في مجلس عزاء جمال زمقان ..حكايات أغرب من الخيال عن الشهيد!
في مجلس مهيب تداعي له كل أحباب ومعارف واخوان الشهيد جمال زمقان في اسطنبول بحضور إبن الشهيد (محمد) كانت الكلمات عجبا” ! والروايات أقرب للمعجزات منها إلي الحقائق !
استمعنا لقصصٍ وكأنها تروي عن الابطال في الأزمان السابقة…عن النوادر التاريخية التي كانت تسطر لنا في كتب الفتوحات والغزوات الإسلامية لأبطال ضحوا بأنفسهم واختاروا طريق الشهادة قبل أن تختارهم الشهادة…
من أعجب ما قيل :
تحدث ابنه المبارك محمد الحافظ لكتاب الله عن سويعات قبل استشهاد والده ..
يقول الابن اتصلت بأبي في مساء الخميس ورجوته أن يدخر نفسه لجهاد طويل ويترك موقعه في داره ويغادره …ويقول اغلظت القول عليه في ذلك ووضعته بين خيارين : اما أن أغادر انا تركيا وأعود للسودان لاكون بجانبك أو أن تغادر انت وتأتي لتكمل جهادك من ساحة خارجية كما فعل الكثيرون من رصفائك!!
ماذا رد عليه الشهيد ؟ برغم عاطفة الابوة والمحبة الكبيرة التي يحملها لابنه اجابه بهذه الكلمات التي ستبقي نبراسا” للأجيال:
يا محمد لقد مضي في طريق الشهادة عمك كمال ومضي الدكتور محمود شريف وبقيت انا ولم احظ بها ! وأخاف أنني غير أهل للشهادة ! وهاهي الشهادة تطرق بابي بقوة وفي داري ! فهل يجوز لي أن ارفضها واهرب منها ؟ هل يجوز لي أن أتولي يوم الزحف؟ لا والله لن ادع الشهادة تفلت من يدي هذه المرة …
وختم قوله لابنه محمد :أوصيك علي امك واخواتك وأهل بيتك ونلتقي في الجنة ان شاء الله …هكذا ودع الشهيد ابنه بهذه الكلمات التي ثقلت بها الأرض والسماوات إن شاءالله…
ثم كان حديث رفيق دربه وصنو روحه وشريكه في طريق طويل منذ أكثر من أربعة عقود …تحدث المهندس عماد الدين حسين وقال امرا” عجبا” …قال والله بكيت جمالا” قبل أن يستشهد!
لقد تراءت لي بعض الرؤي جعلتني اعرف أن الحبيب جمال قد أجاب النداء وسيلتحق بركب الشهداء !
دار حوار طويل بين الأخوين..يقول المهندس عماد: قلت له يا جمال لا نريدك أن تعطي شرف القتل لهؤلاء الانذال ..حثالة البشرية من شراذم المليشيا …لا نريدك ( بندقجي) وانت رجل قائد لكتائب المجاهدين منذ الكتيبة الخضراء مرورا” بسنوات من قيادة كتائب المهندسين والفنيين في مسيرة النهضة الصناعية للتصنيع الحربي …
الحركة والدولة والسودان كله يحتاجك ان تبقي حيا” بينتا ….ولكن يقول الأخ : ونحن نتحدث كانت أصوات الرصاص تتصاعد وتزداد وتشتد !! حتي توقف الاتصال ..
وحينها علمت أن الأمر قد قضي … ولا حول ولا قوة الا بالله !
مضي جمال وقد كتب بدمه الطاهر ملحمة جديدة في تاريخ الاستشهاد والرباط …
ما كان ضره أن ينسحب من داره ويذهب لاي دار آمنه ولن يعجزه ذلك …
ما كان ضره لو فعل مثل ما فعل الآخرون أن يلتحق بأهل بيته في قريته بمدينة حلفا الجديدة يخطط ويجاهد من ساحة اخري؟؟
ولكن العظماء وحدهم من يكتبون سيرتهم بدمائهم !
قيل للشهيد سيد قطب عندما تيقن الناس أنه لا محالة ذاهب للمشنقة !! الا اذا كتب سطرين فقط لطاغية مصر حينها يطلب فيها الاسترحام ويعتذر عن بعض ما كتبه!
قال له الناس: يا سيد الناس تحتاج لك ولكتاباتك فلماذا لا تسترحم ؟
ابتسم شيد شهداء هذا العصر وقال لمحدثيه : إن الأمة تحتاج لمن يكتب لها رسالة بالدم ! فهي الاقوي والابقي من رسائل اليراع!! ثم مضي الي المشنقة مرفوع الرأس مشرق الجبين! لتبقي ذكراه وسيرته الي يومنا هذا غضة طرية ناصعة !هادية للأجيال!
هكذا اختار الشهيد جمال زمقان نفس الطريق…اختار أن يكون شهيدا” بعد أن حصد لوحده سبعة عشر من الانجاس الذين طغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد ! ولم يتمكنوا منه الا يعد أن نفدت ذخيرته وهو يقاتلهم لأربع ساعات …
الحمد لله من قبل ومن بعد علي نعمة الإسلام…والحمد لله من قبل ومن بعد أن جعل الشهيد جمال يحي فينا املا” عظيما” وروحا” جديدة في حركة ظن الناس أنها قد هرمت وتثاقلت الي الأرض وعقمت من انجاب امثال الشهيد عبيد ختم وعوض عمر السماني ود.محمد احمد عمر ود.محمود شريف …الحمد لله الذي كتب باستشهاد اخينا جمال هذه الصحوة وهذا الحماس لاكمال المسيرة القاصدة لله سبحانه وتعالى…
أَقْبَـلَ الفجـرُ فلـبَّـى خاشعـاً ذاق الأمـانـ
قِبلْـةََ الرحمـنِ ولًـى وَجْهَهُ، ثُـمَّ استعانـا
فاْمتطى خيلَ التحـدِّي يقتلُ الصمـتَ الجبانـا
أَثْخَنَ الأعـداءَ طَعْنـاً سَيْفُُهُ يهـوى الطِّعانـا
في سبيـلِ اللهِ يرمـي رميـةً تُعليـهِ شأنـا
في جِنانِ الخلدِ يلقـى ربَّهُ،
فالوقـتُ حانـا دثِّريـهِ يـا روابــي توِّجـيـهِ الأُقحـوانـا
واذكري دوماً شهيـداً قـد أبـى إلّا الجِنانـا
ربمـا نلـقـاهُ فيـهـا فـنـراهُ وَيَـرَانـا…
*متداول