حليم عباس: عندما أقارن وضع دولة مثل السودان مع قطاع غزة
مفهوم أن الدول الغربية، تحديداً الولايات المتحدة وأروبا، هي دول فاشلة أخلاقياً ومنحازة ضدنا كشعوب وكدول بشكل فج. مفهوم أننا لا يجب أن ننتظر منهم نصرة مظلوم أو حتى إنصافه. السؤال هو لماذا نسمح لهم بالتدخل في شأننا الداخلي باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان؟ ولماذا نقبل منهم أن يمارسوا علينا دور الأستاذية والوصاية ويتدخلون في أدق شؤوننا؟
هذه الدول ليست فقط دول استعمارية تسعى إلى السيطرة والهيمنة ولكنها دول معادية. كيف تسمح لأعداءك بأن يتدخلوا في شأنك الداخلي ولماذا تسعى إليهم أساساً؟
حقيقة ما الذي يجبرنا على الإرتهان للدول الغربية؟ ما الذي يمكن أن تقدمه لنا بحيث يمكن أن نموت بدونه؟ قروض وبضائع؟ هل تستحق؟
عندما أقارن وضع دولة مثل السودان مع قطاع غزة. إذا سألت أهل غزة الآن ماذا تريدون من العالم سيقولون لك نريد أن نعيش على أرضنا، أن لا نُهجر ونُطرد، وأن يُرفع عنا الحصار الظالم المستمر لسنوات. إذا سألت فسلطيني ماذا تريد سيقول لك أريد دولة، وطن. ولن يقول لك وطن مرضي عنه أمريكياً وأوروبياً. أي يستطيع الإنسان أن يعيش بدون الغرب، المهم أن يكون عنده أرض وبلد.
نحن عندنا بلد، دولة كاملة، غير محاصرة وتستطيع أن تعتمد على نفسها حتى لو قاطعها كل العالم، لن تموت من الجوع. فما الذي يجبرنا على التفريط في سيادتنا على بلدنا والتفريط في البلد برمتها؟
شعب عنده دولة بجيشها ومواردها وكل الآفاق مفتوحة أمامه. بإمكانه الانفتاح وإقامة علاقات معظم دول وشعوب العالم بما في ذلك قوى عظمى مثل الصين وروسيا وغيرها من القوى الإقليمية، ما الذي يجبرنا على الإلتفات إلى الدول الإستعمارية دائماً وأمريكا بالذات؟ ما الذي يمكن أن يقدموه لنا غير التدخل بشكل سلبي وتدميري في بلدنا. يتدخلون في طريقة إدارتنا لبلدنا باسم الديمقراطية وغيرها من الشعارات الزائفة؟
إن لم نشعر بالقرف منهم، كونهم منحطون أخلاقياً (أنظر إلى مواقف وتصريحات الرئيس الأمريكي بايدن مؤخراً، إلا يجب أن تشعر بالاشمئزاز والقرف؟ فلماذا نسمح للموظفين الأمريكان أن يأتوا إلينا ليحاضرونا عن الديمقراطية وللإصلاح والحكم الرشيد وعن تطلعات الشعب السوداني وكأنهم حريصون على هذا الشعب أكثر من نفسه؟ )، فهم في النهاية أعداء. وليسوا آلهة؛ نستطيع أن نعيش بدونهم، بل نستطيع أن نعيش حتى لو حاربونا.
إن كان هناك شيء واحد يجب أن نخرج به كسودانيين من الحرب الحالية على الفسلطينيين في غزة ومواقف الغرب المنافق المنحازة بشكل فج لصالح اسرائيل، فهو أن نكون أكثر حدة وتطرفاً في رفض تدخل الغرب في بلداننا. لا أقول نعاقبهم أو نحاربهم، أقول فقط أضعف الإيمان، أن لا نسمح لهم بأن يحشروا أنوفهم في شأننا ويقرروا في مصيرنا! بعبارة أخرى أن نحافظ على سيادة بلدنا. هذا أمر أسهل بكثير مما تقوم به المقاومة من تضحيات أليس كذلك؟
حليم عباس