رأي ومقالات

قصة مَثَلْ «مَرْمِي اللّه ما بيترفع»

كنا صبية نلعب بين يدي جدي محمد الحسن حاجنور رحمه الله أمام منزله الكائن في (البركل تحت)، وإذا بامرأة تشكي له عقوق أحد الأبناء ثم تختم قولها عنه غاضبة: (مرمي أللّه مابيترفع).

غضب جدي وطلب منها عدم وصفه بذلك مرة أخرى، وما أن حل المساء؛ أتيتُه بشاي المغرب وجلست إليه أسأله عن قصة (مرمي أللّه المابترفع)، فقال لي بأنه مَثَلٌ سيئ لكافر حكى القرآن قصته في سورة الأعراف، وإسمه (بلعام ابن باعوراء)، ثم تلى الآيات التالية:
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ، وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ، سَاء مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ} 175-178

فمن هو هذا الرجل، وماهي قصته؟!
إنه من الشخصيات الغريبة التي ذكرها القرآن الكريم، شخصية من بني إسرائيل إسمه بلعام بن باعوراء، عاش في زمن النبيّ موسى عليه السلام، وكان صالحاً أوتي الكثير من آيات الله، ومنها استجابة الدعاء، وقيل بأنه كان يعلم اسم الله الأعظم.

لكن خاتمته كانت سيئة، فقد طلب منه جبّارو الأرض المباركة من قوم جالوت أن يدعو على موسى، فأبى في بادئ الأمر، فقدّموا له الهدايا وأقنعوا امرأته أن تُلِحّ عليه في الطلب، فاستخار الله ورأى في منامه من يأمره ألّا يفعل، لكنهم ظلوا يُلِحُّون عليه حتى وافق، ويُروى أنّه ركب حماره وصعد به جبلاً يُشْرِفُ على المكان الذي يتواجد فيه جيش موسى عليه السلام ليدعو عليه، فمنعت الملائكةُ الحمار من الصعود فبَرَكَ في الطريق، ومع ذلك استمرّ بلعام في غيه وشرع يدعو بكلمات يُريد بها الدعاء على موسى، فإذا بها تتحوّل الى دعاء على الجبّارين من قوم جالوت، ورغم ذلك لم يتُب، فطلب من الجبّارين أن يُزيِّنوا نساءهم لبني إسرائيل ويُمكّنوهم منهن بالزنا ففعلوا، وصارت مفسدة عظيمة في بني إسرائيل، حتّى أنّ أحدهم جلب امرأةً جميلةً لموسى وأعلن كفره أمامه بوصايا التوراة ونهيها عن الزنا، فدعى عليه موسى ومن أفسد منهم فأنزل الله عليهم رجزا من السماء هو الطاعون الذي قتل منهم سبعين ألفاً في يومٍ واحد.

أمّا بلعام فقد اندلع لسانُه على صدره وصار مثل الكلب اللاهث، وهذا في الدنيا، وينتظره عذاب الآخرة،

وهكذا أصبح بلعام (مَرْمِي) بسبب ردته عن دينه وكفره وخروجه على نبي من أنبياء الله، ولو شاء الله تعالى لرفعه، لكنه سبحانه لم يشأ له الرفعة والعلو لأنه باع دينه بدنياه وسعى وراء حطام الدنيا الزائل، فأخلد إلى الارض، فأصبح (مَرمِي الله المابترفع).

كم فينا من مرمي مابيترفع، منهم الذين يرفضون الاعتراف والقبول بدين الله مصدرا للتشريع في مااسموها الوثيقة الدستورية وكذلك في ما أسموه بالاتفاق الاطاري، بدأ سامرهم ينفض وغزلهم ينكث، فخرج منهم الشيوعيون وتبعهم اتباع حزب البعث والحبل على الغارب.
#قحت_مرمي_الله_المابترفع

عادل عسوم

adilassoom@gmail.com