رأي ومقالات

السودان يشكُر مصر

هذه المُبادرة ، أي مبادرة الرئيس المصري ( السيسي) ، على إعفاء السودانيون من غرامات تجديد الإقامة ، هذه ليست الإشارة الأولى التي تؤكد حسن النوايا بين البلدين ، وعمق العلاقات السودانية _ المصرية ، بل سبقها ، خلال الأعوام السابقة ، سيل من الأشارات الإيجابية التي لم تُترجم حتى الأن ، بالوصول إلى الإعادة الكاملة للعلاقات الدبلوماسية و الشعبية و المجتمعية بين البلدين ، و هي علاقات شهدت توتراً في وقت ما ، لكن في الأعوام السابقة شهدت العلاقات السودانية _ المصرية تحسناً تدريجياً ازدادت درجته مع وصول ( السيسي) للرئاسة ، من ثم بدأت التوقعات تزهو و تخبو حول قرب عودة العلاقات الكاملة بين البلدين ، و قد أفرزت هذه الوتيرة المترددة حالة من الإحباط لدي الأطراف المتحمسة من الطرفين لعودة العلاقات إلى طبيعتها بين البلدين .

فبعد ان كانت النظرة أو الإدراك السوداني لمصر طوال السنوات السابقة متأثراً بالعلاقة المتوترة بين البلدين ، مما أدى لتشويه متعمد لصورة كل طرف لدي الأخر ، تزامن ذلك مع أتهامات السودان لمصر بعرقلة الإستراتيجيات الداخلية للسودان ، لكن بعد أن تولى ( السيسي) الرئاسة و توقف ما سمي بالتصعيد الإعلامي السالب لدي الطرفين إضافة إلى الموقف المتوازن للمشير عبد الفتاح السيسي تجاه السودان ، فإن ذلك ساهم بشكل كبير في تعديل الإدراك السوداني لمصر و دورها الأقليمي ، و بعد تحسن العلاقات مع مصر في السنوات الأخيرة ، و التطورات الإيجابية في السودان ، بدأت الرؤية السودانية الرسمية و غير الرسمية عن مصر تتقارب ، و يمكن لأي طرف أن يكون سنداً للطرف الأخر ، و عن إمكانية أن تكون العلاقة بين السودان _ مصر ، علاقة تكاملية و ليست تنافسية .

هناك معوقات تقف في وجه تطوير العلاقات بين البلدين ، و في ما يبدو فإن موقف المسؤولين المتباين من هذه المعوقات هو الذي يتسبب في تأخير عودة العلاقات إلى شكلها الطبيعي ، فبينما يهتم البعض بالتركيز السلبي على التأثير السلبي لهذه المعوقات على العلاقات، يركز البعض الأخر على أهمية الطموح إلى تطوير هذه العلاقات ، و أكثر ميلاً للتقليل من أولوية العقبات والعراقيل .
أظن أن الرؤية السودانية لتطوير العلاقات باتت واضحة لدي الطرف المصري ، و هي تتلخص في علاقة قائمة على الإحترام المتبادل و المصالح المشتركة ، و يلاحظ أيضاً أن هناك تفهماً مصرياً لطبيعة الرؤية.

الأمر الأكيد أن هناك اختلافاً في الرؤى بين البلدين ، لكن هذا الاختلاف ينبغي أن يتم القفز عليه _ ليس بتجاهله ولكن بمنعه من أن يتحول عائقاً _ و الوصول إلى مرحلة تغليب التوجه نحو المصلحة المشتركة للبلدين _ بل للمنطقة بأسرها _ و التي يؤمن الطرفان بأنها تأتي في إطار عودة العلاقات بين البلدين بصورة متقدمة .

و لذلك تظل العلاقة بين السودان و مصر _ بما لهما من وزن أقليمي _ هي إحدى العلاقات المهمة ، و لا يمكن أيضاً قبول أجهاض الإشارات المتتالية لتطوير العلاقات بين البلدين و إعادتها إلى طبيعتها وفقاً للمعطيات الجديدة ، ووفقاً لحسابات و مواقف كلا الطرفين.

بقلم / محمد علي محمد