رأي ومقالات

علي عسكوري: موت قحت

بعد فشل اجتماع اديس ابابا وتفرق كلمة القحاتة، صار بوسعنا الاعلان عن موت قحت مثلما مات جناحهم العسكري تحت ضربات القوات المسلحة. و عليه، يمكننا الزعم ان جناحي ما يسمي بالاتفاق الاطارى اصبحا في ذمة التأريخ تصحبهما لعنات ملايين الضحايا من سكان العاصمة والولايات.

غياب اعضاء اساسيين عن الاجتماع أكد فشله قبل انطلاقه، فعلى سبيل المثال لا الحصر غاب عن الاجتماع عمر الدقير، مريم الصادق، الواثق البرير، الطاهر حجر، كما غادر عرمان الاجتماع ولم يحضر الجلسة الختامية بعد ملاسنة مشهودة مع الهادي ادريس، ايضا لم تشارك الحركة الشعبية بقيادة القائد مالك عقار، كما تغيب جعفر حسن (سفارات) ، ولم تشارك مجموعة الدكتور يوسف محمد زين، وتغيبت مجموعة كمال بولاد… يضاف لكل ذلك الملاسنة والتنابذ الذين كادا ان يتحولا الى اشتباك بالايدي بين عرمان وخالد سلك.

وبعد ان انفض سامرهم، لا احد الان في الاعلام او الوسائط ولا بين المواطنين يذكر شيئا من مخرجات اجتماعهم، لماذا اجتمعوا وماذا قرروا وأين هي الاستراتيجية او خطة العمل التى وعدوا بتبنيها لوقف الحرب و استعادة (العملية السياسية)!

يضاف لكل ما اوردنا اعلاه فإن مشاركة اعضاء من مليشيا الدعم السريع و دعمها المالي المعلن للاجتماع، وضع عدد من اعضاء قحت في موقف لا يحسدون عليه، فبتلك الخطوة دشنت قحت مرحلة جديدة انتقلت بها الى الاعلان الصريح والكشف عن انها تمثل فعليا الجناح السياسي للمليشيا، وهو امر طالما انكرته رغم علم جميع السودانين به.

واحقاقا للحق، اجتهدت قحت ايما اجتهاد للعمل في الظل ونفي علاقتها المباشرة مع المليشيا المتمردة حتى كاد الكثيرون ان يصدقوا روايتها، غير ان الاحداث لم تمض في صالح خطتها، فالهزائم العسكرية في القتال لجناحها العسكري، وانحسار الدعم الدولى ماليا وسياسيا واعلاميا لها، وانصراف الشعب عنها ودمغها بالعمالة و عمل العديد من عضويتها كمخبرين للمليشيا ضد المواطنين، كل ذلك وغيره من اسباب مكنت المليشيا من الاشتراط على قحت توفير الدعم المالي لها مقابل اعلانها صراحة عن علاقتها المباشرة بالمليشيا وانها تمثل الجناح السياسي لها وكان اجتماع أديس أبابا ضربة البداية للاعلان عن الزواج السري الذى تواترت حوله الروايات.

ليس هنالك ادنى شك ان الكشف عن العلاقة مع المليشيا يمثل انتحارا سياسيا مجلجلا وستكون له تبعات سياسية طويلة المدى على مكونات قحت، بالدرجة التى تشكل نقطة فارقة أرخت لموتها سياسيا و جماهيريا.

عدد من الذين شاركوا في الاجتماع أكدوا ان تلك قد تكون آخر مشاركة لهم وان قحت لفظت آخر انفاسها السياسية في أديس ابابا، وانهم بصدد البحث عن تحالف جديد تستبعد منه التنظيمات التى قادتهم للمأزق السياسي الحالى ويستبعد منه ياسر عرمان مهندس الارتباط والتحالف السياسي مع المليشيا.

لقد كانت قحت مخلوقا شائها بلا اذان او عيون او عقل، فشل جميع الاطباء السودانيين والاجانب فى علاجه، فرحل بليل كما جاء، لم يذرف عليه احد الدمع، بل تبعته لعنات الضحايا الى حيث صار.

علي عسكوري
١٩ اغسطس ٢٠٢٣