تحقيقات وتقارير

منصب رئيس الوزارء .. أمل الخروج من (الشللية) والمحاصصات!!


بعد أن بدأت ملامح الحكومة المرتقبة في الظهور على الساحة السياسية عاد إلى السطح ظهور أسماء لشخصيات من مختلف ألوان الطيف السياسي، يتم الترويج لها على أنها مرشحة لأجل شغل منصب رئيس الوزراء المختلف حوله. ومن أبرز الشخصيات التي تداولت وسائل الإعلام المختلفة ترشيحه لهذا المنصب برز اسم وزير العدل السابق نصرالدين عبد الباري، إلى جانب اسم مدير جامعة إفريقيا العالمية السابق البروفيسور هنود أبيا كدوف، وهو يعد من المرشحين لشغل المنصب إلى جانب الكثير من الأسماء التي ذاع صيتها لشغل منصب رئيس الوزراء. ومؤخراً كشفت تقارير صحافية، عن معلومات جديدة بشأن المرشّحين الجدد لرئاسة الوزراء، فقد تأكد أنّ المؤتمر السوداني بدأ تحرّكات جادة لطرح المهندس عمر الدقير مرشّحًا لرئاسة الوزراء، بينما أفصحت المصادر أنّ هناك ترتيبات جارية لترشيح وزير الصناعة والتجارة السابق مدني عباس، لمنصب رئيس الوزراء في الحكومة المدنية الانتقالية المقبلة، غير أن أسهم رئيس الوزراء السابق د. عبد الله حمدوك لا تزال مطروحة في سوق السياسة، فمن ستكون أسهمه راجحة ليشغل المنصب الرفيع.

سابق لأوانه

وربما يركز الكثيرون من قيادات القوى السياسية خلال هذه المرحلة على الوصول لضفة التوقيع النهائي على وثيقة الاتفاق الإطاري التي ستحكم فترة الانتقال الجديدة، ووضع المعايير المطلوبة والهيكل الأساسي ومن ثم التفكير في شغل المناصب. وتقول القيادية في الحرية والتغيير المجلس المركزي زينب الصادق المهدي إن مسألة اختيار رئيس الوزراء تعد حتى الآن أمراً سابقاً لأوانه، وسيتم التشاور فيه بعد الانتهاء من التوقيع النهائي للعملية السياسية. ولكن رغم ذلك فإن قوى الثورة الموقعة على الاتفاق السياسي تقوم بالتشاور الآن لاختيار رئيس الوزراء الانتقالي، وفقاً لمعايير الكفاءة الوطنية وأيضاً الالتزام بالثورة والإعلان السياسي ومهام وقضايا الانتقال، مبينة أن رئيس الوزراء بعد أن يتم اختياره سيجلس مع جميع الأطراف المدنية الموقعة على الاتفاق السياسي، ليتم اختيار وتعيين الطاقم الوزاري.

وأضافت زينب أن من الطبيعي أن تظهر الكثير من الأسماء في الساحة السياسية للترشيح لمنصب رئيس الوزراء، وذلك يأتي في إطار أن مجموعة من الناس يعملون على اختيار شخصية معينة، يرون أن فيها الكثير من الملامح التي تتناسب مع رئيس مجلس الوزراء .

أعلى الدرجات

وفي ذات الاتجاه قال الناطق الرسمي باسم الحرية والتغيير المجلس المركزي جعفر حسن بحسب تصريحات صحفية سابقة، لا يوجد حجر على منصب رئيس الوزراء من أي سوداني تنطبق عليه المواصفات، مؤكداَ أن الحرية والتغيير لم تقل فلاناً يأتي وفلاناً لا يأتي ولكن وضعنا معايير من خلالها يتم الاختيار. وهذه المعايير مثل التزام الشخص بالثورة والكفاءة الأكاديمية وأيضاً الكفاءة السياسية وكلها لها درجات، وصاحب أعلى درجات سيكون هو الذي يحظى بهذا المنصب الرفيع في الدولة السودانية، وكي يقود التحول المدني في السودان .

سوداني بالميلاد
وربما ترى بعض القوى السياسية أن تفرض قيوداً من شأنها أن تضيق فرص اختيار رئيس الوزراء، إذ يؤكد نائب الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي محمد بدر الدين، وضع معايير لرئيس الوزراء لا بد أن تتوفر فيه وأبرزها أن يكون رئيس الوزراء سودانياَ بالميلاد، ولا يكون من حملة الجوازات الأجنبية، مؤكداً على أن لا يقل عمره من خمسة وعشرين عاماَ ولا بد أن يكون رئيس الوزراء من ذوي النزاهة والكفاءة والتأهيل والخبرة العملية والقدرات الملائمة للمنصب، وأضاف قائلاَ ألا يكون قد أدين بحكم نهائي من محكمة مختصة في جريمة تتعلق بالشرف أو الأمانة.

