رأي ومقالات

🔴 ما جرى في دارفور قد جرى مثله في قلب العاصمة الخرطوم التي ما يزال الجنجويد يحتلون معظم أحياءها

بدأت تنتشر فرضية مفادها أن الجيش انسحب بشكل منظم من دارفور ليضع الحركات المسلحة وأهل دارفور عامة أمام الأمر الواقع، إما مواجهة الجنجويد أو الرضوخ لهم.

حقيقة لا أعرف ما هي خطة الجيش. ولكن هذا التبرير فطير وكارثي. القوات المسلحة قوات قومية مهمتها حماية كل التراب السوداني، بدون أي تمييز. لا أتوقع أن الجيش يعمل بهذه العقلية، لسبب موضوعي متعلق بتكوين وتركيبة الجيش نفسه. فهما كانت قيادة الجيش غبية لا يمكن أن يصل غباءها إلى الحد الذي تتخلى فيه عن مواطن دارفور بهذه البساطة ثم تتوقع من العساكر والجنود الذين يعملون في صفوفها من أبناء دارفور أن يتخلوا عن أهلهم ليحاربوا مع الجيش معركة الخرطوم أو أي معركة أخرى. لا يمكن أن يعمل الجيش بهذه الطريقة.

ما حدث في دارفور لا يختلف في شيء عما حدث في الخرطوم، تمسك الجيش بمعسكراته لأنه لا يستطيع أن يدافع عن كل المرافق والأحياء المدنية لأسباب موضوعية جداً. وما حدث في دارفور هو أن الجيش ظل متخدقاً في معسكراته وحافظ عليها طوال هذه المدة، بينما كانت المدن تحت رحمة الجنجويد. حدث هذا في الخرطوم وفي الجنينة على السواء مع الفارق في الوحشية التي تعامل بها الجنجويد مع أهل الجنينة.

والآن جاءت لحظة لم يستطع معها الجيش مواصلة الدفاع عن مواقعه في عدد المناطق في دارفور، فانحسب من هذه المواقع، لا لكي يضع أحداً أمام الأمر الواقع، لا الحركات المسلحة ولا غيرها، فالجيش الوطني هو أولى الناس بحماية دارفور، أكثر من حركات دارفور نفسها، هذه مسئوليته وواجبه. ولكنه انسحب لتقديرات عسكرية بحتة، منها نفاد ذخيرته كما حدث في نيالا أو لاستحالة الاحتفاظ بالموقع. قل ما تشاء عن هذا الانسحاب، تقصير من قيادة الجيش، خذلان، … الخ.

ولكن الانفصاليون وحدهم من يفكرون بتلك الطريقة الطفولية التي تبرر ترك دارفور للجنجويد كعقاب لأهل دارفور على عدم القتال مع الجيش. دارفور مسئولية الجيش، ويجب عليه القيام بمسئوليته واستعادة السيطرة عليها، بالحركات المسلحة أو بدونها.

ولكن ما جرى في دارفور قد جرى مثله في العاصمة في قلب العاصمة التي ما يزال الجنجويد يحتلون معظم أحياءها.

حليم عباس