العوامل الخفية والحاسمة للنصر والهزيمة

*العوامل الخفية والحاسمة للنصر والهزيمة*
👨🏽🎨البروفيسور النمساوي Erik Durschmied كاتبٌ ومؤرِّخٌ عسكري ومصورٌ ومنتجٌ ومخرجٌ ومراسلٌ حربيٌّ قالت عنه The New York Times إنه شاهد حروباً أكثر من أي جنرال على قيد الحياة ، وقالت عنه Le Monde لقد نجا من معارك أكثر من أي جنرال على قيد الحياة ، والحقيقة أن الرجل تناول التاريخ العسكري للرجل الأبيض من جوانب لم يسبقه إليها الكثيرون ، كما تميَّز ببصيرةٍ وعمقٍ في تحليله لمجريات المعارك ونتائجها ، وله في ذلك أكثر من عشرة كُتب بالإضافة للأفلام الوثائقية.
👨🏽🎨يُعتبر كتابه الصادر في ١٩٩٩م بعنوان *How Chance and Stupidity Have Changed History: The Hinge Factor دور الصدفة والغباء في تغيير مجرى التاريخ: العامل الحاسم* من أروع وأمتع ما كتبه ، بجانب كتابه *Whisper of the Blade: Revolutions, Mayhem, Betrayal, Glory and Death والذي تمت ترجمته للعربية بعنوان همس الدم* وهو لا يقل أهميةً عن كتاب Psychologie des Foules سيكلوجية الجماهير للطبيب والمؤرخ Gustave Le Bon والذي طبّقت شهرته الآفاق ، وكتاب فاندييه من الإبادة الجماعية إلى إبادة الذاكرة Vendée Du Génocide Au Memorcide للباحث المؤرِّخ رينالد سيشر Reynald Secher والذي فضح فيه مؤامرات وعورات الثورة الفرنسية وما تمخضت عنه.
👨🏽🎨استعرض Erik في كتابه *دور الصدفة والغباء في تغيير مجرى التاريخ: العامل الحاسم* التاريخ العسكري للمعارك التي خاضها الغرب بدءاً من معركة طروادة وحصانها الخشبي الشهير وحتى حرب الخليج ، واستخرج الكاتب أهم عوامل النصر أو الهزيمة والتي رآها تنحصر ما بين الصدفة (ونسمِّيها القَدَر) وما بين الغباء وأطلق عليها اصطلاح العامل الحاسم والذي كان متمثلاً في:-
1️⃣الخداع.
2️⃣المناخ.
3️⃣الصُّدفة (القَدَر).
4️⃣ضعف الاستخبارات.
5️⃣عدم كفاءة القادة أو مساعديهم.
6️⃣إصدار أوامر تحتمل التأويل وتفتقر للحزم.
7️⃣عدم التزام الأوامر الصارمة.
8️⃣الخيانة.
👨🏽🎨لا شك أن الغباء متغلغلْ في غالبية العوامل المذكورة ، والمتأمل للعوامل الثمانية قد يجد أن المناخ من القَدَر (الصُّدفة) ، والقدريون سيرون بأن كل هذه العوامل من القَدَر ، والحقيقة أن وقائع الكتاب تحمل تفصيلاً شيِّقاً لما يعنيه الكاتب بمفهومي الغباء والصُّدفة … وربما تساءل البعض: ماذا لو أن الشرطية التي صفعت البوعزيزي لم تصفعه يومذاك؟ وماذا لو أن القذافي ومبارك وصالح صرفوا النظر عن توريث الحكم لأبنائهم؟ وماذا لو أن البشير أوفي بما التزم به في فبراير ٢٠١٩م؟ وماذا لو كانت قحت قد جاءتنا بالقوي الأمين؟ وماذا لو أن السيد البرهان اقتدى بهارون الرشيد في نكبة البرامكة (مقالنا في ١٤ أبريل ٢٠٢٣م)؟ وماذا لو أن الخمسة والثلاثون شهيداً الذين قدموا حياتهم ثمناً لحياة السيد القائد العام استخدموا تكتيك الإبرة الذي يستخدمه مُفتداهم؟
👨🏽🎨في الواقع إن كثيراً من (العوامل الحاسمة) التي فصَّلها إريك دورتشميد نجدها نمطاً يتكرر في كل هزيمةٍ ونصر ، حتى غدا استشفاف المستقبل لا يحتاج لأكثر من استقراء الوقائع بدِقّة والإلمام بالتاريخ مع شئٍ من البصيرة ، وفيما يبقى عامل القدر الذي أسماه Erik بالصُّدفة عَصِيَّاً على الاستشراف والتوقُّع من حيث التفصيل .. فإنه لا يكون كذلك من حيث العموم إذا ما استوجبت الوقائع بعض السُّنن الإلهية الماضية ، فالكتاب في رصده أكَّد الحقائق القرآنية في أن الكثرة قد لا تُغني شيئاً ولا تمنع الهزيمة الماحقة ، وأن الفئة القليلة قد تغلِب الفئة الكثيرة ، وسيدهشكم ما يفعله المطر في المعارك إذا ما استحضرتم إشارة القرآن إليه في بدر .دعواتنا لجيشنا بعوامل حميدة
اللواء م مازن محمد اسماعيل