مؤمن بالثورة

فضلاً عن ذلك قال الخبير القانوني معز حضرة من أهم المعايير التي يجب أن تتوفر في رئيس مجلس الوزراء القادم، لا بد أن يكون ابناَ لثورة ديسمبر المجيدة ويكون مؤمناً بكل مبادئها وأن تكون له القدرة والجرأة والرؤية على تطبيق الثورة وإنزالها إلى الشارع. ويعمل على إزالة جميع الحواجز بينه وبين الشارع وخاصة شباب وشابات الثورة المجيدة، وأن لا يفعل كما فعل سلفه عبدالله حمدوك الذي أغلق نفسه حول “شلة” صغيرة من حزبه السابق جعلته بعيداَ من الشارع، رغم أنه حظي بتأييد كبير جداَ من الشارع السوداني. ولكنه بواسطة هذه “الشلة” التي يجب أن يفتح ملفها في يوم من الأيام ويجب أن يستفيد من هذه التجربة، وأن يفتح نفسه على الآخرين ويتخذ القرارات اللازمة لتطبيق مبادئ الثورة بكل قوى وجرأة.

كفاءة ومقدرة

وفي ذات السياق قال القيادي في الحزب الاتحادي الموحد هيثم عبدالله لم يتم وضع المعايير الأخيرة لمن يشغل منصب رئيس الوزراء، ولكن بعد المشاورة تم الأخذ بالمعايير التالية، وهي يجب أن تتوفر في رئيس الوزراء القادم في الحكومة الجديدة الالتزام بقيم ثورة ديسمبر المجيدة ولابد أن يكون ذا كفاءة ومقدرة، مشيراَ إلى أن يكون موقفه من انقلاب 25 أكتوبر معروفاً وأيضاً من المعايير وجوده داخل المحيط السوداني، ولا يكون من أصحاب الجوازات الأجنبية ولا يكون سبق له الإدانة بحكم نهائي من محكمة في جريمة تتعلق بالشروف والأمانة.

معايير مرضية

ويرى القيادي بالجبهة الثورية دكتور محمد إسماعيل زيرو هناك عدة معايير تم وضعها في الاتفاق السياسي في اختيار الجهاز التنفيذي، منها معيار الكفاءة والخبرة والمؤهلات العلمية وأهمها هو معيار الإيمان بأهداف ثورة ديسمبر المجيدة ودعم التحول المدني الديمقراطي. وقال هذه المعايير مهمة وعادلة ومنصفة بالنسبة لنا كأطراف للعملية السلمية والجبهة الثورية، وتابع “هذه المعايير مرضية لقطاع عريض من القوى الثورية على الأرض، بيد أن هناك العديد من المكونات السياسية والأحزاب التي ليس لها إيمان بقضية الانتقال، وتطالب بأن يكون هناك معيار الاستقلالية وهي حديث حسن أريد بها باطل، هو إغراق الحكومة المدنية القادمة بالذين ليس لهم اهتمام بالتحول المدني الديمقراطي.

قوى الظلام

وأشار زيرو بالقول حالياً لا توجد كفاءة مستقلة وتابع “لذا يجب أن نكون واقعيين في اختيار الجهاز التنفيذي الذي يمثل الثورة تمثيلاً حقيقياً، حتى نضمن عدم إغراق مجلس الوزراء وحكومة الولايات بقوى الظلام التي تريد أن يظل السودان كما هو الآن”، لافتاَ أن من متوقع أن يكون هناك بعض الاستثناءات في بعض هياكل الحكومة، وذلك لما تقتضيه الضرورة وهذا إن كان في الحد المعقول قد يكون مقبولاً، غير ذلك فإن الحكومة القادمة إن تشكلت سوف تواجه كثيراً من التحديات التي تعيق عملها في خدمة المواطن والتحضير للعملية الانتخابية والتحول المدني الديمقراطي الذي يعزز فرص استغلال موارد البلاد بصورة مثلى، تنهض بالبلاد وتجعل منه قوى عظيمة حيث أن البلاد تزخر بالعديد من الموارد، إلا أن عدم وجود برنامج وخطط ومشاريع لحسن إدارة هذا التنوع ظلت هي العقبة الكؤود التي أقعدت بالبلاد. لذا تظل جودة المعايير والاختيار الأمثل والمتخصص لطاقم الوزارة هي التي تحدد ملامح نجاح أو فشل الحكومة القادمة.

