رأي ومقالات

🔴 إنهيار معنويات القحاتة أمر طبيعي.. فقد مروا بتجربة سيئة للغاية

إنهيار معنويات القحاتة أمر طبيعي. فقد مروا بتجربة سيئة للغاية. فجأة وجدوا نفسهم في السلطة فصدقوا وظنوا أنهم قد حكموا السودان، ولكنهم طُردوا منها فجر 25 أكتوبر 2021. ومنذ ذلك الوقت حاولوا العودة بكل السبل وفشلوا؛ جربوا ركوب الشارع واللاءات الثلاثة، ثم جربوا الاتفاق الإطاري، ثم الانقلاب مع حميدتي والحرب، ثم بعد الحرب عولوا على التدخل الخارجي وفشلوا في ذلك. كانوا يتوقعون دعماً دولياً وبدءوا بالفعل تحركاتهم في الإقليم وذهبوا إلى أوروبا ولكن صمود الجيش والتفاف الشعب وراءه ثم خروج البرهان من الحصار وعودة الدولة بكامل سيادتها أفشل لهم كل شيء.

صمدت الدولة ولم تنهار، ولم تفقد مؤسسات الدولة وعلى رأسها مؤسسة مجلس السيادة شرعيتها؛ خرج البرهان وطاف على دول الإقليم ثم ذهب إلى نيويورك إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وحتى ذلك الوقت كانت لدى حلف المليشيا بعض الآمال بمنازعة البرهان في الشرعية،

فخاطب حمدوك الأمين العام للأمم المتحدة ضد مشاركة البرهان وتمثيله للسودان عبثاً، ثم خرج حميدتي من قبره بتسجيل مضحك خاطب فيه الأمم المتحدة. ولكن كل ذلك تم نسيانه وتجاوزه الزمن.

لاحقاً أصبحت شرعية البرهان ومؤسسات الدولة القائمة حقيقة مسلم بها. في السياق نفسه، قامت مؤسسة الدولة بطرد فولكر، كما قامت بركل المتمرد الهادي ادريس ثم في وقت لاحق المتمرد الآخر الطاهر حجر، ثم مؤخراً أنهت تفويض بعثة الأمم المتحدة التي استقدمها حمدوك، ومرة أخرى هبّل حمدوك بنفسه وأرسل خطاباً ونشره ولكن تمت إرادة السودان وأُلغيت البعثة. أيضا، دول الإيقاد التي كانت تحتضن حلف الجنجويد-قحت في الأيام الأولى للحرب وكانت تتكلم عن غياب السلطة في السودان وعن التدخل عبر قوات إيساف، عادت للتعامل مع البرهان كرئيس للسودان وتستقبله وسيشارك السودان في قمة إيقاد المقبلة يمثله البرهان كرأس لدولة السودان وليس ك”طرف في نزاع”.

لتعرف ما كان يريده حلف الجنجويد-قحت قارن مع ما حدث لبشار الأسد؛ إصطفاف عربي ودولي ضده، تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية، ودعم هائل للمعارضة السورية ومطالبة لبشار بالتنحي وصلت حد التهديد بقتله، وما زالت سوريا تعاني. حلف الخونة هؤلاء كان يمني نفسه بشيء مشابه: حرب ضد الأخوان في السودان، هناك ثورة ومطالبة بالحكم المدني والدعم السريع مع الثورة ضد النظام الإسلامي، سيقف معنا الغرب وعدد من الدول في الإقليم، وكل ما علينا فعله هو تكرار دعاية الحرب ضد الأخوان/الفلول/الكيزان. ولكن كل ذلك فشل.

بعد ذلك لم يبقى للقحاتة وحلفاءهم إلا بوابة واحدة للعودة وهي بوابة المفاوضات. أملهم الوحيد بعد أن خسروا عسكرياً وسياسياً ودبلوماسياً ناهيك عن الخسارة الأخلاقية وكراهية الشعب لهم. بعد كل هذا الأمل يأتي الجيش ليصر على موقفه وتنهار المفاوضات لتنهار معها معنويات القحاتة

. لقد سبقت هذه المفاوضات أحداث مهمة، سقوط فرق عسكرية في دارفور وانتصار عسكري وإعلامي في ولاية الخرطوم في جبل أولياء كل ذلك يتبخر بدون أي مكسب!

في ظل كسب الوقت من الجيش لإعادة تسليح نفسه وإعادة علاقاته الخارجية. فخلال شهور هذه الحرب عادت العلاقة من إيران وعاد معها التسليح الإيراني؛ خرج تقرير يؤكد استلام السودان أسلحة من إيران، هذا مثال واحد، هناك أيضاً كلام عن الجزائر ودعمها بمدفعية ثقيلة.

باختصار، استطاعت مؤسسة الدولة امتصاص الصدمة واستعادة فعاليتها وقوتها، والوقت في مصلحتها. وان لم ينصاع التمرد لشروط الجيش فسيتم سحقه عسكرياً طال الزمن أو قصر، أما مسألة انتصار التمرد عسكرياً أو من خلال التفاوض هذا أصبح شبه مستحيل. فلماذا لا يجن جنون حلفاء المليشيا وهم يرون تقدم الجيش بثبات وتمسكه بموقفه بضرورة خضوع المليشيا لشروطه، وهي شروط عادلة تسندها إرادة الشعب وعزيمة الجيش وقوته المميتة.

حليم عباس
حليم عباس