رأي ومقالات

عن قريتي في الشمالية احدثك يا الفاضل الجبوري!!

كتبت من قبل عن الفاضل الجبوري عندما هاجمه البعض بانه ميليشي عنصري حاقد، وقلت انه يجب ان تعذروه في مواقفه الحالية، لانه في مواقع الميليشيا الذي يدفن المواطنين فيها أحياء لمجرد الاختلاف في الراي او الاثنية او العرق، والضغط عليه من هنا وهناك ربما يدفعه لاتخاذ موقف محدد لن يفيد البلد، وحدث ما كنا نخشاه، لنكتشف لاحقا انه قد تغير أسلوبه تماما من رجل حكيم كان يدافع عن وحدة السودان بمختلف قبائله ويتحول الى انسان عنصري بغيض حاقد ليس له شي في الميديا الا الهجوم والسب على اهل الشمالية ووصفهم بأنهم خدم الانجليز وأنهم سخروا بقية السودانيين وبنوا مدنهم وقراهم بأموال الشعب ودرسوا أبنائهم في أرقى دور العلم وتركوا بقية السودان في تهميش وجهل. ونقول له انه لا يوجد منطقة مهمشة اكثر من الشمالية في السودان! وهذه حقيقة، تهميش في كل شي خدمات والتعليم والصحة، وهنالك قرى في أقصى الشمالية لم يروا المياه في المواسير ويشربون من النيل مباشرة تجلبها الاطفال والنساء. وجهل الفاضل الجبوري بأحوال الناس وعدم معرفته الحقيقة هو سبب عنصريته وحقده، ولو زار الشمالية سيتغير بالطبع انطباعاته العنصرية الحاقدة كليا، والسودانيين في مسألة التهميش كلهم سواء، والفرق ان ابناء الشمالية لم يجلسوا ويتباكوا على اللبن المسكوب باسم التهميش، وعدم وجود الخدمات والحقد على الاخرين، بل عالجو مشاكلهم بانفسهم وفرضوا على أبنائهم المغتربين بكشوفات في جمعياتهم وفرضوا على المزارعين وأبناء المنطقة ايضا أموال محددة، ولجاوا ايضا الى الخيرين من اصحاب الأموال من مختلف دول الاغتراب بواسطة ابنائهم العاملين هناك، وبنوا المستشفيات والمدارس والمساجد والأندية والشفخانات وعملوا جمعيات تعاونية، وجلبوا صهاريج المياه، من حر مالهم، واستفاد منها ابناء الغرب الذين يعيشون بيننا وهم يعلمون تماما هذه الحقيقة، ونجد في الشمالية من المزارعين من يبيع بهائمه ومحصوله ليرسل ابنائه ليدرسوا في الجامعات والمعاهد العليا، وقد يرسل ابنه الكبير لنيران الغربة ليساعده، يعني يا الجبوري اهل الشمالية لم ينتظروا وعود الحكومات الكاذبة ومعسول كلام المسؤولين ولم يجلسوا مثلك في عريشة وتباكوا على التهميش ولوم الحكومات وسب المسؤولين والحقد على الاخرين، وما ان تمر على قرية من قرى الشمالية فلن تجد الا نادرا جدا مؤسسة خدمية بنتها لهم الحكومات، بلا استثناء، يعني الفرق فقط في التعاون والتكافل فيما بينهم دون انتظار الاخرين، وانا أحدثك عن قريتي اخ الفاضل الجبوري انهم لم يجدوا من الحكومة الا صندوق بريد وبوستة في حجم شنطة حديد صغير عندما زارنا الرئيس اسماعيل الازهري اول رئيس بعد الاستقلال من قبل عشرات السنوات وهو من ابناء الغرب ولم نجد من حكومته غير هذا الصندوق، وبنينا مدارسنا ومساجدنا وانديتنا وشفخاناتنا فقط بأموالنا واموال أبناءنا المغتربين والخيرين، الان عندنا مشكلة في ان بناتنا في المرحلة الثانوية يقطعون المسافات الطويلة على الطرق الرملية والوعرة للدراسة، وان نقاشاتنا في القروبات الان هو عمل كشف لبناء المدرسة وسيتم بناءها بإذن الله وسنسلمها جاهزة لوزارة التربية والتعليم، ولن نتباكى مثلك على ما يحدث لبناتنا من تهميش، ولو جلسنا مثلك ولعنا الحكومات وحسدنا الاخرين فلن تتعلم بناتنا، ولن نجعلهم يعانون مادامت إرادتنا حية، ولن يستطيع أن يفعل الحاسد مع الرازق شئ، وعنصريتك وحقدك لن تضر به الا نفسك، والأفضل أن تضيء شمعة خير من أن تلعن الظلام.

د. عنتر حسن