صلاح الدين عووضة

صلاح الدين عووضة يكتب : أنا أكذب!!

فنحن نكذب..

نكذب كل يوم… وربما لا نتجمَّل..

ثم لا نخجل من كذبنا هذا… ولا ينتبه له من نكذب عليهم..

نكذب عبر مقولات صارت شائعة…… ومستهلكة بين الناس..

ومنها مقولة (في رأيي المتواضع)..

فالذي يقولها – منا – يعني عكسها تماماً..

ودلالة ذلك انفعاله عند محاولة تبخيس رأيه..

فهو يقولها ويقصد (في رأيي الذي هو حكيم جداً)..

ومنها شبيهتها مقولة (شخصي الضعيف)..

فهي تنم عن تواضع مصطنع… لا وجود له في نفس القائل..

وإنما الذي يعنيه هو (شخصي المهم للغاية)..

ومنها مقولة (والله أنا ما عارف… لكن)..

فهي تعني – في الواقع – (والله أنا عارف كل حاجة؛ وزيادة)..

وجرب أن تقول له (فعلاً انت ما عارف)..

فسترى ثورة من جانبه يعقبها خصامٌ…….. ربما تطاول أمده..

ومنها مقولة (حقيقةً)؛ في مستهل الكلام… أو بداية الجملة..

فهي لدى علماء النفس السلوكي قد تخفي معنى مغايراً..

قد تعني أن المتحدث يعلم أنه كاذب..

فيستنجد لا شعورياً – من ثم – بكلمات تُكسب حديثه صدقية..

وهذه المفردة كانت منتشرة بين أهل الإنقاذ تحديداً..

فقط تذكروا أحاديثهم…. و(احسبوها)..

ومنها مقولة الجو اليوم جميل… أو حار… أو بارد… أو مترب..

وهي حصرية للرجال؛ في مواجهة النساء..

ولا تعني سوى أنني لا موضوع لدي… وأريد (موضوعاً) معك..

أي موضوع… أكسر به حاجز الصمت بيننا..

والمرأة تعرف ذلك؛ بحاستها الأنثوية..

فتجاريه في موضوعه – أو بالأحرى لا موضوعه – وقد تمتنع..

ومنها مقولة (اللهم لا شماتة)..

وهي من المقولات المستهلكة بكثرة بين الناس..

ولا تُقال – في تناقض غريب – إلا مصحوبة بابتسامة..

وقد تخفي وراءها حقداً… وحسداً… وغِيرة..

فالمعنى الحقيقي لها – إذن – (اللهم إني شامت… شامت… شامت) ..

ومنها مقولة (الجنس اللطيف)..

وقائلها يعلم إنه ما من جنسٍ لطيف…. ولا يحزنون..

سواء كان رجلاً – القائل هذا – أو امرأة..

فاللطافة تعني – من بين ما تعني – صدق مشاعر العاطفة..

ومشاعر العاطفة أقل صدقاً عند المرأة..

هكذا أخبرنا التاريخ الذي لا يكذب..

فهو لم يذكر لنا حالة واحدة لجنون امرأة بسبب رجل..

ولكن ما أكثر مجانين النساء – في كل زمان – من الرجال..

ليس أولهم – ولا آخرهم – مجنون ليلى..

ومنها مقولة (لسنا طلاب سلطة)..

فقائلوها – من السياسيين – هم أكثر الناس حباً للسلطة هذه..

ولا يطيق الواحد منهم بعداً عنها..

هذا ما يقوله (الواقع) في بلادنا منذ الاستقلال..

سيما في عهود الشمولية..

وإذا سمعت قيادياً ينطق بها فاعلم – على طول – إنه كاذب..

وترقب فقط يوم (فطامه) من هذه السلطة..

فهو إما مات… أو مرض… أو انزوى..

ومنها مقولة (أنا؛ واستغفر الله من كلمة أنا)..

وهي تُقال كناية عن التواضع..

ولكن قائلها يظهر خلاف ما يضمر..

وما يضمره هو أنا (وبس)..

وفي كل حالات الكذب هذه يعلم الكاذب إنه يكذب..

ولكنه يعلم – أيضاً – إنه كذبٌ غير مؤذٍ..

أما أغرب حالة كذب فهي عبارة البشير الشهيرة تلك (حصل كذبت عليكم؟)..

والأشد غرابة إنه كان يعلم إنه يكذب..

ورغم ذلك صدَّق كذبه؛ كذبة من بعد كذبة..

وصدَّقه أتباعه!!.

صحيفة الصيحة

تعليق واحد

  1. كل المسؤولين في بلادنا ومنذ الاستقلال يكذبون على الشعب السوداني في معظم احاديثهم وتصريحاتهم وهذا يعكس مدى عجزهم وافلاسهم وعدم قدرتهم على الانحاز فيغطون فشلهم بالكذب وذر الرماد على العيون جبنا منهم كالنعامة التي تغطي رأسها بالرمال حين تخاف.