هل أخطأ قادة الدعم السريع في أسلوب معالجة قضايا عرب ورحل دارفور وغرب أفريقيا ؟
هل أخطأ قادة الدعم السريع في أسلوب معالجة قضايا عرب ورحل دارفور وغرب أفريقيا ؟
لماذا تتم معالجة قضايا عرب دارفور وغرب أفريقيا على حساب وجودهم في جغرافيتهم التاريخية الشاسعة منذ ألف وأربعمائة عام وعلى أنقاض إنسان الخرطوم ؟
ظللت منذ العام 2002م ومنذ أن فتحت ثورة المعلومات نوافذ الإطلاع على المجهولات التي طالما تجاهلتها وكالات الأنباء والصحافة ومصادر التاريخ الرسمية في المقررات الدراسية أقرأ عن قضايا عرب السهل الأفريقي الغربي الممتد من تشاد مرورا بالنيجر ومالي ووجود عريق لهم مشتت في عدة دول غرب أفريقية وشرق أفريقية بدءا من زنجبار حتى شرق الكونغو.
ما ترسخ في ذهني من قناعة نتيجة تراكم المعلومات أن عرب الحزام السوداني هم الذين تمت تسمية أفريقيا بإسمهم على القائد الحميري أفريقيش
وأن دخول عرب حمير وقحطان من جنوب جزيرة العرب لأفريقيا كان سابقا لظهور الإسلام بعشرات القرون ، وبعض تلك الهجرات لها علاقة بشعوب الهضبة الحبشية من أمهرا وتيجراي وقوميات حبشية أخرى ،
وتؤكد العديد من المصادر التاريخية الأصل العربي الحميري لملوك النوبة عند وصول جيش الصحابي عبد الله بن أبي السرح زمن خلافة سيدنا عثمان بن عفان والأصل الحميري للزغاوة وغيرهم من القبائل الغير ناطقة بلسان قريش.
نزول حاطب بن أبي بلتعة رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس عند بني عمومته عرب لخم عند وصوله مصر :
وفي السيرة النبوية فإن الرسول صلى الله عليه وسلم حين أرسل في سنة 6 هج رسائله للملوك كان في من أرسل لمصر الصحابي حاطب بن أبي بلتعة ونجد أن حاطب حين وصل إلى مصر نزل أولا ضيفا على أبناء عمومته من قبيلة لخم القحطانيين وهؤلاء بالرغم من أنهم لم يكونوا مسلمين فقد شكلوا مجموعة لحراسته ومرافقته لتسليم الرسالة النبوية للمقوقس.
وكانت مصر عامرة بعرب لخم وربيعة ( ربيعة شقيق مضر الذي هو الجد رقم 17 لرسول الله صلى الله عليه وسلم ) وغيرهم خاصة في المنطقة الشرقية بين النيل وساحل البحر الأحمر ، وعليه فمخطئ جدا من يعتقد أن أفريقيا لم تعرف دخول العرب إلا مع الفتوحات الإسلامية.
كانت مصر وشمال أفريقيا عامرا بالقبائل العربية وكان شرق أفريقيا عامرا بالوجود العربي من زنجبار نزولا حتى موزمبيق وملاوي.
وفي القرن التاسع عشر بدأت الحملات الاستعمارية الأوروبية تجتاح أفريقيا وحيثما توجهت جيوشهم وجدت القبائل العربية أو الهجين العربي الأفريقي أقوى حائط صد عسكري وثقافي ضدها ، ودارت عشرات المعارك في أرجاء أفريقيا وتمت بالأسلحة النارية الحديثة إبادة عشرات الآلاف من العرب في الكونغو ومالاوي وشرق أفريقيا والحزام السوداني الشمالي من السنغال حتى وداي.
وخلال سنوات الحكم الفرنسي تم تهميش العرب واللغة العربية واستمر الانتقام الهادئ الصامت منهم بعد تسليم الحكم في دويلات ما بعد الاستقلال لقوميين أفارقة تم تشريبهم مفهوم أصحاب الأرض والدخلاء وفقا للحدود الحديثة التي قامت بترسيمها الدول الأوروبية وتم فيها تمزيق قبائل وسلطنات استمرت لقرون أو عقود فسلطنة سوكوتو استمرت مائة عام وتمزقت بين النيجر ونيجيريا وتشاد والكاميرون ، وسلطنة كانم بورنو استمرت لحوالي ثلاثمائة عام وتمزقت بين النيجر ونيجيريا وتشاد وهلمجرا.
وفي ظلال الجمهوريات الأفريقية الحديثة المصنوعة أوروبيا والمبرمجة على حراسة مواريث المستعمر الإقتصادية والثقافية من خلال الصفوة المحلية التي جرى إنتقائها وتأهيلها بعناية لتولى الحكم بدأت المعاناة الوجودية للعرب والطوارق والفولان الرحل الأمبررو في التفاقم من أزواد شمال مالي مرورا بالنيجر وتشاد وأفريقيا الوسطى والكاميرون وغيرها.
