رأي ومقالات

بابكر إسماعيل: الجدّ … الذي فاح طيبه وبان نوره


قال محمّد سعيد العبّاسي:
سبعون قصّرت الخطي فتركتني
أمشي الهويني ظالعاً متعثّراً
والجد جاء من أقصي المدينة إلي قاعة الصداقة يسعي ..
وتنوء خطاه بثقل اثنين وتسعين عاماً ..
قضي كثيراً منها متنقلاً في ربوع السودان ونجوده مرتدياً روب القضاء حاملاً بكفّيه ميزانه ..
يحصنه خلق ودين وأصل تليد ..
وتسنّم عري العدالة حتي وصل لأعلي غرفاتها قاضياً بالمحكمة العليا ..
وتقاعد في في قريته الوادعة أم ضبّان مرشداً للطريقة القادرية البادرابية بعيداً عن صخب الخرطوم وأوزونها ورياضها الغناء ..
وهو بها جدير فبسيوف آبائه تحرّرت عاصمتنا ..
وبقدورهم الراسيات أطعموا جوعاها ..
وفكّوا أسراها ..
وأمّنوا الخائفين ..
حرّاساً للعرين وحماة للدين..
صعد الشيخ الجدّ ..
بجدٍّ وعزم أكيد علي منبر القاعة الكبري يدعو أهل السودان إلي كلمة سواء ..
وهو كبيرنا وحُقّ له التبجيل والتقدير ..
وحُقّ لنا الاستجابة للنداء ..
فدعانا ألا تناجشوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ..
بإشباع واواتها …
في تنغيم دوريٍّ محبب تسمعه في تلاوة القرآن بوسط السودان …
الطيب الجدّ وهو بقية من صالحين ..
يدعو أهل السودان وشبابه ونساءه وشيبه للحوار والسلام والمحبّة ..
وهو كادح إلي ربّه كدْحاً فملاقيه ..
فيعرّفه بنعمه ويسأله فيما فعل فيها ..
فيقول يا ربّي إنّي قد دعوتُ خصماء السودان المتشاكسين إلي أم ضوّاً بان ووقفتُ لهم خادماً ..
وسألتهم بك أن يأتوا إلي كلمة سواء علي أرض النيل وموئل الصادقين ..
ثمّ وقفتُ أمامهم خطيباً في القاعة الكبرى ودعوتهم ألا يتناجشوا ولا يتباغصوا ولا يتحاسدوا وأن يجعلوا السودان في حدقات العيون وسويداء القلوب وأنا شيخٌ كبير ..
وقد وهن العظم منّي .. واشتعل الرأس شيباً ..
وأرجو ألا أكون بدعائك شقيّاً ..
وجبت .. وجبت ..
يا أيّها البادرابي ويا كبير أهل السودان
فنية المرء خيرٌ من عمله ..
ونرجو أن يشفّعك الله في أهل السودان ..
ويجمعهم علي رضاء وسواء ..
ويُزيل من قلوبهم البغضاء ..
ويعود السودان لنا وطناً شامخاً عاتياً عالياً ..
نبنيه بسواعد الجدّ ..
وبفال الجدّ ..
وبنداء الجدّ ..
وجدٌّ لنا إن شمّرنا عن سواعد الجدّ ..
لنبني وطن الجدود ..
الذي نفديه بالأرواح نجود ..
نعم الوطن ..
وخيراته كم يتدفقن ..
ونحن فداه من المكائد والعدا ..
ودايماً يسود ..
وطني ..

بابكر إسماعيل