د. مزمل أبو القاسم: (ده الجنن عبد القادر)!
* تابعت مع كثيرين سلسلة المقالات الحادة التي كتبها الدكتور عبد القادر محمد أحمد، الأمين العام الأسبق لديوان الضرائب، مستهدفاً بها ذم الأستاذ برعي الصديق، المحافظ الحالي للبنك المركزي وتأكيد عدم جدارته بالمنصب.
* غني عن القول أن تبيان علامات ودوال الشخصنة في التناول لا يحتاج إلى كبير عناء، إذ تبدو شاخصةً للعيان، جليةً بيّنةً، ويزيدها وضوحاً عبارات حادة، على شاكلة (المدعو برعي.. صديقه جنقول.. شهادة بكلاريوس يتيمة.. محافظ الغفلة.. الطابور الخامس.. عبقري زمانه)، وما إلى ذلك من شتائم ومطاعنات، تدل على أن الكاتب ذو موجدة شخصية، وأن دوافعه أبعد ما تكون عن المصلحة العامة، وأن منطلقاته في تناول محافظ البنك المركزي ذاتية بحتة، ومرتبطة بمواقف ومصالح شخصية تضررت بقرارات اتخذها المحافظ الحالي للبنك المركزي، فأثارت حفيظة الدكتور عبد القادر وأخرجته عن طوره، وجعلته يتحرك من منصة الغبن الذاتي ليضعف موقفه، ويُوهي مقالاته الزاخرة بالغضب، والعامرة بالرغبة في التشفي.
* مثل هذه الأسلحة الصدئة المهترئة قليلة الفعالية، هزيلة التأثير، وكثيراً ما ترتد على صاحبها لتصيبه في مقتل، لأنها تدفع الكثيرين إلى الاجتهاد لاستجلاء الدوافع الحقيقية للهجوم الضاري والخالي من أي محتوىً نافع أو مقنع أو مفيد.
* الحديث عن ضعف المؤهلات الأكاديمية للمحافظ الحالي للبنك المركزي يدحضه تخرجه في أم الجامعات السودانية (الخرطوم)، وينفيه عمله في المؤسسة ذاتها (البنك المركزي) قرابة أربعة عقود، علماً أنه انتمى إليها قبل انقلاب الإنقاذ، أي قبل عهود التمكين، ووقتها لم يكن للواسطة والمحسوبية موقع في التعيينات المتصلة بالخدمة المدنية، علاوة على أنه تولى قيادة كل الإدارات الرئيسية والمهمة في البنك المركزي حتى أصبح نائباً للمحافظ خلال فترة عمله فيه الممتدة 38 عاماً، وبالتالي فإن ترقيه في المناصب وتوليه منصب المحافظ حدث بتدرج طبيعي ومنطقي لا تشوبه شبهة محسوبية أو تجاوز.
* عدم حصول السيد المحافظ على شهادتي الماجستير والدكتوراه لا يقدح في أحقيته بالمنصب، وثبت لنا أن عدداً غير قليل من دهاقنة العمل المصرفي ممن تشرفوا بقيادة البنك المركزي في منصب المحافظ (وتشرف بهم المنصب) لم يحصلوا على هاتين الشهادتين، ولم يقلل ذلك من قدرهم، ولم يطعن في كفاءتهم، ولم يؤثر بالسلب على عملهم مطلقاً، ومنهم مأمون بحيري، أول محافظ للبنك المركزي، والسيد الفيل والشيخ بليل والشيخ سيد أحمد وفاروق المقبول وإسماعيل مكي المصباح وإبراهيم نمر وعبد الرحمن حسن وحسين جنقول وغيرهم.
