تحقيقات وتقارير

جدل قانوني حول شرعية السلطة.. 9 يوليو 2005 ـــ 9 يوليو 2009

كان التاسع من يوليو عام 2005م إعلانا للبدء في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية والتنفيذ الفعلي للدستور الانتقالي واتفاقية نيفاشا للسلام، وهو ذات اليوم الذي عين فيه الزعيم الراحل جون قرنق نائبا لرئيس الجمهورية، لكن الان، وبعد مضي أربع سنوات منذ ذاك التاريخ، يثار جدل قانوني واسع حول شرعية الحكومة الحالية، فقد صعدت أحزاب المعارضة لهجتها إزاء الوضع الذى تصفه اليوم بـ «غير الدستوري» وانه وبحلول التاسع من يوليو ستكون الحكومة الحالية فقدت صلاحيتها بنص الدستور حسب المادة «216»، فيما يرى المؤتمر الوطني أن الوضع السياسي الحالي سيظل شرعياً الى ما بعد هذا التاريخ وإن اجلها ينتهي بعقدها للانتخابات، وليس بأماني المعارضة.
وللتحري عن القضية على الصعيد القانوني .. أجرت «الصحافة» حوارين قصيرين مع الأمين العام لاتحاد المحامين العرب والمتحدث باسم تحالف المعارضة فاروق أبوعيسى، والقانوني الضليع في المؤتمر الوطني الدكتور أحمد المفتي مدير مركز الخرطوم الدولي لحقوق الإنسان.
فـــــاروق أبـــــو عيـــــسى:
صـلاحيــة الحكـومـة تنتـهي اليــوم !!
* الدعوة بعدم شرعية الحكومة سياسية أم قانونية؟
نحن نتحدث بناء على مرجعية قانونية، حسب الدستور الانتقالي لسنة 2005م فإن مواعيد الانتخابات وفقا للمادة 216، كان يجب أن تُجرى على كل مستويات الحكم في موعد لا يتجاوز نهاية العام الرابع من الفترة الانتقالية. وبالتالي يعني ذلك أن التاسع من يوليو هو موعد قيام حكومة جديدة بشرعية انتخابية، ومالم يحصل ذلك فإن الحكومة الحالية تفقد صلاحيتها القانونية لإدارة حكم البلاد.
* بهذا المعنى قد سينشأ فراغ دستوري كامل في البلاد؟
نحن اقترحنا مخرجا سياسيا وقانونيا، يتعلق بتشكيل حكومة قومية انتقالية حتى تجرى الانتخابات وتقوم بالاستفتاء وتقوم بالتحول الديموقراطي وتقوم وفقا لسياسات من شأنها إصدار قرار سياسي بـ«نعم للوحدة»، وقانونيا تلتزم هذه الحكومة الانتقالية باتفاقية نيفاشا للسلام وتحتكم للدستور.
* الحكومة تقول انها تقوم بتنفيذ الترتيبات الانتقالية بموجب الدستور؟
وفقا لأمزجة المؤتمر الوطني وليس على اساس قانوني، فالسنة الخامسة للاتفاقية يجب أن يتم خلالها إجراء ترتيبات انتقالية بالنسبة لرئيس الجمهورية وللهيئات التشريعية، في الشمال وفي الجنوب، الذي حدث ان الترتيبات جرت بناء على التعيين ووفقا لبروتوكول السلطة، ولم تجر انتخابات بموجب الدستور لتغيير هذه الأوضاع.
* كيف تنظر إذن الى إعلان الجدول الزمني للانتخابات؟
الدستور نص على أن تقوم الانتخابات في موعد اقصاه التاسع من يوليو المقبل، وان ينتخب رئيس الجمهورية في نفس هذا التاريخ، واذا لم يحدث ذلك، فانه يعطي فترة شهر ونصف الشهر على ان يكون الرئيس بالوكالة في هذه الفترة.
