رأي ومقالات

غابت الرؤية تماماً أمام أنظار قادة المليشيا المنكوبة وبدأ مسلسل خراب بيوتهم بأيديهم

دعم إدارات البكاسي الأهلية، متراجعة النفوذ ومنحسرة التأثير في جنوب دارفور لمليشيا الجنجويد ليس حدثاً جديداً ولا متجدداً، ولا يندرج ضمن الأخبار. الخبر هو اضطرار المليشيا لإعلان ذلك على طريقة خطبة (رفع فراش البكا) في ظل المتغيرات المتسارعة ميدانيا، وتململ القبائل واحتدام الصراعات الداخلية والانقسامات العميقة إثر تصاعد فاتورة القتلى والجرحى من أبنائها بصورة مرعبة مع انسداد كامل الأفق أمام المليشيا لتحقيق أي انتصار عسكري أو اختراق سياسي أو دبلوماسي بعد أن أصبحت في حكم الميئوس منه لدى بعض الدوائر ، والمنبوذ لدى أخرى ،

والمطلوب للعدالة الجنائية أو المحكوم عليه بالإعدام لدى البعض الأخير، ولم يتبق للمليشيا إلا بعض رؤساء المرتزقة، ومرتزقة الرؤساء من غير ذوي البأس، مع الاصطفاف الداخلي الذي يرقى لدرجة الإجماع الوطني خلف مؤسسة الجيش الوطنية الجامعة لكل المكونات السودانية دون أدنى استثناء.

غابت الرؤية تماماً أمام أنظار قادة المليشيا المنكوبة وبدأ مسلسل خراب بيوتهم بأيديهم بتسريع وتيرة الاحتراق في تنور الصراع الدائر داخل المكونات القبلية في مناطق التأييد والإمداد الرئيسية، وهو أمر لن يكون حاسما بشأن مسارات ومآلات حرب انتحار الجنجويد آنيا فحسب، وإنما في إعادة تشكيل الواقع المجتمعي لحواضنها القبلية من المنظور الاستراتيجي بعيد المدى.

وليجدوا فيكم غلظة :
مع دخول الجنجويد مراحل اليأس والإحباط النهائي وتبدد جميع آمالهم في استعمار الخرطوم سيزدادون سعاراً، ويجنحون لسلوك انتقامي بشع؛ لذا لابد أن تكون خطة الردع استباقية شديدة الإحكام، وأن تكون المقاومة الشعبية في أعلى درجات التنظيم والاستعداد على كافة المستويات. إخراج عناصر المليشيا الفوري من الأحياء، و(الاحتواء الفاعل) للخونة من داخل صفنا والمرجفين والمخذلين وبائعي الشرف والذمة، والمتعاونين معهم، بتجرد كامل من كل أنواع العواطف والولاءات، وتأمين الأحياء بصورة مستدامة، ضرورات قصوى، ومما لا يتم ذلك إلا به حظر التجول الليلي الذي يمكن أن يمتد أو يمدد حسب مقتضى الحال.

لا نريد مزيدا من الجراحات، بل المطلوب أن يتعلم عتاة المجرمين للمرة الأخيرة وهم في طريقهم إلى الجحيم المعنى الحقيقي للجاهزية والسرعة والحسم التي يتشدقون بها، لتبقى في عقبهم (جرعةً وقائيةً) تكفي لمئة عام قادمة لكل من تسول له نفسه مثلما سولت لتتار الشتات الغرب أفريقي ومن معهم من المنتسبين للسودان، ومن شايعهم وعاونهم وأمدهم.

زهير عبد الفتاح