في صالون علي مهدي
ومساجلات أشخاص ذو مواهب وطبائع متباينة
الدكتور فضل الله أحمد عبدالله
لا أحد يملك الحق في أن يقول : ” ذلك هو الدرب الصحيح ” وفي وسعه أن يقترح ربما ، ولكن في سبيل المناقشة لا الفرض . أثمن ما نملكه جميعا بين أيدينا هو الشك ، لا اليقين .
الشكوك هي التي تدفعنا إلى التفكير ، أما اليقين يسبب الشلل والجمود . لا بل يحولنا إلى مومياءات . الشك يخصب ويحيي .
ذلك قول ” جوزيه ساراماغو ” الروائي البرتغالي ، سيد اللغة الأستثنائية ، هذا العصامي الفارع الذكاء والموهبة ، الذي أعطى ما يزيد على ثلاثين مؤلفا في الرواية والشعر والمقاربة والمسرح .. هو أنقى الملعونين الذين التقيتهم – بحسب جمانه حداد –
وقال أيضا :
الناس يعرفون الحقيقة ، لكنهم في الوقت نفسه مقيّدون وموضّبون داخل أحكام مسبقة طاغية وتعميمية .
ثمة نوع من التفاهم الاجتماعي الضمني يدفع إلى التفكير بالطريقة ذاتها ، وقول الكلام نفسه والتصرف على النحو ذاته ، ما ينقصنا هو الأختلاف .
ومن أقوى تجلياته مقولته :
” يقولون لي دائما ، يا لك من إنسانا متشائما ، يا جوزيه ساراماغو ، فأجيبهم : لا ، بل هو عالمنا مشؤوم . في أي حال أرى أن التشاؤم هو فرصة خلاصنا الوحيدة . وأن التفاؤل شكل من أشكال الغباء . أن يتفائل المرء في أوقات كهذه ، ينم إما عن انعدام إحساس أو عن بلاهة فظيعة .
تلك أقوال ما فتأت أستحضرها وأستدعيها ، كلما دخلت صالون الفنان الأستاذ ” علي مهدي ” صاحب المنزل الجامع لأهل الفكر والثقافة والٱداب والفنون .
عشرون عاما ونيفا من عمر الزمان الماضية من العمر ، وكاتب المقال ملازم هذا الصالون ، بطابعه الثقافي الإبداعي ، الإجتماعي الهيئة والروح .
داخله إرتحلنا ، في عقول أشخاص ، وشخصيات مبدعة يحملون مختلف مياسم أهل السودان وقسمات وجوههم . وحساسياتهم الرؤيوية ، مثقفين ذو طبائع متباينة ، قوس قزح من ألوان المدارس الفكرية ومشاربها المتعددة ونذكر منهم :
الدكتور عبدالله علي إبراهيم ، الناقد الثقافي السوداني الأكثر حضورا في ذروة الفكر المفضي إلى ثورة الإبداع ، صاحب مشروع فكري حداثي ، يتأبى على التسليم الخانع ، والاتباع القانع أو التقليد العاجز ، في مشروعه الأكاديمي الدارس للثقافة السودانية ، أو في منجزه الإبداعي المسرحي و دراساته النقدية ، يزرع في الناس روح التمرد والمغامرة والتطلع إلى المستقبل ، هو ضد إجماع الإذعان ، وكل شيئ عنده في موضع المساءلة ، تجده محاورا نفسه ، بذات القدر الذي يحاور به غيره ، لن تجد في ما يكتب ، إلا الأسئلة المعرفية المفتوحة ، والإجابات التي لا تعرف حدود الإنغلاق .
الدكتور عبدالله علي إبراهيم ، السلطة عنده هي سلطة الوعي ، وهو الثقافي الثوري المبدع غير أحادي البعد ، ولا المحدود ، ولا الثابت ، ولا صاحب اليقينيات المنغلقة ، فالثورية عنده ، أعمق وأوسع وأشمل من المعنى الإيديولوجي .
الدكتور عبدالله علي إبراهيم ، إلتقيت به لأول مرة في حياتي داخل بيت علي مهدي وفي خاطرتي ، حالة انفعاله العقلي ، الذي كتبت عنه فاصلا في كتابي :
” المسرح السوداني مقاربات الأنا والٱخر ” درست إبداعيته المكتوبة مسرحية ” الجرح و الغرنوق ” ومنها قوله :
سأعوي طويلا ، حتى يخال لكم أن رئتاكم هي التي تشق من الهواء ، حتي يكون العواء نظاما في الكون . عواء مفرط مقابل كل جرح في جسدي ..
لن تاسن جراحي كالبرك ، جراحي نهر ضفتاه من العواء .
