رأي ومقالات

البطل الفارع الشهيد: ياسر فضل الله الخضر الصائم

البطل الفارع الشهيد: ياسر فضل الله الخضر الصائم..

اغفر لنا إن قصرت الرؤية عن إدراك طيب معدنك الصالح الأصيل…

ولي من أولياء الله الصالحين احتسبناه عند الله كذلك…
حفر قبره بيديه قبل ساعات من استشهاده فحسبنا وحسب الجميع لخلل عميق في إدراك جوهره ومعدنه الطيب بذرة صلاح ومشكاة إيمان وصبر على الأذى أنه إنما حفره تحفيزاً لقواته أو عهداً قطعه مع نفسه أن يثبت فلا يجبن ولا يضعف بعد أن وافته أجهزة استخباراته بأن هجوماً وشيكاً سيحدث…
إنها إرادة الله تجلت محبة خاصة خالصة لهذا الصالح الصابر المحتسب الذي لطالما خاض المعارك في الجنوب والشرق والغرب فكان فارساً شهباً شجاعاً عظيماً لايهاب الموت ولا يخشى النزال..ما خاض معركة إلا وكان رمحها الملتهب وسيفها البتار الذي تنتهي عنده مغامرات العدو بهزيمة نكراء يجفل منها كما تجفل المها من فك أسد غاضب…
تجلت وهي تكشف له الحجب ليدرك دنو أجله وكذا الصالحين يختصهم الله من فوق سبع سموات بكرامة أو إلهام أو كشف علي قول سيدنا الفاروق عمر بن الخطاب:((إن القلوب إذا صفت رأت))٠٠
هاهي رؤيته تتجاوز مساحة تقديرنا حين ظننا ذاك الظن فإذا به يرتقي شهيداً بعد أقل من يوم كان قد مضى على تشييع قواته له وهو يحمل المعول ليؤسس لمنزلته الأخيرة قبراً لجسد باذخ عفيف طاهر السر والسريرة…
وبطلنا نفس زكية تربى في منزل علم ومعرفة وخبرة فوالده النابغة الدكتور العالم فضل الله الخضر الصائم مدير هيئة الإرصاد الجوي الذي أدبه فأحسن تأديبه وأطعمه وسقاه وألبسه وغذاه من حلال فكانت ثمرة ذلك ماهو عليه الشهيد من متانة خلق وطول حلم وضبط نفس وقدرة عالية في كتمان الغضب راهب بالليل فارس أصيل شجاع بالنهار..تأبى عليه نفسه أخلاق الكذب والخيانة والغدر والرياء والتكلف…
يخبرك أهله أن موطأ الأكناف تؤذيه الغطرسة والجبروت والطغيان والاستبداد والاستكبار في الأرض بغير الحق والإعجاب المدمر للنفس الذي يتحول إلى درجة إيهام النفس فتبادر للقول:(( من أشد منا قوة))؟!
ويحدث المقربون إليه من أبناء دفعته أنه لم يكن حريصاً على الدنيا بقدر ما كان مارداً شجاعاً مرن على تحطيم العقبات واكتساح السدود…
عقبة ما لها من خلاص بالسهولة واليسر المعروفين ولأجل ذلك وفي سبيل احتلال قيادة اللواء ١٦ نيالا سعت المليشيا المتمردة للتخلص منه بأي وسيلة وبأي ثمن حتى ولو كانت هذه الوسيلة تحمل طابع الغدر والجبن والوضاعة فعمدت إلى إغراء حرسه الخاص بمليارات الدولارات ليغدر به ليخلصها منه وهي تتنفس الصعداء ولا تكاد تخفي فرحة مكتومة أظهرته قناة الحدث التي سارعت إلى بثه بعد أقل من دقائق لأنها كانت تعلم به باعتبارها قناة مخابراتية تديرها المخابرات الإسرائيلية التي أقلقها فشل احتلال قياداته بواسطة خدمها الجنجويد حتي تتمكن من تهريب الصمغ العربي لصناعة البيرة والدواء باعتبار أن نيالا تعد من أكبر الأسواق المصدرة له…
نعم أزعجها بسالته وشجاعته وصموده وجسارته كما تزعج الشوكة العين فهو بحق شكل لها شوكة في عين إسرائيل لا راحة إلا بإزالتها كما قال حاخامها كاهانا ذات كتاب:((شوك في عينيك))٠٠٠
لكن ما لا تدركه مليشيا الجنجويد وسيدتها بالأصالة إسرائيل وبالوكالة الإمارات أن الشهيد جدد كوامن الغضب في نفوس قواته والذين تعاهدوا على الانتقام وأقسموا أن يثأروا لدمائه الطاهرة التي سالت دون وجه حق ولروحه الطاهرة التي أخلصت لهم ورفقت بهم دون تعصب أعمى أو كبرياء منكرة..
هاهو شهيدنا البطل يخلد بصمة في سجل الخالدين فلا تكاد تذكر البطولة إلا وتصدر مشهدها ولا جرى محور الحديث عن الفدائية إلا وارتفع اسمه من بين أعظمهم فداء وتضحية..
ولكأني به وهو يحفر قبره قد تمثل بالصحابي الجليل عبدالله بن أبي رواحة وهو يردد قبل استشهاده في غزوة مؤتة بلحظات أبياته الشهيرة:

يانفس إن لا تقتلي تموتي
هذا حمام الموت قد لقيت
وما تمنيت قد أعطيت إن تفعلي فعلهما هديت
وإن تأخرت قد شقيت
فإن قد صدح الصحابي عبدالله في أعماق النفس بأبيات تأسر القلوب وتخلب الألباب فإن شهيدنا البطل قد ملأ الدنيا وشغل الناس بحدث حوله إلى أسطورة وأيقونة معركة قوامها الوقار والسكينة وحب الآخرة والإقبال على الموت في شجاعة وجسارة وثبات وهو يبتسم في صفاء وهو المؤمن تالي القرآن الكريم بعد أن فتح الله خزائن أسراره له فضلًا و نعمة فمنح عزة وقبولًا ومهابة ظلت روح حياته وحياة روحه ..
سلام عليك أيها البطل الشامخ في الخالدين…
إنا لله وإنا إليه راجعون
عمر كابو