بكل ذلك التراكم المعلوماتي تولدت لدينا قناعة أن حملات الإستعمار الأوروبي في القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين أينما توجهت في القارة الأفريقية فقد كان من أهم أولوياتها القضاء على الوجود الإقتصادي والثقافي للعرب أو الهجين حتى يخلو المجال للشركات وبيوت التجارة والكنائس الأوروبية في التعامل المباشر مع الملوك الأفارقة وتوقيع معاهدات الحماية معهم وتلك المعاهدات لم تكن سوى نصوص تحايلية جردتهم من السيادة على الأرض ومواردها الباطنة والظاهرة.
نالت المستعمرات الأوروبية في أفريقيا استقلالاتها وظهرت خارطة الدول الحديثة ولكن هذه الدول ولدت وهي تحمل بداخلها بذور الغبن المتفجر كل حين ، وأندلعت حركات الإنفصال المسلحة في أزواد شمال مالي وكانت تشمل شمال غرب النيجر وجنوب الجزائر وحركات المسلمين الإنفصالية في أفريقيا الوسطى والتي تجزأت على أساس عرقي فصار للفلان (الفلاتة) حركتهم ولغيرهم من الإثنيات حركاتهم ولعل الكثيرين شاهدوا ذلك الفلم لضابط من الدعم السريع يستقبل مجموعة من النساء والأطفال قادمين من أفريقيا الوسطى وهو يخاطبهم بعطف ظاهر ويقول لهم مرحبا بكم فأنتم أصل السودان وقد تبين لنا بعد البحث أن تلك المجموعة المكلومة كانت من فولان أفريقيا الوسطى وقد تم توطينهم في قرية مدروسو بالقرب من أم دافوق.
وعانت القبائل العربية والفلاتة الرحل الأمبررو من عدم الاعتراف بالمواطنة وشكل الفلاتة بالذات المعين البشري لحركات مثل بوكو حرام وكل تلك الحركات شكلت ما أطلقت ضده حكومات دولها ومستعمريها السابقين عمليات مكافحة الإرهاب.
ذلك كان واقع الحال الذي ظل يعاني منه عرب وبدو غرب أفريقيا الرحل وواجهوا معه تحديات وجودية تريد أن تستأصل شأفتهم من جغرافيتهم التاريخية وللأسف فإن جزءا مقدرا من هذه التحديات في دولهم الغرب أفريقية كانت توجه ضدهم من مجموعات إثنية إفريقية مسيطرة تشاركهم في الدين والعقيدة ولكن لا تشاركهم الإحساس بوحدة المصير وأن الثور الأسود منهم سيؤكل يوم يؤكل الثور الأبيض.
الخطة الجهنمية : التهجير والاحتلال والاستبدال !
والسؤال هو : من الذي أقنع قيادات الدعم السريع أن أفضل حل للتحديات الوجودية لامتدادتهم الغرب أفريقية هو في إيجاد وطن بديل لهم هو الخرطوم أولا وسودان الشريط النيلي ثانيا بعد تشريد أهله وتهجيرهم ومنح بيوتهم ومساكنهم وممتلكاتهم غنيمة باردة يحصلون عليها طقطقة بس ؟! وأن يتم تنفيذ هذا المشروع تحت غطاء الديموقراطية والحكم المدني وإزالة دولة 56 ومحاربة الكيزان والفلول وهلمجرا !!
من هي القوى الخفية الذي أدخلت في عقولهم القناعة بمشروعية هكذا مشروع دعك من القابلية العسكرية لتحقيقه ؟! دعك من القابلية القانونية والإجرائية لتحقيقه !! هكذا بكل بساطة يتم تخويف السكان العزل وإخراجهم من بيوتهم وإحراق السجلات المدنية وهكذا بكل بساطة يصير البيت لمحتله طقطقة بس !!
لا شك عندي أن القوى الخفية خلف هذا المشروع تعتبر نفسها رابحة سواء نجح أو فشل.
ففي حالة نجاح المشروع يكون قد تم استخدام عرب ومسلمين في تشريد وتهجير عرب ومسلمين ،
وهذا النجاح سيكون مؤقتا فقط ذلك أن المحتلين والسكان الجدد لن يهنأ لهم بال ولا استقرار في ولاية الخرطوم حتى تتجه إليهم ضغوط وهجمات الإحلال والإبدال لمن تبقى منهم في جغرافيتهم الأصلية فتفنيهم بعد أن تكون عناصرهم القتالية الشابة قد استهلكت في حرب الخرطوم ثم تتجه الموجة الثانية إليهم في الخرطوم لتخرجهم منها وتشردهم كما أخرجوا هم الذين من قبلهم وشردوهم سواء بسواء.
#كمال_حامد 👓