عبدالله علي إبراهيم … الكاتب المسرحي الذي عندما نقف عنده – كما قلنا في كتابنا السابق ذكره
– إذ نحن أمام مسرح ذي ثقافة نصوصية مغايرة .
ففي إبداعه يفرض علينا تفكيك الأشياء وإعادة تركيبها ، والنظر إلي التاريخ من أبعاده البعيدة بمنظورات الحادثة في حوار مع الذات من جهة ، ومع الآخر من جهة أخرى .
والنظر إلي حقائق الواقع الموضوعي ، دون الاتكاء علي منهج المكابرة القليظة وفق مقتضى الكسب الآني .
السودان في نصوص مسرح عبدالله علي إبراهيم . مناقشة المسألة الثقافيه بمستوياته المتعددة : العرق ، التاريخ ، الحداثة .
هكذا يستضيف ” علي مهدي ” في صالونه ، دائما نفرا من القادرين على الإستقراء والتحليل والإبتكار ، واستشراف ورصد الظروف المستقبلية والفهم العميق للشخصية السودانية ومحددات هويتها ومهدداتها .
صالون يجمع فسيفساء المشتغلين بالإنتاج الذهني ، بجميل المودة والإحترام بين الناس في زمن الجمال الظاهري الغالب .. إذ أننا نعيش في عالم همه الأساس هو الهيمنة ، يبتعد الواحد منا عن الٱخر ، ونمعن في انتهاك حقوقه كأنسان له رؤيته الخاصة في الحياة وموقفه الوجودي . بتنا نعيش لنتناحر .
بيد أن هذا المجلس الصالوني يروض ضيوفه دائما على العمل لزراعة المستقبل بتغير معطيات الواقع هذا .
ومن أولئك الذين إلتقيناهم ولأول مرة ” يوسف عيدابي ” الكاتب المسرحي ، الشاعر ، الناقد ، الأقرب إلى الوجد الوطني ، ولطافات روح البلاد ، ملك مملكة اللغة الناصعة البلجاء ، صاحب مشروع ” مسرح لعموم أهل السودان ” الذي كتب لوحته الأولى في نص مسرحيته : ” حصان البياحة ” – مبتدأ سنوات السبعينيات – هي تمثلات الإنتماء في زمن عز فيه الإنتماء . نص ممتلأ بدلالات الشخصية الثقافية السودانية وشاراته وعلامته .
رأيت ، يوسف عيدابي يومئذ ، في كامل الوقار والهيبة ، وكأنه يردد معي لحظتها قول الكاتب المصري ” توفيق الحكيم في مقدمة مسرحيته ” الملك أوديب ” قائلا :
” أنا أتحرك دائما في عالمين ، وأقيم تفكيري على عمودين ، ولا أرى الإنسان وحده في الكون ، إنني أومن ببشرية الإنسان ، وأرى عظمته في أنه بشر ، بشر يوحى إليه من أعلى .
ويوسف عيدابي هو من طرح أطروحته ” مسرح لعموم أهل السودان ” .. وفق منظورات ، أنيقة السمت ، وقورة الكلمات ، نبيل الفكرة .
إجترح لنا ، طريقا رازما بكل عبء مشهديات الواقع السوداني ، لصيقة بجوهر الحدث والإشتغال الذهني المتثاقف .
عمد يوسف عيدابي ، إلى كسر ” التابو ” الأرسطي ومفهوم المسرح بشروطه الغربية ، مستندا إلى الوجدان الجماعي السوداني والغوص في مكونات شخصيته الثقافية . رمزا ودلالة وإشارات تبوح بذاتنا وتصرح .
رأينا ، هنا ، وعلى توالي السنوات . مجمعا لأعلام الفكر والإنتاج الذهني ، المدرسة الفكرية ونقيضها وجسر الوصول إليها معا في ٱن .
الفنان التشكيلي ، الحاذق ، الوقور ” إبراهيم الصلحي ” المبدع السوداني ، الذي ظل ومنذ السبعينيات ، ممن تلوكهم أرض الله الواسعة ، منفى ، فمنفى . وقفنا في مقامه وهو ضيف كريم داخل هذا البيت – صابون علي مهدي – في الخرطوم التي جاءها بعد غياب طويل عن الوطن مشاركا أحدى الفعاليات الثقافية الوطنية .
تحدث إبراهيم الصلحي ، عن الثقافة السودانية والتفكير بالفنون ، حيث كان الحوار ساعتئذ عن معنى التمييز بين المفكر وغير المفكر ، وكانت الدهشة كيف إرتفع مجلسنا ذلك في صحبة إبراهيم الصلحي بمعنى مغاير عن المألوف : فالأقرب إلى الصواب أن الإنسان مطلقا هو مفكر .
