تحقيقات وتقارير

بعد تبرئة دقلو ساحته وأخيه من دم أي سوداني .. اتهامات حميدتي بالتورط في جرائم دارفور ومجزرة فض الاعتصام تعود للواجهة

هل هي رسائل في بريد الجيش أم محاولة للتهرب من المسؤولية ؟

عقب تصريحات قائد ثاني لقوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو لدى مخاطبته حفل توقيع وثيقة الصلح بين قبيلتي “الفلاتة والرزيقات” بنيالا ، التي قال فيها ” بأنه– حميدتي- “بريئين” من دم أي سوداني” تجدد الجدل حول الاتهامات بتورط قائد قوات الدعم السريع وأخيه وعناصرها بارتكابها جرائم بشعة في دارفور وتكرار جرائمها في العاصمة السودانية الخرطوم، بجانب التورط في ارتكاب “مجزرة” فض اعتصام القيادة العامة للعام 2019م. وبدأت تتوالى التصريحات من المجلس العسكري بأنه ليس من أمروا بفض الاعتصام.

وبعد الانقلاب أخلت قوات الشرطة في مؤتمر صحفي مسؤوليتها عن قتل المتظاهرين وقالت ( في بعض الأحيان يتم توزيع زي الشرطة في الميدان وتلا ذلك تبرؤ رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وقال إن القوات المسلحة لا تتحمل مسؤولية قتل المتظاهرين واتهم طرف ثالث بالتورط في ذلك ومن ثم جاءت تصريحات عبد الرحيم دقلو الأخيرة التي برأ فيها ساحة نفسه وأخيه من مسؤولية أي دم سوداني.

واستمر القمع عقب انقلاب الخامس والعشرون من اكتوبر مما أدى الى ارتقاء ١٠٢ شهيد قتلوا اما بالرصاص الحي او رصاص الخرطوش او دهساً وكانت القوات التي تقمع المواكب ترتدي احد الازياء الاربعة فاما شرطة او قوات مسلحة او دعم سريع او شرطة الاحتياط المركزي او يرتدون الزي المدني، على حسب التقارير الميدانية للاطباء ومحامو الطوارئ، وفضلاً عن تداول الثوار لصور لافراد تلك القوات حيث أغلب ظهورهم مع الشرطة وشرطة الاحتياط المركزي في مواقع التواصل الاجتماعي ، ومن هنا نتساءل من الذي يوزع السلاح لتلك القوات وهل هناك تسليم بارقام الاسلحة وحساب عدد الذخيرة ؟ ومن المسؤول عن تلك الازياء وهذه الاسلحة هل هي بيد تلك القوات وهل تسيطر عليها جميعها ؟ واذا سلمنا بأن هناك طرف ثالث يحمل الاسلحة معهم ويرتدي أزيائهم ويتحرك معهم فمعنى ذلك انهم يعلمونه جيدا فعلى من تقع المسؤولية ومن المطلوب منه القاء القبض على الطرف الثالث المزعوم؟

ميزان العدالة
وهاجم عضو لجان مقاومة الخرطوم شمال فضل حجب اسمه لـ”الجريدة” تصريحات قائد قوات عبد الرحيم دقلو وقال : يجب ان يعلم حميدتي بأن براءته هو وأخيه من أي دم سوداني شأن يحدده القضاء اذا كان عادلاً، الا انه استدرك: ولكن القضاء الذي يتهم الثوار ويبرئ عناصر النظام البائد فهذا مغلوب على أمره ويدار من خارج السلطة القضائية ، واضاف: ونقول لدقلو حينما يستقيم ميزان العدالة في هذا الوطن ويكون هناك قضاء مستقل يملك قراره دون تخويف او ترهيب فحتما ستخرج كل الملفات التي شاركت فيها القوات التي ترتدي زي الدعم السريع وعرباته، وتوجه بعدة اسئلة الى حميدتي قائلاً: فهل نسيت هتاف قتلونا مندسين لوحاتهم ق . د . س ؟ ألست انت واخيك مسؤولين عن الأفعال التي ارتكبتها القوات المشتركة باعتبار وجود بعض قواتكم مشاركاً فيها ؟ وماذا عن الانتهاكات والجرائم ابتداءً من فض اعتصام القيادة العامة وما بعده؟
وتابع: كما يجب عليه ان يعلم بأن أخيه عبد الرحيم كما قالها البرهان “ان اخاك يجلس على كرسي سمي له خصيصاً بنائب مجلس السيادة رغم عدم حديث الوثيقة الدستورية عنه مما يدل على ان هذا معناه انه مسؤول عن اي انتهاكات تمت في ظل هذا الانقلاب.

