حدثتكم عن المعلمة التي كانت تحاول غرس الفضائل في نفوس تلاميذها الصغار وسألتهم: إذا أدخلت يدي في جيب بنطلون أو جلباب رجل وأخذت بعض النقود فماذا أكون؟ رد عليها الصغار بالإجماع: تكونين زوجته)
ميتش عقد قرآنه على تلفزيون موديل قديم، ووضع دبلة الزواج على الإيريال، وبعد أن قال له القسيس مبروك. أعطي التلفزيون قبلة ثلاثية، وبرر اختياره لعروسه بأنها تدخل البهجة إلى قلبه حتى عندما يجالسها لعشر ساعات متتالية، ولا تتشاجر معه حتى لو هجرها لعدة أيام! ولو كان ميتش عربياً لما أقدم على الزواج بتلفزيون ينقل برامج تنقض وضوءه، المهم أقول لميتش: مبروك تغلبها بالكيلو وات، وتغلبك بالقنوات
لا مانع عندي في أن يكون هناك احتفاء بالحب، بل إنني من أنصار ان يكون الناس جميعا في حالة حب على مدار أيام السنة، طبعا لا أتكلم هنا فقط عن حب تسبيل العيون ورفرفة الجفون و”بالهمس واللمس والآهات والنظرات واللفتات”، بل الحب الشامل الذي يجعل القلب يتسع للمحبوب ولكل بني البشر. ثم السؤال الأهم من كل هذا: أين كان سي فالنتاين هذا حتى قبل ربع قرن؟ لا تقل لي إنه كان موجودا وأن كون أننا لم نسمع به مرده الى عدم توفر أدوات الاتصال والمعلومات في ذلك الزمان؟ ألووو .. نحن نتكلم عن قديس.. فالكل يقول لك ان فالنتاين هذا كان قسا مسيحيا وارتفع الى مرتبة القديسين لأنه قتل وهو يدافع عن الحب!! ومتى حصل هذا كله؟ قبل أكثر من 1500 سنة!! ألووو مرة ثانية.. قديس يشع بركاته منذ 15 قرنا ولا نأخذ علما بها إلا في تسعينات القرن الماضي؟ لو كان قديسا لكانت بركاته عابرة للقارات ولربما أخذنا نصيبنا من الورود الحمراء عندما كنا “شبابا”، (اعترف دي طبزة من شخص عمره 39 سنة)، وقد نبشت وبحثت عن فالنتاين هذا في اكثر من موسوعة واكتشفت أنه لا توجد أي كنيسة مسيحية تعتبره قديسا ولا يوجد كتاب واحد يحدد متى عاش او مات.
وباختصار: اعط من تحب وردة ولتكن حمراء او بيج أو أوف وايت، وليكن ذلك الشهر المقبل او الذي يليه، بس بلاش شغل الأوانطة: عيد الحب المزعوم مناسبة تجارية للترويج للزهور والحلويات المغلفة بأوراق حمراء (ولهذا تباع بسعرها الأصلي مضروبا في خمسة)، وفي أكثر من مدينة ستجد فندقا يقدم جناحا أحمر لليلة 13 – 14 فبراير بمبلغ يكفي لثلاث عمليات قلب لمرضى مشرفين على الموت!!
ويا أقاربي وأصدقائي وقرائي أحبكم على مدار العام، وللشاب الذي فشل في لقت انتباه المحبوبة أهديه الأبيات التالية لشاعر مجهول ليخاطبها بها ومفعولها أكيد لأنها مكتوبة بحبر عرق المحبة وارد غرب أفريقيا: سمـاحـتـك عـقّـدتـنـي عــديــل/ أعـايـن لـيــك دمـوعــي تـسـيـل/ أكُـر فــي الحـمـدو عشـريـن مــرّة/ وأقــرا معـاهـا ســـورة الـفـيـل/ …. ولــمّــا تـقـومــي مـنـعـدلــة/ وتـقـدلـي لـيــك كـــم قــدلــة/ أفـنـجــط بــــي وراك ســــاي الــتـــقـــول ســخـــلـــة/ وحـــلاة الـقـدلـة فـــي أهـلـهـا/ حلـيـوه وتـمـشـي بـــي جَهـلـهـا/ وتـتـقـصّـد مــشــي الأصــلــة/ وعينـيـك طالـعـا بينـهـا طـــوّاف لا الـكـبـكـابــة لا الـــرجّـــاف/ تـقـول رشّـونـي بـــي البـفـبـاف/ يــجــيــنــي رعــــــــاف/ وأقـعـد ألـــف، عـيـونـي تـــرِف/ وأقـول أكيـد ده أثــر فـطـور الفول

جعفر عباس

تعليق واحد