وفي هذا البيت نفسه ، ما فتأت روحي تستدعي بمحبة واحتفاء ذلك الوجه العزيز .. الراحل المقيم فينا الفنان التشكيلي ” أحمد عبدالعال ” سيد الكلام الرصين والفكرة المبدعة .
الذي تقلد منصب عميد كلية الموسيقى والدراما بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا لدورتين زهاء – ثمانية سنوات – ثم بعدها عميدا لكلية الفنون الجميلة والتطبيقية في الجامعة نفسها .
أحمد عبدالعال ، فنان تشكيلي ، وقاص باهر الكلمة ، وإداري وقائد صعب المرتقى قولا وفعلا .. ذرب اللسان ، واضحا كالشمس في رأد الضحى .
وحتى موته الفاجع ما حاد أحمد عبدالعال عن جادة الطريق والأستقامة .
ماثل الريشة الأمينة ومن ألوانها تنبثق الفلسفة وإشراقة المعاني الرانيات .
ظل أحمد عبدالعال بحساسيته يسكب داخل منجزه الفني التشكيلي والأدبي تأملاته الفلسفية التوحيدية ، فتنسرب أخيلة رائعة التصوير في عمق إبداعه .
وفي “أمشاج ” نصوصه الأدبية كان مختلفا في منهج القص القصير عن غيره من الرواية .
وإن تعجب يا قارئي ، فاعجب لإيقعات صوت حنجرته عندما يتكلم مجلجلا الفضاء ، صوت هو السحر أو الأسطورة .الكلمات تخرج منه مثل صليل الأجراس ، يأخذ مجامع القلوب ، ويملأ النفوس بالفخر والأعتداد .
أحمد عبدالعال الفنان التوحيدي الفلسفة ، في المجلس ، يحدثك بمفرداته الآسرة الفاتنة فيعطيك ويمنحك معارف لا حدود لها ، هو ” أمشاج ” الثقافة ، الذي أمسك بكلتا يديه بالوجدان السوداني .
وأبهرنا في ليلة ذات ليالي الخرطوم ” الزول ” السمح الأثر ” الطيب صالح ” في صالون علي مهدي
و” الزول ” عندنا في السودان ، يماثل معنى ” الزلمة ” عند أهل الشام . و ” الريال ” عند أهل جزيرة العرب ، يجعلون الجيم ياء ، وكلمة ” زول ” في المعجم من معانيها الشخص اللطيف المهذب .
أشار بذلك الأديب زولنا السمح ” الطيب صالح ” إذ يقول وجدتها بهذا المعنى عند أبي العلاء المعري .
ويقول : أن ” زول ” هي أحسن مرادف للكلمة الإنجليزية Gentleman فهل كل أهل السودان إلى ” أزوال ” ؟
والكلمة تستخدم للمرأة أيضا ، وقد قال ” الحاردلو ” يذكر إنسانة جميلة ألهته عن حضور العيد مع أخيه عبدالله ، وكان شاعرا أيضا :
الزول السمح فات الكبار والقدره
كان شافوه ناس عبدالله كان يعذرو
السبب الحماني العيد هناك ما احضروا
درديق الشبيكه النزلو فوق صدرو
و ” الشبيكة ” حلى متشابكة تعلق على صدر الفتاة ، ويقول ” الطيب صالح ” وقد وجدتها بصفتها وباسمها هذا في متحف قطر الوطني الذي يديره الشاعر الدكتور ” درويش الفار ” في الدوحة الميمونة الطالع .
و” حمى ” بمعنى ” منع ” أكثر جريا على الألسن عندنا من ” منع ” .
ورأيت في بيت الفنان علي مهدي شخصيات من أروبا الدراماتورج الألماني ” توماس أنجل ” ونجوم ٱخرين من أمريكا وأفريقيا وعدد من نجوم الفن العربي ” نور الشريف ” و ” فردوس عبدالحميد ” و ” عفاف شعيب ” و ” أسعد فضه ” و ” محمد صبحي ” والكاتب المسرحي الإماراتي إسماعيل عبدالله الأمين العام للهيئة العربية للمسرح ، ومن الكلمات السامقة التي إلتقطها من ذا المكان ، هي :
” إن الأيديولوجيا في العالم العربي أنتجت مثقفين سيكولوجيين ، لهم في كل وجه عين واحدة وليس أكثر . هذه العين الواحدة لا تدرك إلا لونا واحدا ، ولا تعترف إلا بحقيقة واحدة موحدة ”
تلك الكلمات ، من لقاء مباشر بيني وبين الكاتب المفكر المسرحي المغربي ” عبدالكريم برشيد ” الذي قال أيضا :
” إن العلم لا يصادر حق الأشياء ، في أن تعبر عن نفسها بنفسها ، وأن تثبت بالملموس ، حقائقها الكائنة والممكنة ، غير أن الإيديولوجيا هي عكس ذلك .