وتوجه عضو لجان بمقاومة ولاية نهر النيل فضل حجب اسمه برسالة الى حميدتي قائلاً: يجب ان تعلم بأن ارتكاب الجريمة لا يحاسب عليها فقط منفذها او من ضغط على زناد التصويب وحده بل تتخطاه الى من يدير هذه القوات ويقوم بتوزيعها وادارة تعليماتها وأوامرها ومن يديرون شئونها ميدانياً ومكتبياً، بجانب أنه تبدأ المساءلات والمحاسبات للمتهمين في جرائم القتل والانتهاكات والاغتصابات التي تمت والتعذيب داخل المعتقلات وكل نقطة دم سيسأل عنها الجنرالات الخمسة الموجودة الآن كاعضاء لمجلس السيادة، واردف: فان لم تكن كذلك فحينها تعتبر التفاف على القضية وتوصم بعدم المصداقية .

تدويل القضية
وقال عضو لجان مقاومة الخرطوم شمال نقول لدقلو (مثل حديثك هذا هو ما دعانا لطلب تدويل القضية واستجلاب لجنة تحقيق دولية كما طلبت منظمة اسر شهداء ثورة ديسمبر وايدها جميع الشعب السوداني، واضاف : اما ما نريد ان يعلمه الجنرالات الخمسة بأنه قد ولى زمن الافلات من العقاب ولا مجال لأي تسوية يكون ثمنها تقديم دماء الشعب السوداني قرباناً ومثل هذا النوع من الحديث به استرخاص للشعب السوداني وتضحياته، فلا يمكن ان تطلق العنان لايادي القوات النظامية لكي تفعل ما فعلته من تعدي حتى امام الاسر من مشاهد لا تحترم الانسانية ولا الآدمية وبسلوكيات أقل ما توصف به انها تنبع من ضغائن ذاتية فمن يعتدي على قناة تلفزيونية ويحطم ويضرب امام عدساتها فقطعاً انه قد أمن العقاب ومن يعتدي على معمل للتحاليل وينهب العاملين به بعد الاعتداء عليهم ضربا وتنكيلا هذا بخلاف ما يتم داخل المستشفيات ومنازل العزاء كما لم تسلم منهم حتى المقابر ولا جثامين الشهداء .

وتابع : كل هذا بخلاف ما تم من انتهاكات لاهلنا في الغرب الجريح الذي شهد تدميراً جماعياً وخلف وراءه من قتل ونزوح وأحقاد لم يلتفت لها من كانوا يحاربون باسمهم واتضح في آخر المطاف انهم كانوا يقاتلون لاجل مكاسب شخصية لأنهم سكتوا عن ما يمارس في أهلهم حينما أصبحوا في مواقع تمكنهم من حماية أهلهم والدفاع عن قضيتهم.

القائد يتحمل مسؤولية الجرائم
وأوضحت ممثل هيئة الدفاع للمتهمين في قضية قتل العميد بريمة المحامية رنا عبد الغفار أن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو يتبع للجنة الأمنية للرئيس المخلوع عمر البشير، وتم تعيينه من ضمن أعضاء المجلس العسكري ومن ثم مجلس السيادة الذي يشغل بها منصب نائب رئيس مجلس السيادة الذين وقعت مجزرة فض اعتصام القيادة العامة في عهدهم، فضلاً عن استمرار أفراد عناصرها تحت مسمى القوات المشتركة والتي مازالت تمارس ذات الانتهاكات من قتل وضرب واغتصاب واعتقال للمتظاهرين السلميين، ونوهت الى ان كل تلك الجرائم يتحمل مسؤوليتها القائد مسؤولية مباشرة، لجهة انه هو من يصدر الاوامر ، وأردفت: وبكلمة واحدة من هؤلاء القادة يمكن أن يوقف وقوع تلك الانتهاكات، التي وصفتها “بالعبثية” .

