سياسية

عسكر السودان يحاولون استثمار الورقة الروسية في زمن الحرب


قال موقع “أوريان 21” (Orient XXI) الفرنسي إن العسكريين السودانيين الذين يواجهون معارضة مستمرة من قبل الشارع يحاولون كسب دعم أكثر حزما من موسكو في وقت لا يخلو فيه الأمر من مخاطر بسبب المواجهة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي (الناتو) في حرب أوكرانيا.
وفي مقال بقلم غوينال لونوار، نبه الموقع في البداية إلى صورة مرت من دون أن يتنبه إليها أحد لأنه في هذه اللحظة لن يهتم أحد بهذا التفصيل سوى السودانيين أو من يعمل في هذا البلد، وفي الصورة يبدو وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في نقاش عميق مع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، الشخصية الثانية في مجلس السيادة الحاكم في الخرطوم والقائد القوي لقوات الدعم السريع يوم 26 فبراير/شباط الماضي، بعد يومين فقط من بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا.
ويرى الموقع أن هذه الزيارة التي استمرت 6 أيام لموسكو وتحدث فيها حميدتي كثيرا عن الوضع “غير المريح” لمجلس السيادة الذي يسيطر عليه العسكريون، وعن الروابط التي تحتفظ بها الطبقة العسكرية السودانية مع الكرملين، وعن الطموحات الروسية في أفريقيا التي تحتاج إلى التحليل لما يمكن أن يكون لها من عواقب إقليمية ودولية، إضافة إلى تأكيد الدعم المتبادل بين الأنظمة المعزولة والسعي لإقامة قاعدة بحرية روسية في بورتسودان.
رد للجميل
وجد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين -حسب الكاتب- دعما نادرا وصريحا وقويا من حميدتي عندما قال إن “لروسيا الحق في التصرف لمصلحة مواطنيها وحماية سكانها، إنه حقها بموجب الدستور والقانون”، وهو موقف مباشر للغاية في هذه الأوقات من التوترات القوية بين الغرب وروسيا.
بيد أن علي الصادق، وزير الخارجية السوداني بالوكالة، نفى بعد 3 أيام أمام السفراء الأوروبيين المعتمدين في الخرطوم صحة ما نسب إلى حميدتي، مؤكدا أن بلاده تدعو رسميا إلى “إنهاء التصعيد والعودة إلى الحوار”، وبعد ذلك بأيام امتنعت عن التصويت لمصلحة مطالبة الجمعية العامة للأمم المتحدة روسيا بالتوقف الفوري عن استخدام القوة ضد أوكرانيا.
ورأى الكاتب في هذا الموقف “ردا للجميل” الروسي بعد أن استنكفت موسكو عن إدانة انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي في السودان، بل إن لافروف أكد حينئذ أن البلاد كانت ضحية “مناورات لزعزعة الاستقرار” حاكها الغرب، وهو ما يعني أن العلاقات المتينة بين نظام بوتين ونظام الرئيس السابق عمر البشير استمرت بعد إطاحة البشير في أبريل/نيسان 2019، وحافظ الجنرالات على إدارتها مثل العديد من العلاقات الثنائية الأخرى.
وكان حميدتي أحد الجنرالات الخمسة في السلطة الذين ذهبوا إلى موسكو “لدفع العلاقات بين السودان وروسيا نحو آفاق أوسع وتعزيز التعاون القائم بيننا في مختلف المجالات”، كما قال، إلا أن العنصر الأول الدال على عدم دقة هذا الطرح -كما يقول الكاتب- هو وضع خزينة الدولة السودانية بسبب التدهور الاقتصادي الذي يزداد سوءا مع مرور الأيام، وذلك جزئيا بسبب الانقلابيين الذين أوقفوا الانتقال الديمقراطي ومساعي إعادة البلاد إلى الساحة الدولية التي سارت قدما في ظل الحكومة المدنية لرئيس الوزراء المستقيل عبد الله حمدوك.
وفي اليوم التالي للانقلاب -يضيف الموقع- جمدت الدول الغربية والمؤسسات المالية الدولية الكبرى المنح والقروض وإعادة جدولة الديون، وأوقفت واشنطن مساعدات بقيمة 700 مليون دولار وأوقف البنك الدولي ملياري دولار، فانخفض الجنيه السوداني الذي لم يكد يستقر إلا قليلا قبل الانقلاب، وبدأ نقص القمح وانقطاعات التيار الكهربائي.
وأكد سليمان صندل، أحد قادة حركة العدل والمساواة، أن زيارة موسكو ستحدث “تغييرات اقتصادية مهمة في قطاعي الزراعة والطاقة”، علما بأن قائد هذه الحركة هو وزير الاقتصاد والمالية الحالي جبريل إبراهيم الذي رافق حميدتي، وقال إن الروس يريدون الاستثمار في السودان إلا أن ذلك قد يكون في المستقبل لأنه لم يُعلن عن توقيع عقود، كما أن اختيار وقت الزيارة كان سيئا لطلب المساعدة من روسيا التي تخوض حربا مكلفة وتخضع لعقوبات قاسية.لكن الإعلان الرئيسي للزيارة كان في الميدان العسكري -كما يقول الكاتب- بإقامة قاعدة بحرية روسية في بورتسودان على البحر الأحمر، وهو ما لفت انتباه الولايات المتحدة في وقت اشتعلت فيه المواجهة بين واشنطن وموسكو، مع أن المشروع ليس جديدا، إذ كان البشير قد اقترحه عام 2017 ولكن بوتين وقتئذ رفضه ليعاود الظهور في اتفاقية التعاون العسكري الموقعة بين البلدين في مايو/أيار 2019، وقد قدمت موسكو الطلب رسميا في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 لكن السلطات السودانية ظلت مترددة بشأنه
تهديد خطير
وأعلن حميدتي عند عودته من موسكو أن “المشروع لا يزال قيد الدراسة لدى وزارة الدفاع”، ولكن صلاح جلال، الكاتب والمتحدث باسم الائتلاف السياسي “نداء السودان”، قال محتجا إن “حميدتي لا يحق له عرض قاعدة لروسيا، وعلى القوى القومية والشخصيات العقلانية أن تعمل على وضع حد فوري لأفعاله في هذه القضية التي تشكل تهديدًا خطيرًا على أمن السودان ومصالحه”.
وقد لقي الموضوع الرفض ذاته من “قوى الحرية والتغيير” وتحالف الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني التي حكمت أثناء الانتقال الديمقراطي في إطار تجمع المهنيين السودانيين وتجمع النقابات العمالية الذي قاد ثورة 2018، كما رفضت لجان المقاومة التي تقود النضال السلمي ضد المجلس العسكري التعليق على “أفعال وقرارات قادة الانقلاب” لأنها لا تعترف “بشرعية” تصرفهم نيابة عن البلاد.
وفي بحر الشائعات التي تدور في الخرطوم اليوم -كما يقول الكاتب- هناك تكهنات أيضا بأن حميدتي ذهب إلى موسكو لتعزيز موقفه وضمان دعم مجموعة “فاغنر” شبه العسكرية الروسية له إذا تعرض للتهديد، بخاصة في ظل الأجواء المسمومة في الخرطوم حيث تشير شائعات إلى محاولات “انقلاب ضمن الانقلاب” على أساس التنافس الشديد بين قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي والجيش الوطني.

الجزيرة نت


تعليق واحد

  1. موقف حميدتي صحيح. كل الدول تقف مع مصالحها كيف الخليج يعمل قواعد أمريكية تضرب السودان وتشارك حصاره وليس للسودان اقامة قاعدة بحرية عسكرية روسية تخفظ التوازن