رأي ومقالات

اللواء (م) مازن محمد اسماعيل يكتب: 📍(بالغانوون)!

📍في عام ٧٠م حاصر قيصر الروم اسفسيانوس اليهود في أورشليم خمسة أشهرٍ حتى سقطت ، فأجبر الرومان اليهود على أن يقتُل كل واحدٍ منهم أبنائه وزوجته بيده .. ففعلوا ، ثم ضربوا القرعة بين كل اثنين من اليهود ليقتل أحدهما الآخر .. ففعلوا ، وهكذا أُبادوا كل اليهود في المدينة بأيدي بعضهم البعض ، ولم ينجوا منهم إلا الشريد ، أو أولئك الذين كانوا يسكنون في أماكن بعيدة … وعلينا أن نتذكر بأن مليشيا الدعم السريع أحرقت الناس أحياء وأمرت بعض ذويهم بأكلهم ، ودفنت الناس أحياء وأمرت بعض ذويهم بدفنهم ، وربما غداً ستأمر الناس بأن يغتصبوا أمهاتهم وأخواتهم وبناتهم.
📍في ١٠ فبراير ١٢٥٨م دخل التتار بغداد فقَتلوا بمنتهى الوحشية ما يزيد على ٨٠٠ ألف مسلم في أيام معدودة حتى ظن المؤرخ ابن الأثير أنها نهاية العالم ، وأن هذه هي علامات الساعة، وأن تأريخ هذه اللحظات لن يفيد أحداً ، وقال مقولته الشهيرة: (فمن الذي يسهُل عليه أن يكتب نعيَ الإسلام والمسلمين؟! ومن الذي يهُون عليه ذكرُ ذلك؟ فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مِت قبل هذا وكنتُ نسيًا منسيا).
📍في ٢ يناير ١٤٩٢م أُخرِج أبوعبدالله الصغير وأمه عائشة مُرغميْن صاغِريْن تجاه عُدوة المغرب بعد أن سلَّما غرناطة (دُرَّة التاج الأندلسي) مودِّعين مجداً مُؤثَّلاً دام ثمانية قرون ، وحينها التفت أبوعبدالله الصغير من تلَّةٍ تُشرِف على قصر الحمراء مودِّعاً بدموعه إلى غير رجعةٍ مجد المسلمين في تلك البقاع فيما سجَّله التاريح مكاناً وزماناً بعبارة *زفرَة العربي الأخيرة* ، وقالت له أمه حينها *إبكي يا بني مثل النساء مُلكاً مُضاعاً لم تُحافِظ عليه مثل الرجال* .
📍هذه الأحداث التاريخية المُنتقاة يجمع بينها أن الأعداء ما استباحوا تلك البلاد إلا باتفاقياتٍ كاذبةٍ مُذِلَّةٍ عقدوها مع قادةٍ جُبناء خانعون .. فاستبيحت بموجبها البلاد ودماء الشعوب وأعراضهم وممتلكاتهم (بالغانوون وليس القانون) دونما حاجةٍ لأن يوجف الأعداء عليها من خيلٍ ولا رِكاب ، فتغيرت الجغرافيا والديمغرافيا ، ونُسِفت منظومة القيم ، وتغرَّبت الأجيال اللاحقة ، وأقرب مثالٍ حيٍّ على ذلك هم الموريسكيون في اسبانيا الذين فقدوا لغتهم ودينهم وثقافتهم وأموالهم وتوالت عمليات طردهم وتهجيرهم (بالغانوون) ومن بقي منهم فلا يزال قابعاً في قاع المجتمع الأسباني إلى اليوم رغم مرور ستة قرون.
📍أكد السيد البرهان أنه عازمٌ على لقاء زعيم المليشيا الإرهابية التي قتلت شعبه وانتهكت أعراضهم ونهبت أموالهم وصادرت مستقبل أجيالهم ، سيذهب سيادته وقد يعقد اتفاقاً ترعاه الإيقاد والإمارات وأمريكا .. وقد يعود سيادته مُبشِّراً بأن المليشيا وافقت على الخروج من منازل المواطنين ، وأنها ستسمح للمواطنين بالعيش في بلادهم (بالغانوون) ، ولعمري فإن ذاك سيكون أفظع وأشنع مما فعله هُدبة ابن خشرم بابن زيادة حين قتل أبوه وكاد أن ينكح أمه ، فالمليشيا فعلت بالشعب السوداني كل ذلك ، وتريد من هذا الشعب أن يُذعن لها ويخنع لحُكمها ، وقد لا ترى السلطة القائمة في ذلك بأساً طالما ستحتفظ بمناصبها وأن المليشيا ارتضت أن تخرج من منازل المواطنين على أمل أن يعوضهم الله فيما فقدوا من دمائهم وأعراضهم وأموالهم وكرامتهم!!!
