عيساوي: العزل الشامل
قبيل نهاية معركة الكرامة بدأت تتشكل صورة الدولة السودانية المستقبلية على صعيد المجتمع والسياسة. إذ ساهم تمرد دقلو في خلق هذه الصورة المشينة. وبنظرة أولية نرى الآتي:
أولا: قبيلة الرزيقات: سوف تتحمل الوزر الأكبر لذلك التمرد. لأنها تمثل الحاضنة المجتمعية الكبرى لهؤلاء المرتزقة. وهذا يفرض على إدارتها الأهلية أن تعيد حساباتها من جديد لمصالحة الشارع بعد أن وضعت بيضها بالكامل في سلة آل دقلو منذ زمن بعيد قبل التمرد الحالي. وكذلك نناشد عقلاء القبيلة أن يضعوا خطة محكمة ومنطقية لمد جسور التواصل بين القبيلة وبقية المجتمع السوداني.
ثانيا: المكون العربي الدارفوري: لقد إعاد هذا المكون الصورة النمطية الراسخة في ذهن دار صباح عن همجية خليفة المهدي. لذا ليس من السهل قبول ذاك المكون للعيش في دار صباح كما كان من أول.
ثالثا: حركات دارفور: هناك عتب عليها من الوسط والوسط النيلي والشمال والشرق بأنها اختارت الحياد في بداية الحرب. ولم تستجيب لصوت العقل إلا بعد تمدد التمرد لديارها. أي كأن تلك المناطق خارج جغرافية السودان.
رابعا: قحت: بتبنيها ورعايتها للمرتزقة بنت بينها وبين الشارع جدار عزلة سميك. وليس من الممكن إزالة ذلك الجدار في القريب العاجل. لأنها مازالت في غيها القديم. ولم تستصحب معها التطورات السياسية عامة (داخلية وإقليمية وعالمية) في فقه سياستها. وكذلك لم تستوعب التحولات المجتمعية الناتجة من التمرد.
وخلاصة الأمر تلك هي الصورة الواقعية على المدى القريب. وبالتأكيد دوام الحال من المحال. ولكن لإعادة الحياة لسابق عهدها (سودان السماحة والعفوية) لابد من جهد جهيد.
د. أحمد عيسى محمود
عيساوي
الأربعاء ٢٠٢٣/١٢/٦