قفزة في واردات السودان الغذائية
كشف الموجز الإحصائي للتجارة الخارجية السودانية الذي يصدره البنك المركزي، عن ارتفاع قيمة واردات الغذاء إلى 893 مليون دولار خلال الربع الأول من العام الحالي (من يناير/ كانون الثاني وحتى مارس/آذار)، مقارنة بمبلغ 430.9 مليون دولار لنفس الفترة من العام الماضي 2021.
وبلغت قيمة واردات القمح أكثر من 327.1 مليون دولار، فيما بلغت قيمة دقيق القمح أكثر من 39.2 مليون دولار، حسب الموجز الإحصائي للتجارة الخارجية.
وفي هذا السياق، أكد مختصون أنّ زيادة استيراد السودان للسلع في الآونة الأخيرة ترجع إلى سياسة الحكومة التي تشجع الاستيراد وتحارب في ذات الوقت الإنتاج المحلي لاعتمادها الكبير على فاتورة الجمارك في تسيير نفقاتها المتزايدة.
وكشفت الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس عن استيراد السودان لأربعة آلاف وخمسمائة سلعة سنوياً من دول مختلفة تتصدرها الصين بثلاثة آلاف سلعة.
كشفت الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس عن استيراد السودان لأربعة آلاف وخمسمائة سلعة سنوياً من دول مختلفة تتصدرها الصين بثلاثة آلاف سلعة.
ومن جملة ثلاثة آلاف نوع من الدواء فإنّ السودان، وحسب مسح صناعي يستورد ألفا وخمسمائة نوع منها. وأوضحت إحصاءات غير رسمية استيراد 500 سلعة من الدول العربية أبرزها مصر.
وفي هذا السياق، يقول المحلل الاقتصادي هيثم فتحي، لـ”العربي الجديد” إنّ الاقتصاد السوداني حالياً في مرحلة اتحاد عوامل التضخم، وضعف الإنتاج والصادرات، وانفلات الكتلة النقدية. ويشير إلى التراجع المتواصل في أداء القطاعات الإنتاجية الرئيسة وفي مقدمتها الزراعة والصناعة، الأمر الذي أدى إلى ظهور اختناقات هائلة في الإنتاج زادت من الاعتماد على الاستيراد، خاصة الغذاء، وقلصت من حجم الصادرات، وبالتالي ارتفع الطلب على النقد الأجنبي، علماً أنّ عائد صادرات الذهب لا يتعدى 1.2 مليار دولار في العام.
وسبق أن أوقف السودان في عام 2017 استيراد نحو 19 سلعة، تصل تكلفتها السنوية لنحو 4 مليارات دولار، ضمن محاولات السيطرة على العجز التجاري.
ويقول الخبير الاقتصادي الفاتح عثمان، لـ”العربى الجديد” إنّ قطاع الصادرات من أضعف القطاعات في السودان ويضطر إلى تبني سياسات غير قانونية حتى لا يتعرض للإجراءات المعقدة التي تتخذها الحكومة. ويرى أن الاستيراد يتلقى امتيازات كبيرة والسبب في ذلك هو اعتماد الحكومة على الجمارك في تسيير النفقات المتزايدة لقطاعاتها المترهلة.
من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي فيصل عوض، لـ”العربى الجديد” إنّ الحكومة تفرض رسوماً تعجيزية أدت إلى إخراج الكثيرين من دائرة الإنتاج حتى في الجوانب التي يمتلك فيها السودان ميزات كالزيوت والألبان ومشتقاتها.
وطالب بردم الفجوة بين الصادر والوراد التي تزداد يوماً بعد يوم لصالح الاستيراد. وأصبح السودان بلداً مستورداً لمعظم المواد الغذائية، ما جعل أسعار الدولار تلعب دوراً رئيسياً في تسعير السلع الأساسية بالأسواق، بحسب مراقبين.
ورغم ارتفاع واردات السودان من السلع الغذائية، فإنّ وزارة الزراعة قالت إنّ عدد الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي بالبلاد يقدر بنحو 9.6 ملايين شخص أي ما يعادل 20% من سكان البلاد الذين يحتاجون إلى التدخل العاجل من قبل الحكومة ومنظمات المجتمع الدولي.
ورسم مدير الإدارة الفنية للأمن الغذائي بوزارة الزراعة، حمزة عبد الله، صورة قاتمة عن الأمن الغذائي لهذا العام، مشيراً إلى أن إنتاج الحبوب قد انخفض بنسبة 35% مقارنة بالعام الماضي. وقال إنّ إنتاج هذا العام من الحبوب يقدر بنحو خمسة ملايين طن فقط، لافتاً إلى أسباب أدت إلى ذلك التراجع من بينها التردي البيئي وارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج الزراعي وتذبذب أعمال الري، بالإضافة إلى التحديات الاقتصادية التي واجهت البلاد خلال الفترة الماضية.
العربي الجديد