* لعل المتابعين لأداء الدكتور عبد القادر إبان عمله أميناً عاماً لديون الضرائب يلاحظون أنه لم يكن منزهاً عن الهوى الحزبي والميل السياسي، سيما في تعامله مع الصحف ووسائل الإعلام، وإذا تجاوزنا الكيفية التي تولى بها المنصب (تمكيناً)، والمحسوبية التي شابت استمراره في وظيفة حكومية حتى ما بعد السبعين، فإننا نذكر تجربة مريرة حدثت لنا (في صحيفة اليوم التالي) مع ديوان الضرائب في عهد الدكتور عبد القادر، عندما تم استهدافنا مع صحف أخرى صُنفت وقتها على أنها معارضة أو مارِقة، وتمت مطاردتها بمطالبات فلكية، ومبالغ خرافية، بتقديرات جزافية قيل لنا أنها تمثل فواقد لضريبة القيمة المضافة!
* أذكر أن نصيبنا في صحيفة (اليوم التالي) من (دقنية الديوان) وصل وقتها مليارين وستمائة مليون جنيه (بالقديم)، ووقتها كان الحديث بالمليار قرين الغول والعنقاء والخل الوفي، علماً أن الصحيفة كانت تُباع وقتها بخمسين قرشاً فقط، وعندما استأنفنا تلك التقديرات الجنونية تم إلزامنا بمقابلة لجنة قيل لنا إنها مخصصة لمراجعة ضرائب الصحافة (وحملت مسمى لجنة الصحافة)، وفيها جلس أحد موظفي الديوان متحدثاً ليُسمعنا محاضرات طويلة ومنهكة ومملة عن القواعد المهنية للعمل الإعلامي وعن ضرورة مساندة الحكومة القائمة وعدم انتقادها لجهة أنها مستهدفة من قوى البغي والعدوان العالمية، ولم يكلف صاحبنا خاطره عناء الحديث عن الشأن الذي مثلنا أمامه لمناقشته بالأرقام، لجهة أنه فني بحت، وملف ضريبي محض، تمت إدارته بحسابات سياسية استهدفت توظيفه لتأديب (المارقين)، فعن أي مهنية واحترافية يتحدث الدكتور عبد القادر؟!
* الأمر نفسه حدث مع العديد من رجال الأعمال الذين تم تصنيفهم معارضين على أيام الإنقاذ، وتعرضوا إلى استهداف يرقى إلى درجة الابتزاز، بملفات ضريبية ومطالبات ضخمة، خلافاً للمرضي عنهم من المحسوبين وقتها على التنظيم الذي أتى بالدكتور عبد القادر أميناً عاماً للديوان.
* والثابت أيضاً للكافة أن الدكتور عبد القادر هو المدير العام الوحيد لصندوق ضمان الودائع المصرفية الذي تم تعيينه من خارج بنك السودان المركزي، ولسنا بحاجة إلى توضيح سبب ذلك التمييز المُخل.
* ذاك بعض حصاد الدكتور عبد القادر، وتلك نبذةً بسيطة عن أدائه المفارق للمهنية والاحترافية في زمن إدارته لديوان الضرائب، لذلك تبقى شهادته (في أي شأن عام) مطعون فيها بالنسبة إلينا، ومشكوك في صحتها، سيما ولو جاءت زاخرةً بالثقوب، وعامرةً بالهتر ولغو الحديث، ومحاولات الاقتصاص للذات كما حدث في معركة التشفي التي خاضها الدكتور عبد القادر ضد محافظ البنك المركزي الذي لم ألتقيه في حياتي سوى مرة واحدة، بمعية صديقي وزميلي عادل الباز.
* فاقد الشيء لا يعطيه، فليكف الدكتور عبد القادر قلمه عنا وعن المحافظ لأنه لن يقنعنا مطلقاً بأن دوافعه ومحركاته لا تنطلق بوقود الموجدة الشخصية، والرغبة في التشفي لعربةٍ انتزعت، أو مخصصات أخذت، أو منصبٍ راح في حق الله، فاستوجب ترديد أغنية العميد الشهيرة: (ده الجنن عبد القادر)!!
د. مزمل أبو القاسم
إنضم لقناة النيلين على واتساب
ركوب الخيل لا يناسب الجميع؟ أيهما أصعب تربية الأولاد أم البنات؟ جسر الأسنان
هل تعقيم اليدين مفيد؟ الكركم والالتهابات أفضل زيوت ترطيب البشرة