هل تصبح جبال النوبة مسرحا جديدا لحرب السودان؟؟
شهد إقليم جبال النوبة بالسودان اشتباكات عنيفة مسرحها عمق الجبال يومي الأحد والاثنين الماضيين بين بندقيتن جمعهما هدف إسقاط الحكومة المركزية في الخرطوم وفرقتهما التناقضات العرقية والمصالح المحلية بين قوات الدعم السريع والحركة الشعبية شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو
وشهدت بلدة التكمة الواقعة على بعد ١٠ كيلومترا عن مدينة الدلنج ثاني أكبر المدن في إقليم جبال النوبة قتالا عنيفا بين قوات الدعم السريع وقوات الحركة الشعبية كطرفين يقاتلان الجيش السوداني الذي لم يتدخل فى القتال واشتبكت القوات على أبواب مدينة الدلنج التي لايزال مسيطرا عليها وتتسارع خطي قوات الدعم السريع ذات الهوية العروبية والحركة الشعبية ذات الهوية الأفريقية الزنجية نحو الامساك بعنق الإقليم حال نجاح أي منهما باحتلال المدينة الاستراتيجية واقتحم مقاتلي الدعم السريع بأسلحة متطورة وآلاف الجنود على ظهور سيارات الدفع الرباعي والدرجات البخارية التي أضحت في السودان ذات استخدامات متعددة منها القتال والنهب اقتحموا قاعدة التكمة العسكرية والتي سيطر عليها مقاتلوا الجيش الشعبي في آب أغسطس الماضي وبعد ساعتين من القتال انسحبت قوات الحركة الشعبية جنوبا نحو منطقة كركراية وهي محطة ضخ للبترول السودان الذي كان يمر عبرها إلى ميناء بشائر بالبحر الأحمر واضرمت قوات الدعم السريع النيران في مساكن الأهالي المنحدر أغلبهم من قومية الهوسا القادمة من غرب أفريقيا ويقول شهود عيان إن سوق المدينة تم نهبه وحرق مساكن الأهالي وبثت قوات الدعم السريع مقاطع لصورا تظهر سيطرتها على منطقة التكمة ويقوم منسوبيها بالاضرام النيران في القريه التي فر جميع سكانها إلى داخل مدينة الدلنج والبالغ عددهم ستمائة الف نسمة حسب إفادات مفوض العون الإنساني بالولاية وعاودت قوات الحركة الشعبية الهجوم على المنطقة بعد تنظيم صفوفها وامكن لها السيطره مجددا التكمة وقال سكان الأحياء الشرقية من الدلنج انهم تعرضوا لقصف عنيف مساء ذات اليوم مما أدى لحركة نزوح واسعة نحو شمال وغرب المدينة وقال اللواء محمد مركزو كوكو الجنرال السابق في الجيش و الي جنوب كردفان الأسبق أن نزوح لسكان الدلنج البالغ عددهم نحو ٦٠٠الف نسمة خلف واقعا إنسانيا مزريا
وفرقت الحرب التي خيمت على المدينة بين سكانها على أساس الهوية العرقية فاتجه النازحين من عرب البقارة الحوازمة شمالا لمحلية القوز التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع واتجهت المجموعات النوبية لأعالي الجبال الغربية حيث تمسلك الحركة الشعبية بزمام الجبال منذ عام ١٩٨٥
وتفشي خطاب الكراهية بين السكان وقد حارت بعض الأسر في الاختيار مابين النزوح لمناطق سيطرت الحركة الشعبية ام الدعم السريع حيث الأم من النوبة والأب من العرب وفرقت الحرب بينهم
