زينب المهدي: الجلوس مع الدعم السريع ومع الجيش كأطراف للحرب واجب لا مناص منه
في ناس بردوا على الناس البستنكروا فكرة ضم المؤتمر الوطني في الحوار السياسي ومعاملته كشريك في ادارة الفترة الانتقالية اسوة بالقوى السياسية الاخرى، وبقولوا انتو قبلتو تجلسوا مع الدعم السريع فلماذا لا تقبلوا المؤتمر الوطني؟
(٢)
الحقيقة ان الجلوس مع الدعم السريع ومع الجيش كأطراف للحرب واجب لا مناص منه لخفض السلاح ووقف الحرب، والزامهما برؤية متكاملة تضع الامور في نصابها وعليهما كقوى حاملة للسلاح المصادقة عليها كاملة والتوافق على أدوار الأطراف كلها ، والجلوس مع الدعم السريع الذي حصل بينهم وبين تقدم، والمرجو ان يحصل بينهم وبين الجيش لا يعني اعتبارهم كشريك سياسي ولا يعني ايضاً التغاضي عن المحاسبة على جرائم الحرب، وهو يشبه عقود تنظيم الحقوق والاختصاصات التي تمهر بقصد منع التخريب تحت اي ذريعة في الوضع المعقد المطلوب ادارته في انتقال ما بعد الحرب.
(٣)
وقف هذه الحرب اللعينة واجب فوري والحديث المتكرر عن القتل والانتهاكات والجرائم التي تحدث تحت ظرف الحرب لن يوقفها. ينهمك اهل الدعاية الحربية في قضاء وقتهم كله في قياسها بالمسطرة في مقالات الكيانات والأفراد من اجل التصنيف ومن ثم الدعاية والاغتيال السياسي كجزء من دعاية الحرب، وبعضهم يرفع رجليه هناك في بلاد تموت من البرد حيتانها ويشعل نيران الحمشنة لحمل السلاح تحت مسمى المقاومة الشعبية تحت دعاوي القوة والشجاعة وحماية الاعراض .. الخ، وازدهرت الفاظ مثل ‘حرائر’ و’تنضيف’ وما شابهها من لغة -ساقطة هي ذاتها ثقافياً واخلاقياً- وفي هذه الاثناء تستمر الانتهاكات والقتل، ويزداد الجوع والكلت وسوء الاحوال على المدنيين في مناطق الحرب، نفس هؤلاء المدنيين يُطلب منهم ان يحملوا السلاح بلا تدريب، وينظر اليهم دعاة الحرب كأرقام؛ كمشاة للجيش للانتصار على ‘الجنجا القتلة المغتصبين’ ، وها هي حملات توزيع السلاح الغبية تتكاثر وسط همهمات ان الذين اخذوا السلاح كثير منهم باعوه او استعملوه في عمليات اجرامية، وطبعاً كل هذا ليس جديداً واي مطلع/ ة على اي تجربة حرب اهلية يعرف انه جو تتكاثر فيه العصابات والاجرام وتقل فيه المروءة الى حد كبير ، لكن هؤلاء القوم بارعون في الدعايات التي تخفي الشرور والآثام تحت مسميات وقيم فيا للبؤس.
(٤)
عودة الى بداية الكلام، هناك اصوات في القوى السياسية، جلها من الذين كانوا في اعتصام الموز ثم ورشة القاهرة ثم ملتقى اسمرا ، ينادون بأن لا يتم اي استثناء للحوار السوداني، ومعنى ذلك ان يكون المؤتمر الوطني مشمولاً. الحقيقة انه اذا تركنا الحديث حول دور المؤتمر الوطني كمحرض اساسي للحرب واعتبرناه امر فيه غلاط رغم التنبر العلني في المنابر والثقافة التنظيمية المعلومة التي تدير دعاية الحرب والرموز التنظيمية والقيادات.. الخ، واصلاً هؤلاء نكّارين ومعروفين بالتمويهات التي تمرر بالصوت العالي، فهل يجدي حقاً قبول كيان أحد اهم مهام فترة الانتقال تفكيك تمكينه في الحياة العامة من اجل تعزيز المساواة والحرية والسلام والكرامة والعدالة؟!
طيب، اذا كان ذلك كذلك، لماذا لم يكتب اي قلم من هؤلاء الذين هللوا وكبّروا لدعاة شمولهم، في صالح هذه الثقافة التوافقية ولا رحبوا ولا قالوا كلمة خير؟! اذن لم يكن تهليلهم سوى مكاء وتصدية، يصفقون لشق الصفوف فهو مهمتهم الأساسية كقوى مكارة مجبولة على الشقاق والنفاق مبنية على الاستعلاء الفرعوني كأنما البلاد ملك لهم وحدهم مسجل في الشهر العقاري، والبقية دخلاء. لا ويمنحون الصكوك بدون ان يرمش طرفهم ويرمون الآخرين بدائهم وينسلوا، لكنها سلة الشوكة من العجين الني.
(٥)
أيا كانت الانتصارات العسكرية، نصرة مافي، سيظل الجميع مهزومين ما لم ينتصر السلام. الذي يقف ضد انتصار السلام هو موقف لا للتفاوض الذي يقوده بعض دعاة الحرب الذين يروجون لشعار ‘جيش واحد شعب واحد’ وهي دعاية يقف ضدها موقف ق ح ت وموقف تنسيقية القوى المدنية ‘تقدم’ لذلك يصب كثيرين جل انتقادهم لا على الدعم السريع، بل على ‘تقدم’، واصبحت مضاداة ومطاردة منسوبي هذه القوى السياسية واحتجازهم وطردهم من الولايات بل واغتيالهم تحدث علنا .. واصلاً منذ انطلاق الحرب اللعينة كانت تهمة العمالة والخيانة الوطنية جاهزة، تتعدد وتتنوع اشكالها بدءاً من احزاب السفارات مروراً بالتخابر مع دول الاقليم، ولن تنتهي هذه السلسلة المعلومة، ودعاتها معروفين، وعلى كل حتى لو كان ذلك كذلك فهل تقتضي المسئولية الوطنية هذا النهج ‘الطهراني’ أم تقتضي الجلوس مع تنسيقية تقدم هذه ‘ليكشفوا’ ويروا عن قرب هذا التآمر و ‘الخيانة’ لمطالب الشعب ويمنعوها صوناً للوطن المفدى؟ أم ان ‘ذواتهم’ العلية أبدى من الوطن! ولماذا لا يسألوا انفسهم كيف ينهمك قوم كانوا طول عمرهم في خط مقاومة الشمولية ولم تفلح اغراءات الانقاذ في كسر همتهم ولا ضمهم الى جوقتها الخاسرة، في صفقات خيانة وعمالة ، ويقف الذين لم نراهم سوى طبّالين للطغيان أكالين للسحت في موقف الشرف والدفاع عن الوطن والنزاهة وهم واقفين معاهم في ‘نفس ذات الصف’؟
بسم الله الرحمن الرحيم!
(٦)
الحرب لازم تقيف وتعود الحياة المدنية، وهذا لن يكون إلا بتوازن القوى وقوة الشعب الذي يروم السلام والحياة الحرة الكريمة مالكاً لقوته وإرادته . أما الأصوات التي تتعالى إما للدعوة الى نصر عسكري لأحد أطراف الحرب ، أو لشق الصفوف وخلق الفتن والخلافات، فسنتصدى لها بقوة المنطق وعون الله والايمان بانتصار الحق طال الزمان ام قصر ، ولن نحيد.
وغدا ًنعود
حتماً نعود
للقرية الغناء للكوخ الموشح بالورود
زينب المهدي