رأي ومقالات

انشقاق (تقدم) والتمادي في الضلال القديم

بعد الانشقاق المدوّي الذي ضرب مجموعة ( تقدم ) المعارضة إثر اختلاف المكونات حول تشكيل حكومة موازية وبعد ثلاثة أيام فقط من خطاب البرهان في بورتسودان والذي لوّح لمن تاب من دعم المليشيا المتمردة بالعفو؛ أصدر ما تبقى من (تقدّم) بيانا في الحادي عشر من فبراير 2025م أعلن فيه عن ميلاد جسم جديد باسم التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة (صمود).

قرأت البيان أكثر من مرة محاولا أن أجد فيه جديدا يشير إلى أن هذه المجموعة الخارجة من انشقاق تنظيمي وسياسي قد أنتجت خطابا سياسيا متوازنا وراشدا وتماديت في حسن الظن فتوقعت أن تعتذر هذه المجموعة عن مواقفها الغريبة تجاه الحرب الدائرة في السودان وتهتدي للتوصيف الصحيح أو تعتذر عن تحليلها الأسوأ لمجريات الأمور في السودان ولكن هذه المجموعة _ كعادتها _ خيّبت ظني فلم أعثر في بيانها على شيء مما ساقني الإسراف في حسن الظن أن اتوقعه.. بل مضت في التمادي في ضلالها القديم.

بدلا عن ذلك طفح البيان بذات العبارات المستهلكة من كثرة التكرار الممجوج على شاكلة (تصفية ثورة ديسمبر المجيدة) و(النظام الفاشي الإجرامي) و(نزع الشرعية عن سلطة بورتسودان) و(قوى الظلام) … إلى غيرها من التعبيرات التي تنتمي إلى فترة الحرب الباردة وتشير إلى أن القوم لا زالوا يقرأون من كتاب قديم.

البيان ليس فيه جديد سوى إعلان الانشقاق وتكوين جسم جديد سيواصل بنفس النهج ونفس اللغة.. غير ان هناك أمرين يلفتان النظر في بيان الانشقاق.. الأمر الأول أن البيان كرّر أكثر من مرة الكلام عن حكم مدني ديمقراطي ( مستدام ) وتناسى البيان أنه نفسه بيان انشقاق في جسم لم يستطع هو نفسه الاستدامة لأكثر من عام ونصف ثم يطفق يحدثنا عن الحكم الديمقراطي المستدام.

الأمر الثاني مما يلفت النظر وهو الأهم والأخطر أن البيان لا زال يتحدث عمن يسميهم أطراف الحرب في إصرار على التمادي في التوصيف الخاطئ لماهية الحرب في السودان فقد اتضح مبكرا لأحرار الشعب السوداني وهم الغالبية بأن هذه الحرب تستهدف وجوده وكيانه ودولته.. ومن ثمّ لا مساواة بين الأطراف بهذه الصياغة الممجوجة.. فأي شيطان تلبسّكم بحيث لم تستطيعوا قول الحق بعبارات واضحة بعد جرائم المليشيا المتمردة بحق الشعب السوداني العزيز الذي اتضح له جليا من الذي يحميه ويحرسه ويحرص على كرامته ويتصدى ببسالة للمليشيا المتمردة.. ومن الذي يساند في حقيقة أمره المليشيا المتمردة.. ويأتمر بأمر الكفيل المعتدي.

حسن عبد الحميد