للتأريخ أكتب.. تحصين كردفان (1)
في العام 2005 تشرفت بأن أكون ضمن فريق عمل ضم عدداً من أبناء كردفان الخلص و بعض الخبراء و المختصين على إثر إندلاع التمرد في دارفور و الذي بدأ في العام 2003 و أخذ يتمدد في الإقليم ، و كنا على علم بخطة حركات دارفور المسلحة و نيتها في التمدد نحو كردفان و بصفة خاصة حركة ( العدل و المساواة ) التي بدأت في استقطاب بعض أبناء الإقليم إلى صفوفها ليقوموا بمهمة نقل العمل المسلح إلى إقليمهم .
و أثناء ما كنا نعقد الحلقات النقاشية و نتبادل المعلومات و الأفكار برزت إلى الوجود حركة (KAD) التي أسسها نفر من أبناء كردفان في أوربا و هي إختصار ل Kurdofan Alliance for Development
و كانت حركة مطلبية تنادي بحقوق كردفان في التنمية و الخدمات ، لكننا و في ظل الإستقطاب و خطة حركات دارفور المسلحة و بعض الدوائر الإستخبارية المعادية التي تعمل منذ أمد بعيد على مشروع إشعال الحروب في السودان تمهيداً لتقسيمه و تمزيقه خشينا أن ينتقل الصراع المسلح إلى إقليمنا فابتدر سعادة السفير تاج السر محجوب عليه الرحمة و كان حينها يشغل منصب الأمين للتخطيط الإستراتيجي التواصل مع هؤلاء الشباب و بعد إستماعنا كمجموعة لنتائج إتصالاته قررنا تكثيف التواصل معهم و بالفعل نجحنا في دعوة أحد قادتهم إلى الخرطوم و أدرنا معه حواراً هادفاً و بناءاً سعادة السفير و شخصي فتوصلنا معه و لاحقاً مع الحركة إلى توافق بأن مطالبهم مشروعة و لكن يجب البحث عنها و السعي نحوها بالطرق السلمية حتى نجنب إقليمنا الصراع و المواجهات المسلحة كما حدث في دارفور و بالفعل إلتزم هؤلاء الشباب بما توافقنا عليه .
و في تلك الأثناء برزت إلى الوجود حركة أخرى و هي حركة ( مشبك ) و هي حركة شبابية داخلية أسسها بعض شباب كردفان في الداخل مجموعة مقدرة منهم من شباب الإسلاميين المجاهدين و (مشبك) هي إختصار ل ( منبر شباب كردفان ) و هي حركة مطلبية أيضاً . و لذات التخوفات التي دفعتنا للتواصل مع ( كاد )
تواصلنا مع مشبك و توصلنا مع قياداتها لتفاهمات بأن مثل هذه المنابر ضررها أكثر من نفعها و يجب علينا جميعاً أن نتكاتف و أن نعمل من داخل مؤسسات و أجهزة الدولة لتحقيق تطلعات و رغبات أهلنا في الحصول على حقوقهم من التنمية و الخدمات و بالفعل إنخرط مجموعة منهم في العمل العام و العمل الطوعي و قاموا بمساهمات جيدة من أجل إقليمهم و وطنهم الكبير .
و قبل أن نفرغ من معالجات ( كاد و مشبك ) حتى تفاجأنا بظهور خلية لحركة العدل و المساواة في ولاية جنوب كردفان جلها من شباب إسلاميين و بعد تواصل و تحاور معهم قاموا بتفكيك الخلية و استجابوا للنداء بأن نجنب كردفان مأساة دارفور .
ثم ما لبثنا أن تفاجأنا بخروج مجموعة من أبناء كردفان و التحاقهم بحركة العدل و المساواة و يتواجدون في معسكر أم جرس و أطلقوا على أنفسهم إسم ( حركة العدل و المساواة – إقليم كردفان ) و وجدوا ترحيباً و اهتماماً كبيراً من رئيس الحركة حينها الدكتور خليل إبراهيم عليه الرحمة فتواصلنا معهم و بحمد الله نجح التفاوض و اقتنعوا بالعودة إلى أرض الوطن و العمل من الداخل و تزامنت عودتهم مع توقيع الإتفاق الإطاري بانجمينا في فبراير 2010 بين الحكومة و الحركة التي كانت تتمنى ظهور بعض أبناء كردفان في صفها و هي توقع الإتفاق .
هذه الأحداث المتلاحقة و المحاولات المستمرة لإختراق جدار كردفان التي تعاني أصلاً في جزئها الجنوبي من الشاط العسكري للحركة الشعبية الذي بدأ في منتصف ثمانينات القرن الماضي و توقف مع توقيع إتفاقية نيفاشا للسلام الشامل في 2005 و تجدد مرة أخرى في العام 2011 عقب خسارة الحركة لإنتخابات منصب الوالي حيث قامت بمحاولة للإستيلاء على الولاية بالقوة فيما عرف ب ( كتمة 6/6 ) ، كل ذلك دفع مجموعة العمل الخاصة التي أشرت إليها في صدر المقال إلى البدء فوراً في إعداد (مشروع تحصين كردفان) و الذي سأتناوله بالتفصيل في الجزء الثاني من هذه المادة التي أعددتها للنشر في شكل حلقات .
#كتابات_حاج_ماجد_سوار
2 نوفمبر 2023