عام من الحرب في السودان: كيف استطاع القطاع الزراعي الصمود؟
إكتمل اليوم العام الأول منذ إطلاق الرصاصة الأولى التي فجرت الحرب إثر تمرد قوات الدعم السريع ضد الجيش السوداني في العاصمة السودانية الخرطوم في 15 أبريل 2023
إلا أن الرصاص الذي أطلق خلال هذا العام أصاب القطاعات الإقتصادية في مقتل وكبدها خسائر فادحة ستستغرق وقتاً طويلاً للعودة إلى سيرتها الأولى، ومن أهم هذه القطاعات القطاع الزراعي الذي يمتهنه ما يقدر بنحو (80 %) من القوة العاملة في السودان، ويساهم ب(32.7 %) من إجمالي الناتج المحلي.
حتى شهر ديسمبر الماضي راهن الكثير على القطاع الزراعي لتأمين القوت الأساسي ولإخراج البلاد من وطأة خسائر الحرب الفادحة ولكن بعد الهجوم على ولاية الجزيرة التي تحتضن أكبر المشاريع الزراعية بات من أكثر القطاعات المتأثرة بأتون الحرب المشتعلة في السودان.
وبحسب تقديرات غير رسمية فإن الحرب دمرت (65%) من قطاع الزراعة في السودان على الرغم من أن إحصائيات نشرت في وسائل إعلامية تقول إن حوالي (14) مليون فدان تمت زراعتها بالذرة والدخن، و(300 ) ألف فدان زرعت بالقمح في مختلف أنحاء السودان.
ويقول مدير مشروع الجزيرة السابق عمر مرزوق: “إن مشروع الجزيرة صمد عندما بدأت الحرب في الخرطوم، وتمكنا من زراعة مساحة كبيرة في العروة الصيفية، تقدر ب (650) ألف فدان، بمختلف المحاصيل، وركزنا مع المزارعين بأن تكون الزراعة أغلبها حبوب خوفاً من حدوث شح في الحبوب”.
ويضيف مرزوق، لـ(المحقق) وبالفعل زرعنا مساحة كبيرة من الذرة، والحصاد تزامن مع الفترة الشتوية وزراعة القمح، حاولنا مع برنامج الغذاء العالمي التي أعطتنا تقاوي واستطعنا زراعة 220 ألف فدان قمحاً وتم ريها، وفي فترة السماد دخلت المليشيا مشروع الجزيرة وهجرت المفتشين واستولت على سياراتهم، ونهب مكاتب بركات”.
وأوضح عمر أن المشروع لا يستطيع أحد الدخول إليه الآن بعد سيطرة المليشيا عليه وطردها للمفتشين “.
وأشار، “إلى وجود مشاكل في المدخلات المتمثلة في الخيش والسماد”.
وأكد، “أن المزارعين لا يستطيعون الحصول عليها وإذا خرج الشخص لجلب المدخلات من خارج الجزيرة يتم القبض عليه من قبل المتمردين “.
وشدد المدير السابق، “على أن تأثير الحرب على الزراعة كان كبيراً جداً والمساحات تقلصت في العروة الصيفية والشتوية فقد كنا نزرع أكثر من مليون و(600) ألف فدان من الدورة الزراعية، ولكن بعد قيام الحرب لم نزرع سوى (700) الف فدان، وحصاد العروة الصيفية هجمت عليه المليشيا واخذت من المزارعين إنتاجهم”.
وأردف: “ليست هنالك خطة لزراعة محاصيل جديدة في مشروع الجزيرة بسبب سيطرة المليشيا المتمردة على أغلب مساحات المشروع، وإدارة المشروع تم نقلها لبورتسودان، ولم تستطع تحصيل رسوم التقاوي التي تم منحها للمزارعين بالمناقل”.
فيما أكدت الصحفية المتخصصة في الشئون الزراعية، رحاب فيريني، على أن آثار الحرب طالت المناطق الزراعية كافة، خاصة مشروع الجزيرة”.
وقالت: “إن مشروع الجزيرة طالته حالة من السرقات والتدمير في غالب بنياته التحتية عقب سيطرة مليشيا الدعم السريع على ولاية الجزيرة”.
وكشفت فريني ل (المحقق) عن نهب المخازن وتدمير المكاتب وسرقة الآليات الزراعية مما تسبب في صعوبة متابعة العمليات الزراعية إضافة إلى أن الحرب أحدثت خسائر كبيرة بمشروع الجزيرة وأدت لانعدام المقومات الزراعية خاصة للموسم فى الشتوي المنصرم وربما تمتد للموسم الصيفي المقبل”.
واوضحت أن أكبر مساحة مستهدفة لزراعة محصول القمح تتواجد بمشروع الجزيرة”، مشيرة إلى أنه عند اندلاع الحرب كان هناك عدد كبير من المزارعين يتواجد فى الحقول وقد أعاقت الحرب ودخول مليشيا الدعم السريع لولاية الجزيرة إستمرار العمليات الزراعية ومن ثم عمليات الحصاد
وبالتالي فقدت البلاد مساحات إنتاجية كبيرة بمشروع الجزيرة”.
ولفتت فريني، إلى أن الحرب أثر ت على صادر محاصيل العروة الصيفية كالسمسم والقطن والحبوب الزيتية الأخرى فى بورصة المحاصيل لجهة أن هذه الفترة تشهد انتعاشاُ فى الصادر خاصة صادر السمسم، إضافة للندرة والارتفاع الحاد فى أسعار الوقود بسبب إغلاق الطرق القومية بعد أحداث ولاية الجزيرة والتي تعتبر ملتقى طرق لعدد من الولايات”.
بدوره أكد المزارع بمشروع الجزيرة الزين النعمة أن الوضع الأمني أثر سلباُ على الوضع الاقتصادي لافتاً إلى أن اقتصاد السودان اقتصاد تقليدي يقوم على الزراعة بشقيها النباتي والحيواني”.
وقال: “إن القطاع الزراعي معول عليه في إنقاذ الإقتصاد السوداني إلا أنه لا يكون إلا حيث الاستقرار والاستقرار لا يكون إلا بالأمن”.
وأشار إلى تأثر مناطق الإنتاج الزراعي بالحرب وكشف عن تقلص المساحات المزروعة في الجزيرة وحتى التي زرعت في العروة الشتوية تركها أهلها عند وقت الحصاد”.
وأوضح النعمة ل(المحقق) أن الحرب باعدت الطرق وعملت على رفع سعر الوقود والترحيل وصعبت الحصول على المدخلات وارتفع سعرها”.
كاشفاً عن تعرض الإنتاج الحيواني للتلف والإهمال بنزوح أهله وتركه دون رعاية”.
وأردف: “ولايات غرب السودان يعتمد أهلها على الثروة الحيوانية في معيشتهم على بيعها وتصديرها وقد اغلقت الحرب أمامهم السوق الخارجي والداخلي، كما أن رعاتها قد تركوها بسبب الحرب”.
المحقق – نازك شمام