جمال علي حسن

حتى تكتمل الصورة.. “نِألعْ كُلِّنا..”

[JUSTIFY]
حتى تكتمل الصورة.. “نِألعْ كُلِّنا..”

متميز طبعا هذا البرنامج بقناة النيل الأزرق، ومتميز صاحبه الأستاذ الطاهر حسن التوم بالإفصاح والحضور أمام الشاشة استثناء على القاعدة التي تقول إن جدية وحياء السودانيين أمام الكاميرا يحرمانهم من المنافسة على ألقاب التميز في الفضائيات..

ولا أتخيل أن يأتي علينا يوم يظهر فيه (باسم يوسف سوداني) مثلا.. فيكفينا الطاهر حسن التوم.. لأنه حتى ولو ظهر مقدم برنامج سوداني (زايد المحلبية) كما يقولون فلن يتعاطى المشاهد السوداني معه بارتياح أو مع مثل طريقة باسم يوسف، ولن يتقبلها بل سيسخر منها وينتقدها وقد يصفونه (بقلة الأدب).. هذا إذا لم تصدر فتوى من هيئة علماء السودان ويثور النائب حسبو وتتعقد المسألة..!!

في برنامج حتى تكتمل الصورة مساء الاثنين كان هناك أربعة ضيوف ثلاثة من أساتذتنا الإعلاميين ورابعهم أحمد بلال الوزير.. وكان (مسبح) الأستاذ الطاهر حسن التوم مغريا للسباحة والعوم للحد الذي أغرى الوزير أحمد بلال بأن يتجرد من ملابسه الرسمية كوزير إعلام ويرتدي جلبابه الاتحادي ماركة الراحل الشريف زين العابدين الهندي..

الحلقة كانت حول دور الإعلام في الحوار، وهو موضوع ممتاز وبالغ الأهمية، لكنني خرجت بانطباع بأن الأساتذة الصحفيين فيصل والباز والخبير الإعلامي حاج عطية والوزير، جميعهم جاءوا لممارسة رياضة السباحة في المنابر لتجديد اللياقة وتجديد الوعد على البقاء في الموقف الذي يقدم ما يطلبه المستمعون أكثر من إدارة نقاش مركز ومكثف لينتج مخرجات نستفيد منها..

لم ترد خلال النقاش أية إشارة للدور المطلوب من الإعلام..

لم ترد أية إشارات أو إفادات تقييمية لما قدمه الإعلام من دور سالب أو موجب في المرحلة الماضية قبل وبعد خطاب الرئيس بالشواهد والنماذج مثلا وتقديم نقد لها.

انصرف النقاش عمدا إلى إمكانية وقدرة الإعلام على تقديم دوره المطلوب لكي يحلو الحديث عن معوق حرية الإعلام وحرية الصحافة وقدرات الصحفيين الفنية.. و.. و… و.. مع أن الحديث عن ضعف قدرات الصحفيين السودانيين به الكثير من الظلم لهم.

والسؤال: إذا كانت حرية الإعلام مائة بالمائة وحرية الصحافة كاملة غير منقوصة وحرية التعبير، التي أشار إليها الطيب حاج عطية، إذا كانت هي أيضا مكفولة تماما مثلنا مثل أمريكا ودول الغرب فأين ستكون الأزمة أصلا التي تحتاج إلى حوار..؟

لن تكون هناك أية أزمة يجلس هؤلاء السياسيون لمناقشتها ومعالجتها تشريعيا وسياسيا لو كانت هذه الأمور متوفرة.

النقاش المطلوب هو: كيف يتحقق الوفاق السياسي في السودان والذي يجعل كل تلك الحقوق محمية حماية دستورية وقانونية والتوفيق بين الحرية والمسؤولية؟..

لأنك إذا سألت أي سياسي في الحزب الحاكم عن حرية الصحافة فسيحصي لك عدد القنوات والإذاعات والصحف التي تصدر، ويقول لك ببساطة إن تلك الصحف الآن معظمها لا تملكها الدولة فهل ستوافق على الإقرار معه بوجود حرية صحافة..؟ إذا كانت الإجابة (نعم) فمشكلتك محلولة ولا داعي لتوفير شيء ناقص وإذا كانت الإجابة (لا) فمن المفترض أن تحدثنا عن أفضل الطرق التي يجب أن يسلكها الإعلام الوطني الآن، وفي هذه المرحلة لجذب القوى السياسية المختلفة نحو طاولة الحوار، ثم تحدثنا عن دور الإعلام في ترتيب أولويات الأجندة الحوارية بحسب القضايا الملحة ومنها قضايا الحريات العامة، حيث تقع حرية الصحافة في قمة تيرمومتر القياس لمستوى ودرجة هذه الحرية.

هذا هو الترتيب الطبيعي لمعالجة المشكلة حتى نشعر بأهمية الحوار وأنه فعلا قاد بلادنا إلى مرحلة جديدة.. أقترح على الأستاذ الطاهر حسن التوم أن يواصل في تبني هذه القضية في حلقات قادمة، يتناول فيها بواقعية الدور المطلوب من الإعلام برغم أوضاعه الحالية للدفع بالحوار الذي ستقود نتائجه لإصلاح شامل لحرية الصحافة وحرية الممارسة السياسية ووقف العنف والقتال وقيادة البلاد لمرحلة جديدة تشهد مشاركة إيجابية ومعارضة إيجابية على أرضية صحيحة ومتفق عليها.

[/JUSTIFY] جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي

تعليق واحد

  1. الاعلام مملوك للدولة بالكامل يقع تحت سيطرة جهاز الامن وهذا الامر يعرفه الكل ولا يحتاج لكثير اجتهاد.ولو كان غير ذلك لما فجعتنا قناة النيل الازرق بالهندي عز الدين وراشد وغيرهم الذين يتحدثون للمشاهد وعينهم علي الجهات المراقبةخوف ان يقولون شيئا يسجله عليهم عتيد ورقيب الحكومة. الصحفيون الشرفاء في المنافي الان والا لما ظهرت انت كصحفي نحن لا نعرفك لانك اتيت في العهد الغيهب. مثلك مثل احمد البلال والضوء بلال والهندي تظهرون في غياب العمالقة وتتلاشون مع اول نسمات الديمقراطية.