📍على السيد البرهان أن يوقن بأن مجرد لقائه مع قائد هذه المليشيا والاتفاق معه على غير استسلام المليشيا وخضوعها للقانون لا الغانوون (وهو ما لا مؤشر له اليوم) .. سيقطع بسيفٍ مرهف النَّصل آخر عُرَى الثقة بين هذا الشعب وقيادته وجيشه إن رضي هذا الجيش بهذا الخور ، وإن خيار الحرب الأهلية الشاملة سيكون أشرف وأهون على هذا الشعب من خضوعه واستسلامه لهذه المليشيا ومن ورائها أو حتى مجرد قبول أحدهم في الحياة العامة بأيِّ شكلٍ كان ، وعلى السيد البرهان وطاقم سُلطته أن يعيدوا موضعة أنفسهم بمنتهى العناية والحرص ما بين فسطاطٍ فيه المليشيا والإمارات وقحت وأمريكا والشيطان ، وما بين فسطاط الشعب السوداني والحق ولا ناصر لهم إلا الله ، ويبقى إن صار الأمر إلى ذلك .. أن تقرر قوات (الشعب) المسلحة نفسها -والتي ظل الشعب يدعمها بكلما أوتي من قوة- في موضعة نفسها بين أنها جيشٌ لشعب السودان أو أنها جيش البرهان.
📍إن كل من يضع يده مع هذه المليشيا الإرهابية المجرمة أو يبارك أي اتفاقٍ معها دون خضوعها ومحاكمتها سيكون عدواً لهذا الشعب ، ونعني بهذا الحديث كذلك طائفةٌ من الإسلاميين والوطنيين الذين ظلوا (ولازالوا) يدعمون قيادة البلاد التي قادتنا لكل هذه المحارق بسوء تقديرها في كل منعطف ، فاليوم ها قد وصلنا آخر المنعطفات ، ولم يبقى لدى هذا الشعب ما يخسره أو يخشاه .. فمن شاء فسطاط الخنوع فذلك شأنه ، والرد عليه ما يرى لا ما يقرأ.
📍هناك معركةٌ فاصلةٌ آتيةٌ لا ريب فيها ، وقد بدأت معالمها وشخوصها تتشكل في أفق المستقبل القريب .. الجميع يرون ذلك ، ولكن الكثيرون يجرفهم التفكير الرغائبي في محاولة تكذيب ذلك ، وأَزَلاً قال ربنا *{وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَیۡرَ ذَاتِ ٱلشَّوۡكَةِ تَكُونُ لَكُمۡ}* ، ومع الأسف ما يخشى منه الناس واقعٌ لا محالة ، وهي معركةٌ ما بين الاستسلام لغانوون المليشيا ومقصلتها وعُهرها وبغيها ، وما بين هزيمتها واجتثاثها وتطهير البلاد منها *{وَیُرِیدُ ٱللَّهُ أَن یُحِقَّ ٱلۡحَقَّ بِكَلِمَـٰتِهِۦ وَیَقۡطَعَ دَابِرَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ}* ، والله معنا ، والحق معنا ، والشرفاء معنا ، والمقاومة الشعبية معنا ، ويقيننا أن الجيش معنا ، فهذه الأرض لنا ، والنصر لنا ، والمستقبل لنا … والخيار اليوم لكم.
*سودانية بي سيوفن صغيرنا معتَّق*
*ما بنأباه الكتال ونقول جرحنا اتفتَّق*
*مرحبتين حباب الشر محل ما بتَّق*
*وتنقد الرهيفة … انشالله ما تتلتَّق*

اللواء (م) مازن محمد اسماعيل