ويعتبر مراقبين للأوضاع معارك حلفاء الأمس بين الدعم السريع والحركة الشعبية شمال منعطفا جديدا في الصراع الحالي في السودان وأدت فيه زخات الرصاص الذي انهمر على رؤوس سكان بلدة التكمة لواد اتفاقا أبرمته قيادتي الدعم السريع والحركة الشعبية في العاصمة الإماراتية أبوظبي في أيار مايو الماضي قضى بتوحيد البندقتين لمحاربة الجيش السوداني ورسم الاتفاق غير المعلن كما قال الخبير العسكري اللواء محمد الأمين الشيخ خارطة حدود فاصلة بين الدعم السريع والجيش الشعبي الذي أسند لنفسه مهمة إسقاط كل حاميات الجيش في جبال النوبة بينما الدعم السريع السيطره على شمال وغرب كردفان وهي ولايات ذات أغلبية سكانية تنحدر من أصول عربية وزاد اللواء الأمين بالقول (التداخل السكاني والتمازج والتساكن) جعل الدعم السريع يسيطر على تخوم الدلنج الشمالية ويهدد من وقت لآخر باحتلالها من الجيش الشي الذي رفضته الحركة وأتباعها واعتبرته تعديا عليها
وفشلت قيادة الحركة الشعبية والدعم السريع في بسط وتوعية المقاتلين على ما اتفقا عليه بالإمارات مما مهدلنزاع حول السيطره على الأرض
بيد أن العقيد ماكن الصادق احد كبار قادت الدعم السريع بجنوب كردفان قال في مخاطبة جماهيرية في أيلول سبتمبر الماضي بمنطقة الفرشاية شمال الدلنج (نحن لن نقاتل الحركة الشعبية وبيننا اتفاق) دون الإفصاح عن ذلكم الاتفاق وبنوده ومكان توقيعه ولكنه قال (الدين لايشكل لنا عائقا لأننا اصلا في الدعم السريع ماعندنا دينا وكذلك الحركة الشعبية)
وقال الباحث والسياسي الناشط في قضايا جبال النوبه محمد جمال من ملجئه في مدينة سيدني الأسترالية أن اتفاق الحلو وحميدتي يمثل الانتهازية في أبهى تجلياتها ولن يصمد طويلا ولن يستطيع الحلو مخاطبة النوبة باتفاقه مع عرب الجنجويد لمحاربة القوات المسلحة السودانية التي يشكل نحو ٤٠ في المائة من مقاتليها من أبناء النوبه
واتخذت القوات المسلحة موقفا محايدا في قتال خصومها مع ميل جزئي لقوات الجيش الشعبي حيث غضت عيون الجيش ومخابراته الطرف عن تسلل مئات المقاتلين من الحركة الشعبية إلى داخل المدينة ونصب أسلحة في ققم الجبال التي تتوسط الدلنج تحسبا لهجوم الدعم السريع للمدينة التي تعيش ليالي رعب حقيقية
واندلاع القتال بين الدعم السريع والحركة الشعبية على نطاق أوسع من الدلنج يمثل انتقالا لمسرح الحرب من دارفور والخرطوم إلى فضاء أكثر تعقيدا لمقاتلي الدعم السريع المتفوقين على الحركة الشعبية حسب رأي اللواء أحمد الفكي بالأسلحة الحديثة وسرعة الحركة والهجوم المباغت بينما تقاتل الجبال مع أهلها النوبة إضافة إلى الخبرات في الاتفاف
وتملك الحركة الشعبية نحو ٤٠ الف مقاتل منتشرين في كل إقليم جبال النوبة بينما يفوق تعداد قوات الدعم السريع بكردفان المائة الف مقاتل ولكن تعوزهم الخبرة في القتال في الجبال صعبة التضاريس استعصت على العميد حينذاك محمد حمدان دقلو الذي خاض معركة طروجي في مارس ٢٠١٥ وخلال ساعتين فقد ١٨٣ ضابطا من قواته وأكثر من٤٠٠جندي مما دفعه لمغادرة مسرح عمليات جبال النوبة في اليوم التالي لتعود قواته الان بعد ثمانية سنوات لتقاتل في الدلنج
فهل تمثل معركة التكمة الأسبوع الماضي انفضاض الشراكة بين الدعم السريع والحركة الشعبية كما انفضت شراكته مع قادة دارفور الدكتور جبريل إبراهيم زعيم حركة العدل والمساواة ومني اركو مناوي رئيس حركة تحرير السودان؟؟
يوسف عبد المنان