عثمان جلال: رسالتي الثانية إلى قادة الجيش االسوداني
(كتبت هذا الجزء في سياق مقال نقدي لخطة الجيش الفنية في التعامل مع تمرد الدعم السريع في الخرطوم وكان ذلك يـوم ٥/١٥ ولكن قررت تأجيل النشر لحين حسم المعركة والآن أنشر هذه الجزئية من المقال لعلها تجد التفاعل من القادة العسكريين الممسكين بملف العملية الفنية)
(١).
في اعتقادي ان اطالة ساعة الحسم العسكري وتجفيف الخرطوم نهائيا من مليشيا الدعم العسكري باعتبارها مركز الثقل السياسي والاقتصادي والمجتمعي والاستراتيجي للسودان يصب في صالح مرتزقة الدعم السريع لانها تحظى بالامداد البشري والمالي واللوجستي والسلاح خاصة في حالة امدادها بأسلحة نوعية مثل مضادات الطائرات والدبابات وذلك من داعميها الاقليميين خاصة دويلة الامارات ، ومع انتشار المليشيا البطيء في الأحياء والمرافق الاستراتيجية والخدمية داخل الخرطوم مما يعني الدخول في حرب العصابات المنهكة حسب الخطة المصممة من شركة فاغنر .
علاوة علي الدعم الدبلوماسي والسياسي الذي تحظى به المليشيا من بعض قادة المؤسسات الاقليمية الافريقية نتيجة شراء الذمم بالمال والذهب( والشخصية الأفريقية قابلة للاستحمار والاستعمار والبيع كما ذكر فلاسفة التاريخ ) وكذلك الدعم الدولي ببرباغندا فوبيا التيار الإسلامي الوطني . والدعم الغربي لا يخلو من انتهاية لأن أوربا وأمريكا تدركان أن مليشيا الدعم السريع المهدد الاستراتيجي للانتقال الديمقراطي في السوداني ولكن حسب طعن ميشيل فوكو أن الديمقراطيات الغربية تخفي وراء مظاهرها البراقة في ممارسة السلطة حفنة من الرعاة تقود الأغلبية الساحقة من السكان وتعاملهم كقطيع.
(٢).
كذلك فان تاخير الحسم العسكري سيفتح الباب للتسوية السياسية عبر الضغط الإقليمي والدولي ومن ثم اعادة انتاج المتمرد حميدتي في المشهد السياسي . مما يعني استمرار الخطر الوجودي للدولة السودانية.
ايضا تاخير الحسم العسكري مع تمدد وانتشار المليشيا في احياء الخرطوم سيمكنها من تشكيل حاضنة مجتمعية موالية لها تزودها بالمعلومات وربما القتال إلـى جانبها نتيجة الإغراء بالمال.
وتأخير الحسم العسكري ربما يقود الإمارات لاستقطاب قيادات الحركات المتمردة أمثال الحلو وعبد الواحد محمد نور وحفزهم لفتح جبهات قتالية في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق لاستنزاف وانهاك الجيش السوداني
وأيضا تأجيل الحسم العسكري سيدفع دويلة الإمارات لاغراء قادة دول الطوق الأفريقي للسودان بالمال لتغيير مواقفهم الحيادية والتأييد الخفي إلى موالاة المليشيا جهارا، ومن ثم تحويل حدودهم مع السودان قواعد لتدفق السلاح والأموال الإماراتية، وربما يتطور الموقف لتدخل عسكري مباشر من هذه الدول (تجربة العدوان الثلاثي عام ١٩٩٧) وذلك لاحتلال بعض المدن الاستراتيجية في ولايات دارفور يتم اتخاذها منصات اسناد لقوات المليشيا المتمركزة في الخرطوم. ومواجهة هذا الحلف الإقليمي والدولي الشرير تقتضي من قيادة الجيش السوداني إبرام تحالفات عسكرية مع دول العالم الحر أمثال تركيا وإيران وكوريا الشمالية والصين
(٣).
كذلك فإن تاخير ساعة الحسم العسكري مع التخريب الممنهج لبنية ومؤسسات الدولة سيؤدي الي الانهيار الاقتصادي الشامل وهذا السيناريو سيدفع المجتمع الدولي للضغط لقبول التسوية السياسية ومن ثم اعادة انتاج المتمرد حميدتي في المشهد السياسي السوداني.
وكذلك فإن سيناريو اطالة أمد الحرب مع حالة الاستقطاب الهوياتي والسيولة ربما يؤدي الي تشظي يطال المؤسسة العسكرية الوطنية مما يؤدي إلى التدحرج في اتون الفوضى الخلاقة وحرب الكل ضد الكل وتفكك السودان علي أساس هوياتي ومناطقي خاصة أن مفاهيم الأمة والهوية الجمعية والوحدة الوطنية لا زالت تحت التشكل ورهن التفاعل ، والمجتمعات دائما نزاعة للسلطة السياسية الرعوية في محاضنها الأولية أي رابطة العصبية القبلية. .
لذلك يجب علي قادة الجيش السوداني تسريع وتيرة العمليات العسكرية واستخدام كل عناصر القوة المميتة لتصفية جيوب مليشيا الدعم السريع في كل مدن الخرطوم الثلاث.
عثمان جلال