الشللية والمحاصصات
من جانبه قال رئيس المجلس التنفيذي لحركة بلدنا وعضو مبادرة الخلاص جعفر خضر لـ(الحراك)، في الفترة الانتقالية المجهضة بانقلاب 25 أكتوبر لم يتم اعتماد معايير مضبوطة وصارمة لاختيار رئيس الوزراء والوزراء، والتسكين في الوظائف السياسية العليا ولذلك كانت (الشللية) والمحاصصات الحزبية هي سيدة الموقف في تحديد الشخصيات التي حكمت. وقد أدى ذلك إلى إشكالات كبيرة منها استشراء التمكين في الوزارات. وتابع “الوزير الذي يتم تعيينه بواسطة حزب بعينه يعمل على تسكين أفراد الحزب في الوظائف العليا في وزارته، وقد أدى ذلك إلى أن أداء الحكومة كان ضعيفاَ لتلك الأسباب ولأسباب أخرى متعلقة بالعراقيل، والعقبات التي كان يضعها المكون العسكري تمهيداَ لانقلابه.

سيدة الموقف

وقال خضر المتوقع في المرحلة الحالية من تشكيل الحكومة الجديدة بعد اكتمال الاتفاق النهائي، متوقع أن تكون المحاصصات الحزبية هي سيدة الموقف، لأنه لم يحدث تغيير في طريقة تفكير القيادات في الحرية والتغيير المجلس المركزي، والقيادات التي صاغت الاتفاق الإطاري بالتعاون مع الانقلابيين والاتفاق النهائي من بعد ذلك، مؤكداَ أن الشخصيات التي يتم تسكينها في المواقع ستخضع للموازنات الحزبية، ولنفوذ وقدرة الشلليات داخل الأحزاب وداخل الحرية والتغيير .

وتوقع خضر مشاركة البرهان وحميدتي رغم أن موقفهما المعلن أنهما خارج العملية السياسية ولكن بعض الوظائف المهمة والحساسة ستتم بموافقتهما، ولو كان التفاكر معهم في صورة سرية وبالأخص بالمواقع التي لها علاقة بالأجهزة العدلية، سيكون لهم رأي فيها لأنها مواقع حساسة بالنسبة لقضية العدالة والجرائم الجسيمة والجرائم ضد الإنسانية التي تم ارتكابها في ظل الثورة وبعد انقلاب 25 أكتوبر، لافتاَ إلى أنه في الوضع المثالي أو القريب من المثالية الذي يعتمد على المعايير المنضبطة والصارمة في الاختيار، وأعتقد أن الوضع السياسي والظروف والمناخ السياسي الآن لا يساعد ولا يمكن من إعمال النهج العلمي الدقيق الصارم .

وجه قباحة

وفي المقابل قال الناطق الرسمي باسم تجمع المهنيين السودانيين الوليد علي رئيس الوزراء الذي يأتي لا بد أن يعمل على محاسبة جنرالات مجلس السيادة، قائلاَ إن وجود جنرالات مجلس السيادة في أي هيكل من هياكل السلطة ستكون الحكومة مثلها مثل حكومة حمدوك .

وأكد الوليد أن الاتفاق الإطاري والوثيقة المسربة سوف تفضي إلى حكومة “وجه قباحة” جديدة، مبيناَ أن العسكر وفق النص الوثيقة المسرب هم جزء من اختيار الحكومة الجديدة، قائلاَ إن الوثيقة المسربة تؤكد رغبة العسكر في عدم الخروج من العملية السياسية، لأن هناك نصاً واضحاً يقول القوى الموقعة على الاتفاق النهائي مسؤولة من تعيينات الحكومة القادمة، وأن العسكر من أبرز الموقعين على الاتفاق النهائي .

خلاف حول المنصب

ومن جهته أكد المحلل السياسي أستاذ العلوم السياسية بجامعة أمدرمان الإسلامية البروفسير حسن الساعوري، وجود خلاف حول منصب رئيس الوزارء. وقال يمكن الخلاف حول من يشغل المنصبن مشيراً إلى أن كل أطراف العملية السياسية متمسكون بأن الذي سيشغل المنصب، يجب أن يكون من الداعمين والمؤمنين بمبادئ ثورة ديسمبر، لافتاً إلى أن هذه النقطة لا خلاف عليها.

وقال الساعوري لـ(الحراك) بحسب التسريبات فإن منصب رئيس الوزراء سيذهب إلى أهل الشرق، وحول عودة رئيس الوزراء المستقيل عبد الله حمدوك مجدداً للمنصب شدد بالقول: لا أتوقع عودته وذلك لأن قوى الحرية والتغيير تبحث عن شخصية غير خلافية لشغل المنصب. وعطفاً على ذلك فإن حمدوك كان مسار خلاف ولفت بأن الحديث الذي يدور الآن في الأضابير عن رئيس الوزراء، يعتبر حديثاً للاستهلاك السياسي لا يؤخر أو يقدم في العملية السياسية.

الخرطوم – مُهيبة بيِّن
صحيفة الحراك السياسي