رأي ومقالات

دخان الحرب بدَّد الأحلام

بات تدمير قطاع غزة الذى نفَّذته إسرائيل يهدد اليوم بضياع جيل كامل من الأطفال الفلسطينيين، وهو ما أكده “فيليب لازاريني” المفوض العام للأونروا، ولعل النموذج يتجسد فى جامعة الإسراء، وهى أحدث المباني العامة التي اختفت مؤخرا عن الخارطة فى غزة وذلك بعد قيام القوات الإسرائيلية بتفجيرها عمدا رغم استخدامهم لها كقاعدة عسكرية لعدة أسابيع. لقد أدتِ الحرب فى غزة إلى خسائر غير مسبوقة فى الأرواح، بيد أن القلق يتزايد بشأن تدمير المبانى العامة والخاصة، وهو ما دفع بمسئول كبير فى الأمم المتحدة لأن يبدي مخاوفه من أن يؤدى الضرر الواسع النطاق الذي ألحقته إسرائيل بالقطاع إلى خسارة جيل كامل من الأطفال.

منذ السابع من أكتوبر الماضي قتُل ما يزيد على 25 ألف فلسطينى فى غزة. وفى الوقت الذى ينشر فيه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية ( أوتشا) بشكل دورى تقارير محبطة حول تأثيرات الحرب، فإن آخر تحديث لتلك التقارير يؤكد أن ما لا يقل عن 60% من المنازل أو الوحدات السكنية فى غزة قد دُمرت أو تضررت، كما تعرضت تسع من كل عشر مدارس لأضرار جسيمة، وهي الحال ذاتها بالنسبة للمستشفيات والمبانى العامة وشبكات الكهرباء التى تعرضت للقصف، ولهذا نقول: اختفتِ الأحلام وسط سحب دخان الحرب. ويعلق المفوض العام للأونروا قائلا: (يوجد اليوم أكثر من نصف مليون طفل فى المرحلتين الابتدائية والثانوية، فماذا سيفعلون إذا لم يعودوا مع عائلاتهم إلى منازلهم بعد أن دُمرت بالكامل؟)، ولهذا أعرب عن خشيته من المخاطرة بفقدان جيل كامل من الأطفال.
صور كريهة نُشرت على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي تُظهر جنودا إسرائيليين وهم يهتفون فرحين بعد تفجيرهم مؤسسات تعليمية، وتوضح إحدى هذه الصور التدمير الكامل لمدرسة تابعة للأمم المتحدة فى شمال غزة، وهو ما أدى إلى توجيه الاتهامات لإسرائيل بممارسة العقاب الجماعي، فالكيان الصهيوني يقوم بشكل منهجي متعمد بتدمير المؤسسات بما في ذلك المدارس. وعندما سئل أحد كبار مسئولي (كوجات) وهو القسم العسكري الذي ينسق أنشطة الحكومة فى الأراضي الفلسطينية المحتلة: ما جدوى هدم مدرسة بأكملها على يد القوات الإسرائيلية؟ أجاب قائلا: (لأن حماس تستخدم المباني المدنية مثل المدارس لشنِّ هجمات ضد القوات الإسرائيلية، وأن حماس وغيرها من الجماعات الفلسطينية المسلحة تستخدم المرافق الطبية كقواعد لها، وأن الجيش الاسرائيلى عثر فى كل مستشفى تقريبا على بنية تحتية إرهابية)، وهى الاتهامات التى جرى نفيها بشكل دورى من قِبل مسئولي الصحة ووكالات المعونة. بيد أنها تسببت فى أن يظل النظام الصحي معطلاً عن تقديم خدماته.

تقول منظمة الصحة العالمية إن 13 مستشفى فقط من أصل 36 فى قطاع غزة لا تزال تعمل، وقد تضرر العديد منها فى الغارات الجوية الإسرائيلية، وغالبًا ما يفتقر الأشخاص الذين يحتاجون إلى العناية الطبية إلى العلاج خاصة مع نقص المعدات الأساسية. على جانب آخر اقترح بعض السياسيين الإسرائيليين اليمينيين ــوبعضهم أعضاء فى حكومة نتنياهوــ إجراءات لضمان أمن إسرائيل ومنها تشجيع المدنيين على مغادرة غزة إلى مصر أو دول عربية أخرى، بل وحتى إعادة الاستيطان اليهودى إلى القطاع. ويخشى المفوض العام للأونروا ألا يكون أمام الفلسطينيين المقيمين فى غزة إلا خيار واحد وهو المغادرة، وأردف قائلا: (إن الحقائق على الأرض تشير بالفعل إلى هذه النتيجة. أشعر بالقلق، فكلما طال أمد القتال أصبح المأزق الذي يواجهه ما يزيد على مليونَي غزيّ أسوأ بكثير).

سناء السعيد – صحيفة الاسبوع
elaosboa79214