عادل الباز: تقدُّم المحتالين للخلف!! (1)
1
ما إن أنهيت قراءة بيان المؤتمر التحضيري لوحدة القوى المدنية الديمقراطية التي سموها زورا (تقدُّم) وليس في طرحها ذرة من التقدم إلى الأمام، إلا ووقر في ذهني أن هذا المؤتمر مجرد لمة للمحتالين، ومخرجاته هى ذات الخمر القديم في قنانٍ جديدة. يجرى هذا الاحتيال (شكرا لعشارى صاحب هنا النعت) تحت رعاية إقليمية ودولية وتحت سقف الاتحاد الأفريقي وفي مقره !!
وحتى لا يعتبر القراء أنني أطلق الاتهامات هكذا دون أساس موضوعي، عليَّ أن أوضح لماذا هم محتالون، وكيف أن مخرجات المؤتمر خمر قديم معتت؟. عليَّ أن أفعل ذلك حتى يستقيم الحوار بعيداً عن النعوت والأوصاف التي تبدو كشتائم بلا أساس.
2
وُلد مؤتمر المحتالين بعد ستة أشهر من الصراع المميت بين أجسام وكيانات هلامية أغلبها في المهاجر، وهذا لا يعيبها بقدر ما يعيبها أنها ترعرعت في حضن الأجنبي وتصرف عليها قوى دولية وإقليمية متآمرة لها أجندة خبيثة، ومايعيبها أنها تعتاش من المال الأجنبي الحرام ومن أموال الجنجويد التي نهبوها من الشعب السوداني. ولذا تحولت هذه الكيانات الهلامية مطايا لتنفيذ أجندة الأجنبي وتحولوا من مجموعة مثقفين وناشطين مستهبلين تحت لافتة المجتمع المدني، إلى محتالين في خدمة الممولين الأجانب من عرب عاربة، إلى منظمات دولية إلى جنجويد. وحتى تصدق ذلك عليك أن تتساءل من الذي موَّل مؤتمر أديس أبابا، ومن سيمول أعمال وأنشطة اللجنة التحضيرية للمؤتمر القادم، علماً بأن جل المشاركين هم عطالى تاريخيون إذ لا يعرف أغلبهم شغلة يعتاش منها.
3
قبل المؤتمر كانت هناك أربع مجموعات تدَّعي كل منها أنها تمثل ثقلاً بين منظمات المجتمع المدني وتحتكر تمثيله وتمثيل الثورة نفسها. المجموعة الأولى هى شلة المجلس المركزي وعلى رأسها سلك وعرمان وبقية إمّعات، والثانية هي مجموعة ساتي والعفيف ( الإعلان السياسي)، والمجموعة الثالثة هي مجموعة حمدوك وعمر النجيب (المنصة) وأخيراً مجموعة منتصر الطيب وعادل المفتي وعرفت بمجموعة الآلية.
4
لما أفل نجم المجلس المركزي وأضحى ذيلاً للجنجويد مكروهاً في الشارع السوداني ويستحيل إعادة إنتاجه وتسويقه، كان لابد من حيلة جديدة. فاتجهت جماعة الترويكا لتأسيس كيان جديد يتجاوز مجموعة المجلس المركزي في قوى الحرية والتغيير ، ولكن لم يكن الأمر سهلاً، فالمجموعات الرئيسة بينها صراعات متجدرة فمثلاً حمدوك ومجموعته لا يثقون في عصابة المركزي، وعرمان لا يثق بحمدوك، وجماعة الآلية لا يثقون بالجميع، وكذلك ساتي. المهم هذه المجموعات بأسها بينها شديد.
5
بعد ستة أشهر استطاعت مولي فيي (عضو جنجويد الإمبراطورية) والإمارات والترويكا، وفي أعقاب تصعيد ضغوطهم واغراءاتهم، أن يفلحوا في جمع مجموعة المركزي (سلك) ومجموعة الإعلان السياسي (ساتي) في المؤتمر الذي انعقد الأسبوع الماضي في أديس أبابا. المجموعتان الأخريان (المنصة والآلية) رفضتا أن تكونا (كومبارس) في سيرك أديس أبابا، وأصدرتا بياناً تم عبره نفي أي علاقة لهما بما يجري في أديس أبابا ورفضتا مخرجات المؤتمر. السؤال هنا لماذا فارق حمدوك منصته والتحق بالمؤتمر. لأنه ضعيف قابل للضغط والابتزاز. بعد أن قررت جماعة المنصة المقاطعة استجاب حمدوك لضغوط الترويكا والإمارات وترك جماعته وانضم لكورَس المحتالين خوفاً وطمعاً، خوفاً من أولياء نعمته وطمعاً في العودة للكرسي الأثير والوثير من جديد، كخيال مآتة مجدداً.
6
إذن مجموعتان فقط – المجلس (المركزي/ وساتي) اللتان تدعيان تمثيل المجتمع المدني وافقتا على حضور مؤتمر أديس، ولما كانت ستبدو فضيحة ادعاء احتكار تمثيلهما للمجتمع المدني، واصلوا عملية الاحتيال إذ جمعوا (عويش) من منظمات المجتمع المدني باعتبارها منظمات وازنة، واذا اطلعت على قائمة الجهات المشاركة لرأيت بؤس الاحتيال ناصعاً. إليك نموذجاً من نماذج الاحتيال، المجلس المركزى لديه ممثلين في المؤتمر ولكنه داخل ايضا تحت عدة لافتات ، فمثلا فمدني عباس ممثل لمنظمة مدنية وهو من جماعة المركزي، وعروة الصادق عضو المركزي ولكنه يحضر المؤتمر بصفته ممثلاً لتجمع المهنيين (الميت)، السيد النور حمد شارك كشخصية قومية وهو جمهوري وزوجته أسماء الجمهورية مشاركة في المؤتمر من باب الحزب الجمهوري!!. أضف لذلك لجان مقاومة مجهولة الهوية وأسماء أخرى لكيانات ما أنزل الله بها من سلطان إدعوا أنها تمثل شرائح في المجتمع المدني.
يحاول سدنة المركزى أن يتذاكوا على الجميع للسيطرة على القوى المدنية الديمقراطية فدخلوا من عدة أبواب ليشكلوا أغلبية في السكرتارية والمكتب التنفيذى فيخلع المركزى ثوب الإطاري ويتخفى بثياب مدنية متهيئاً للعودة مجدداً للسلطة تحت بيارق الجنحويد وأمريكا ولكن هيهات.!!
ومن نماذج الاحتيال المثيرة للسخرية أن مؤتمراً للقوى المدنية الديمقراطية تتصدره الحركات المسلحة!!
كانت تلك أولى خطوات الاحتيال على بعضهم وعلى المجتمع الدولي المتآمر الذي يهمه جمع الهباء والغثاء على صعيد واحد ولا يعنيه ما يمثله ومن يمثل، إنما يعنيه أن ينفذ أجندته وأجندة الجنجويد.!!. نواصل