قمة الديكتاتورية
ورأى المحامي علي سليمان أن تصريحات نائب قوات الدعم السريع تتجلى فيها قمة الدكتاتورية والشمولية وقال سليمان في تصريح “للجريدة” كأنما جمع السلطات الثلاثة في يده فالبراءة والادانة هي سلطة القاضي يمارسها وفقاً لقانون السلطة القضائية والجهة القضائية تقوم بتعيين قاضي يمثل أمامه متهم بعد اكتمال إجراءات التحري من شرطة ونيابة وتوافر بينات مبدئية يحول المتهم للمحاكمة وبعد مثوله للمحاكمة وتقديم قضية الاتهام والشهود وقفلها توجه المحكمة التهمة ثم يسمع قضية الدفاع وبيناتها وبعد مرحلة الاثبات فوق مرحلة الشك المعقول لذهنية القاضي يواجه الادانة والعقوبة …

وأردف :هذه هي اجراءات المحاكمة ولكن ما ذهب اليه رئيس قوات الدعم السريع من تبرئته هو وأخيه من دماء الشعب السوداني نقول له البراءة مبدأ نصت عليه كل الدساتير السودانية المتعاقبة ابتداء من دستور سنة 1985م وجاء في نص المادة 28 منه (ان المتهم برئ حتى تثبت ادانته) ودستور السودان لسنة 1988م والذي نصت فيه المادة 32(ان المتهم برئ حتى تثبت ادانته )والمادة 34 من دستور السودان الانتقالي 2005م (ان المتهم برئ حتى تثبت ادانته وفقا للقانون) والاعلان العالمي لحقوق الانسان سنه 1948 في المادة 11 فقرة 1 منه (على ان كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا الى ان يثبت ارتكابه لها قانوناً في محاكمه علنية تكون قد وفرت له فيها جميع الضمانات اللازمة عن نفسه).

وأيضاً ذهبت اليه الشريعة الاسلامية وكل الاديان السماوية بأن المتهم برئ، وبتصريحات نائب قوات الدعم السريع بأنه برئ هو وأخيه نقول له إنك لم تخضع حتى الآن لمحاكمات عادلة خاصة بعد ظهور قوات الدعم السريع في عملية فض الاعتصام والمجازر التي ارتكبت على مرأى ومسمع وامام بوابات قوات الشعب المسلحة في ليلة الغدر الشهيرة من رمضان ، بجانب الانتهاكات والجرائم التي ارتكبت في دارفور ، وغيرها من الانتهاكات والجرائم ضد الانسانية منذ العهد المباد.

وطالب بأن يؤخذ هذا التصريح على محمل الجد.. لجهة أن هذا يعني ان قائد القوات الدعم السريع ونائبه بدءا يتهربان من المسؤولية وللافلات من العقاب ومن الاتهامات التي ظلت تلاحقهم .
وخاطب سليمان دقلو قائلاً (اذا كنت انت واخيك بريئين من دماء الشعب السوداني اذهبا لمحكمة (مستقلة ) ؟ وراهن على أن الشعب سوف يشكل يوماً محكمة مستقلة وذكر ستخضع انت وأخيك وكل من ارتكب جريمة في حق الشعب السوداني للعدالة وان لم يتحقق ذلك فدماء الشعب السوداني ان ضاعت عند قاضي الارض لن تضيع عند قاضي السماء.

شبهة جنائية
وفي السياق قال عضو هيئة محامي دارفور الصادق حسن “للجريدة”: البراءة يمكن ان يطلقها اي شخص ويصف بها نفسه كما في التصريحات المنسوبة لعبد الرحيم ولكن واقع الحال قد يثبت خلاف ذلك وبخاصة بالنسبة لعناصر اللجنة الأمنية للنظام البائد الذين يتولون السلطة حالياً بما فيهم حميدتي.
في حالتي حميدتي وعبد الرحيم والشبهات الجنائية فإن الجهة المعنية في تقرير البراءة من عدمها هي المحاكم.

الخرطوم: فدوى خزرجي
صحيفة الجريدة