تعويم العملة السودانية.. الإيجابيات والسلبيات
أعلن بنك السودان المركزي سياسة نقدية أسند بموجبها تحديد قيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية الأخرى للبنوك التجارية، على أن تعلن يومياً أسعار شراء وبيع العملات القابلة للتحويل على لوحات بمقارها قبل بداية التعامل اليومي مع الجمهور كل يوم. ويجوز للبنك تعديل السعر خلال اليوم شريطة الإعلان عن ذلك في هذه اللوحات قبل التنفيذ. هذا هو التعويم الكامل للعملة السودانية.
إيجابيات هذه السياسة هو توفير النقد الأجنبي لأغراض الاستيراد، وتقليل عجز الموازنة من خلال رفع الإيرادات العامة من التحصيل الجمركي، وتشجيع الاستثمارات والصادرات.
أما السلبيات فتتمثل في زيادة التضخم بالارتفاع المستمر في الأسعار محلياً، بسبب زيادة أسعار مدخلات الإنتاج المستوردة، وهو ما قد يتسبب في الركود الاقتصادي، أي عجز المصانع عن بيع إنتاجها، والاضطرار لقفل المصانع وفصل العمال، وبالتالي زيادة نسب الفقر والبطالة وسط الشعب السوداني.
إن أكبر مهدد لسياسة تعويم العملة هو دخول السوق الموازي في حلبة السباق، بحيث يزيد السعر كلما وضعت البنوك سعراً ملائماً لنشاط السوق. هذه المطاردة المرعبة لن تتوقف إلا بحيازة البنك المركزي لاحتياطيات من النقد الأجنبي تمكنه من التدخل في الوقت المناسب؛ للجم السوق الموازي ومنعه من الانطلاق حسبما يشتهي.
تكوين الاحتياطيات لدى البنك المركزي يحتاج لسياسات مالية مسؤولة عنها وزارة المالية ووزارات القطاع الاقتصادي، وليس البنك المركزي، وتستهدف هذه السياسات أولاً تقليل عجز الموازنة، من خلال تقليل الحكومة مصروفاتها بأقصى ما تستطيع؛ لكيلا تضطر للاستدانة من النظام المصرفي. هذا يقلل من كمية النقد التي تطارد الدولارات الشحيحة.
وثاني المطلوبات.. تشجيع زيادة الصادرات السودانية وتقليل العوائق التي تعترضها وفتح الأسواق أمامها. فلنسمح لأي منتج بتصدير إنتاجه أو بيعه لأي شخص قادر على فتح الأسواق الخارجية، أجنبياً كان أم سودانياً. وأن نوفر التمويل بمختلف أنواعه وصيغه للمنتجين والمصدرين. نعمل على تشجيع تصدير كل شيء من الذهب الى (العقارب) بإجراءات سهلة وميسورة. وعلينا كذلك تشجيع بيع خدماتنا للأجانب المستعدين للدفع بالدولار، مثل خدمات السياحة والتعليم والعلاج والنقل العابر. كل الشركات وأسماء الأعمال التي تعمل في هذه المجالات نعفيها من الضرائب ونشجعها على فتح الأسواق. وذلك لحين تمكننا من تأسيس شركات مساهمة عامة عملاقة تتولى عمليات الصادر.
وثالث المطلوبات تتعلق بحفز تحويلات ومدخرات المغتربين والمهاجرين، وهذه فيها خليط من السياسات النقدية والسياسات المالية، فبالإضافة لتسليمهم قيمة تحويلاتهم بالسعر الحر أو العملة الأجنبية حسب رغبتهم، علينا تصميم منتجات مصرفية وحوافز أخرى تشجع المغتربين على تحويل أموالهم ومدخراتهم للسودان، مثل عمل شركات استثمارية مفتوحة الأسهم للمغتربين في قطاعات البترول والمعادن، أو منح عائد ممتاز للعائدات على الودائع في البنوك السودانية.
سيعود تحرير سعر الصرف بالخير الوفير على الاقتصاد السوداني إذا شجعنا فئات ثلاثة هم: المغتربين والمنتجين والمستثمرين وأزلنا العوائق والمخاوف من أمامهم.
والله الموفق.
د/ عادل عبد العزيز الفكي
adilalfaki@hotmail.com
اليوم التالي