وأحيلك الى ما ذهب اليه نائب رئيس المجلس الوطني محمد الحسن الامين الذي قال ان اجل البرلمان ينتهي بموجب الاتفاقية والدستور في التاسع من يوليو القادم، وان البرلمان سيفقد شرعيته بعد ذلك التاريخ، ولابد من تعديل الدستور حتى يكون البرلمان شرعياً بعد أن تأجلت الانتخابات.
* ولكن لا يمكن إجراء انتخابات قانونية بعدم وجود حكومة في السلطة؟
المؤتمر الوطني غير مؤتمن على اجراء الانتخابات فهو يعطل تعديلات القوانين ويريد ان يقيم انتخابات باحصاء غير صحيح حسب ما يقول شريكه، وهو يريد أن يجري انتخابات بطريقته من اجل ان يأتي هو الى السلطة من جديد.
ووفقاً لبروتوكول السلطة ينبغي ان يصدر قانون الانتخابات خلال ستة شهور من بداية الفترة الانتقالية لإعطاء الاحزاب وقتاً كافياً للإعداد لها، لكن المؤتمر الوطني تباطأ ولم يصدره إلا فى يوليو العام الماضي، وهذا التأخير لا يمكن ان يكون تم بحسن نية، وكذا الحال بالنسبة لتكوين مفوضية الانتخابات، ونجد ان الدستور ينص على الفراغ من الاحصاء السكاني فى عام 2007م، لكنه تأخر وهو ما يخالف المادة 215 من الدستور فإذا كانت الحكومة لا تلتزم بالدستور وتقوم بتعطيل الإجراءات الضرورية للانتخابات لمدة عامين ونصف العام ، هل هذا يدل على حسن نيتها تجاه الانتخابات.. كل هذا يطعن فى مصداقية العملية الانتخابية.
* هل تتفق كافة الاحزاب على هذا الامر؟
كل الأحزاب متفقة حول عدم دستورية الحكومة.. فقد أجرينا دراسة قانونية وقمنا باستشارة كبار المحامين وجميعهم اتفقوا وقع الحافر على الحافر على ان الحكومة غير شرعية بعد التاسع من يوليو.
* هناك من يرى أن تشكيل حكومة قومية جديدة يخالف اتفاق السلام الشامل؟؟
المادة 65 من الدستور تنص على أن يكون رئيس الجمهورية الانتقالى، الرئيس الحالى لحين إجراء الانتخابات، والمادة 216 تنص من الدستور تنص على اجراء الانتخابات فى مدة أقصاها 4 سنوات، أي قبل حلول تاريخ اليوم، وبالتالى رئيس الجمهورية الحالى يستمر كرئيس حتى هذا الموعد وبعدها يفقد صفته كرئيس، لكننا بالمقابل نجد ان الدستور نص على امكانية تأجيل الانتخابات، ولكنه حدد فترة التأجيل بستين يوماً فقط، من التاريخ الذى كان يجب عقد الانتخابات فيه، على ان يشكل حكومة انتقالية لإجراء الانتخابات، لكننا نجد ان مفوضية الانتخابات قامت بخرق الدستور، وأجلت الانتخابات الى شهر فبراير من العام 2010م، والمفوضية لا تملك هذا الحق، لأن المادة 224 من الدستور، أعطت الشريكين الحق فى تعديل الدستور، لكنها قيدت هذا الحق بموافقة ثلثي أعضاء البرلمان، وهو مالم يتم.
* هل ستلجأون الى المحكمة الدستورية؟
لا .. فقد جربنا هذه الطريقة وهي لا تجدي نفعا في التعامل مع المؤتمر الوطني .. ولكننا سنخاطب الضامنين لاتفاقية نيفاشا والموقعين عليها من مصر وارتريا وكينيا ودول اخرى ومنظمات مثل الاتحاد الافريقي والجامعة العربية، كما سنخاطب لجنة التقويم والمتابعة لتطبيق اتفاق السلام.
خالد سعد :الصحافة