رأي ومقالات

مسلسل قيامة أرطغرل (2/3)

عكس المسلسل أيضاً الأحوال السياسية في القرن الثالث عشر وتفاعل أرطغرل وقبيلة الكايلار في سياسة ذلك الزمن إذ أنّ قبيلة الكايلار كانت تتجول في مناطق تماسّ سياسي تتداخل فيه الدولة السلجوقية والأيوبية والبيزنطية.. كما شهد أرطغرل جزءاً من الغزو المغولي والذي تضررت منه قبيلة الكايلار كثيراً .
كذلك اختلط الإسلام السلفي الجهادي بصوفية باطنية جسدها الظهور المتكرّر للشيخ ابن العربيّ الذي ثبت تاريخياً زيارته للعاصمة السلجوقية قونيا .. ويصوّر المسلسل العلاقة الروحية العميقة بين الشيخ ابن العربي وأرطغرل فقد أهدي الشيخ ابن العربي أرطغرل سترة رقيقة للصدر طلب منه أن يلبسها تحت ملابسه عند ذهابه للحرب .. وكذلك ظهور ابن العربي المتكرر عند الأزمات ودوره في إنقاذ أرطغرل من السمّ الذي دسّه له حرّاس المعبد البيزنطيين (تطور حرّاس المعبد لاحقاً فكوّنوا الجماعة السرية المسماة بالماسونية.. وكان حرّاس المعبد بارعين في المؤمرات والدسائس والاغتيالات).
وهنالك بعد تنظيمي حركي في المسلسل وهو انتماء أرطغرل لجماعة إسلامية اسمها ذوو اللحي البيضاء وهو تنظيم شبيه بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين وشارك في التصدّي للغزو المغولي علي هضبة الأناضول ولدي التنظيم شبكة استخبارية وقد دعموا السلطان السلجوقي علاء الدين كيكوباك بشدة وأظن أن السلطان علاء الدين كان علي صلة بهذا التنظيم أيضاً
لست مستيقناً إن كان لجماعة اللحي البيضاء أي وجود تاريخي أم أنّ وجودها في المسلسل كان من باب الحبكة الدرامية والتي تقوم بإشباع رغائب تركية حاضرة وأشواق أردوغانية لعودة الدولة العثمانية الأرطغرلية ..
من النقاط الجديرة بالملاحظة كثرة الخيانة وبيع الأنفس مقابل الذهب والسلطة لدي قيادات قبلية نافذة في ذلك العهد الغابر مثل الباستي وكورت أوغلو اللذين تعاونا مع المغول خاصة الأول الذي شارك الحملة المغولية لتأديب القبائل التركية المتمردة مما أدي لأن يقتله ارطغرل ويريح القبائل التركية من شروره..
نعم إنّ الخيانة نمط متجدّد في حياة المسلمين وفي الطبيعة البشرية عموماً ولكننا رأينا في هذا المسلسل وزراء في الدولة السلجوقية يتآمرون مع البيزنطيين والمغول من أجل السلطة والجاه وتجسًد ذلك في الوزير السلجوقي سعد الدين كويبك الذي كان يمقت أرطغرل أشدّ المقت وتآمر ضدّه مع كل من البيزنطيين والمغول وكل أعداء أرطغرل القبليين من أجل أن يحقق هذا الوزير حلمه بالجلوس علي كرسي الملك السلجوقي ووصل به الأمر إلي أن تآمر علي قتل السلطان السلجوقي الرجل الصالح المجاهد علاءالدين كيكوباك الذي ساند أرطغرل في غزواته واقتطع له القلعتين البيزنطيين اللتين استولي عليهما بالحرب في كراجاخصار وسوغوت وصارت سوغوت أرضاً مملوكة لقبيلة الكايلار
يسرحون ويمرحون فيها وفيها دفن أرطغرل وقبره يزار.

بابكر إسماعيل