التغيير إلى الأسوأ
أهداني الأخ البروفيسور حسن علي الساعوري، أستاذ العلوم السياسية المعروف، والباحث الأكاديمي المرموق، والخبير الذي رفد المكتبة السودانية بأربعة عشر مؤلفاً في مجال تخصصه، أهداني، أحدث مؤلف صدر له قبل أيام قليلة حمل اسم (كيف يحكم السودان؟)، ولعمري إن هذا اجتهاد عظيم ومقدّر من البروفيسور الساعوري، استحق أن نشيد به، مع المطالبة بأن يتم استعراضه على النخب السياسية والحاكمة في بلادنا، حتى تكون هناك أرضية ثابتة للتغيير نحو الأفضل، لا الأسوأ.
نحن وكثيرون غيرنا، نؤمن بأن مشكلة السودان، ليس في (مَنْ)، بل في (كيف) يحكم السودان، وقد استعرض الباحث والخبير الإستراتيجي، البروفيسور الساعوري في كتابه الجديد، الإرث التاريخي لأشكال وأنظمة الحكم، في السودان، القديم، قبل القرن السادس عشر، إذ كانت البلاد عبارة عن مشيخات ودويلات مستقلة، إلى أن بدأ انتشار الإسلام الذي مهد الطريق لتأسيس أرضية مشتركة قائمة على الدين، فنشأت سلطنة المسبعات والفور في كل من كردفان ودارفور عام 1447م، ثم مملكة تقلي في جبال النوبة عام 1561م، وسبقها في العام 1504م قيام مملكة الفونج.
القراءة الموضوعية لتكوين تلك الممالك، تقول بأن أساس الوحدة أو الاتحاد فيها كان هو الدين، الذي يساوي بين الجميع، وكانت مملكة الفونج هي البذرة التي أنتجت السودان الحالي، فترسخ الأمر شيئاً فشيئاً كما يقول بروفيسور الساعوري عبر الحكم التركي، فالمهدية، فالحكم الثنائي.
المراقب للشأن السياسي السوداني الآن قد يتفق مع البروفيسور الساعوري في أنه كلما ارتفعت حدة الصراع السياسي، كلما استحال وجود فرص لنجاح العملية الديمقراطية.
ولأهمية تلك النقطة، نجد أن المؤلف قدم إضاءات كاشفة عن الحركة الوطنية، ومخاض الديمقراطية، ثم أفرد فصلاً كاملاً للنظام الحزبي في السودان، وآخر عن الديمقراطية والتحالف السياسي، وغير ذلك عن النظام السياسي والتجارب الديمقراطية، وتجارب الحكم العسكري، تم أفرد فصلاً عن السلام الاجتماعي والديمقراطية، ليخلص إلى إجابة السؤال الذي جاء عنواناً لكتابة القيم (كيف يحكم السودان؟) وهو آخر فصول الكتاب.. خلص المؤلف إلى أن القيادات السياسية السودانية هي التي أدخلت البلاد في المشاكل المصيرية، وأن تغيير ذهنية القيادات السياسية هو الحل، وهذا أمر مستحيل، إضافة إلى عجز الأنظمة عن مواكبة التغييرات والمتغيرات الظرفية، وترك ذلك للصدفة، لذلك سيكون التغيير المطلوب هو تغيير في سلوك القيادات، وهو ما سيسمح ببناء مؤسسات ديمقراطية قابلة للاستمرار، تتم عن طريقها التربية السياسية المناسبة، إلا أن ذلك لا يتيسّر اليوم في ظل واقع يؤكد كل يوم أن العلاقة بين النخب السياسية في السودان، هي علاقة عداء لا علاقة متنافسين.
قدم المؤلف مقترحاً لحل تعقيدات الحكم والعلاقة بين النخب السياسية، يتمثل في اللجوء إلى واحد من احتمالين، الأول هو الاتفاق سياسياً على مشاركة كل القوى الرئيسية في الحكومة بعد إعلان نتيجة الانتخابات، والثاني أساسه هندسة النظام الانتخابي، بحيث يكون التمثيل السياسي قائماً على درجة كبيرة من الاستيعاب، لا التمثيل الإقصائي الذي يكرس القاعدة الصفرية التي تزيد من معدلات الصراع السياسي، ليكون النظام الانتخابي قائماً على التمثيل النسبي الذي لا يسمح غالباً بسيطرة حزب واحد على الحكومة.
ليت لصاحبكم – كاتب هذه الزاوية – سلطة أو سطوة تجعله يصدر قراراً ملزماً لكل القيادات السياسية بضرورة التوسع في الاطلاع السياسي العام، ودراسة نظريات الحكم المختلفة، حتى لا نعيد إنتاج ذات المشكلات والتعقيدات، التي أضاعت ثلث البلاد، ولا نعرف إلى أن يمكن أن تقود في المستقبل.
بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]
هــذه القيادات الموجوده حاليــا من الزمــلاء لــن تصــل الى حـل لمــشاكل الســودان و لا يمــكن ان يتفقــوا على رأي سديــد ، فالقضايا التنافسية مع مرور الزمن حولتهم من متنافسين سياسيين على السلطه الى اعداء همجيين ، تجد اليوم ان الصادق و الترابي و البشير و المرغني و عقار و عرمان و البقية ، عقولهم مرضت كما اجسادهم فنحن كمواطنين ايسنا منهم ، فلن تقوم للسودان قائمه الا بذهابهم جميعا ، و ايقاف كل من يحول التنافس السياسي الى عداء و غوغاء ، و يغلب المصلحه الحزبية على مصلحة الوطن اذا ما هما تقاطعا .