الإيديولوجيا مسكونة بالنوايا وبالأهواء ، فهي وجهة نظر لا تعرف ولا تعترف بأنها مجرد وجهة نظر ، قد تكون صائبة وقد تكون خاطئة ، وقد تكون مجرد هلوسات ذهنية ، ولا شيئ أكثر .
هذه الإيديولوجيا بتمركزها على الذات ، قد أضرت كثيرا بثقافتنا ” .
عبدالكريم برشيد ، الأسم الذي يختزل أمة . أسعدني الزمان بصحبته لأكثر من مرة وفي سنوات متباعدة ، وفي كل مرة يزور فيها السودان فالمضيف هو مهرجان البقعة الدولي للمسرح ، وصالون ” علي مهدي يجمعنا به لنرتحل إلى عقله وروحه وحياته ومزاجه وربما مكبوتاته ولا وعيه ، ترحال داخل شخصيته وشخصيات مسرحياته التي يقول على جريا على لسانها :
فأنا لا أحسب بالأرقام ، فأجمع وأطرح وأضرب وأقسم ، ولكنني أحسب بالمعاني ، وبالكلمات وبالصور ، وفي حسابي هذا ، لا أعرف إلا القسمة ، وكل شيئ لا يقتسم ، لا يعول عليه .
اللحظة مقتسمة ، والرزق مقتسم ، والوطن مقتسم ، وكل شيئ نقتسمه يمكن أن يقل ، إلا الفرح ، يزيد ، ويجعل من حجم الوطن أوسع .
يا أيها الناس ، فالنقتسم هذا الوطن بالحب لنصنع لأنفسنا الفرح ، فإن صناعة الكراهية تضيق علينا مساحات الفرح بهذا الوطن .
الدكتور عبدالكريم برشيد ، الكاتب المسرحي المغربي ، من أعمق الكتاب العرب ، كتب دراسات وأبحاث بصرامة الأكاديمي وعذوبة الشاعر ،
هو المسرحي الجاد الدؤوب في مسيرة الأفكار ومسار الوجود ، متمكن من أدواته الأبداعية في الرؤية والإمعان ، وبمثلما أن المسرح في إبداع عبدالكريم برشيد ، ارتحال في الزمن المطلق ، وفي المكان المطلق ، تجلس بجواره فيرتحل بك في العقل والروح .
ومن أعمق المعاني التي أتحفنا بها عبدالكريم برشيد ونحن نقدمه من فوق المنصة ، هو قوله ” الحق في الأنانية ” تعبير إفترعه مرتكزا على قول أحد الحكماء عندما سئل مرة السؤال التالي :
* ما هو تعريفك للإنسان الأناني يا سيدي ؟
وكان جوابه :
* إن الأناني الحقيقي هو ذلك الذي لا يحترم أنانيتي .
وبناء على هذه المقولة يقول محدثنا الدكتور عبدالكريم برشيد :
إن ذلك الآخر الذي يسكن العالم الغربي ، لا يحترم أنانيتنا ،
ولا يحترم حقنا في أن نكون الآخر بالنسبة لذلك الآخر ،
وأن تكون لنا ثقافتنا المختلفة ،
وأن تكون لنا لغتنا المغايرة ،
وأن يكون لنا إبداعنا الأدبي والعلمي والفكري والصناعي الذي يشبهنا ونشبهه ،
وأن تكون لنا دول ذات سيادة حقيقية ،
وأن يكون لنا حق في الأحلام المشروعة ،
ويقول برشيد مستدركا :
ولو كان الأمر كذلك فقط لهان الأمر ،
بيد أن طعم المرارة الذي فينا اليوم هو أكبر ..
وذلك للعبث الذي بيننا ،
فأغلب مجتمعات مستلبة ومقتربة ،
هي ذوات مريضة ومعطوبة ومعوقه ، نفسيا وفكريا ووجدانيا وروحيا .
ذوات هلامية وشبحية ،
مصيبتها الكبرى أنها لا تعرف حدود أنانيتها ، وأنها لا تحترمها ، ولا تعتز بها ، ولا تدافع عنها ،
وهي ذوات هشه وغير متوازنة ،
تعاني من داء فقدان الثقة في الذات ،
سواء في بعدها الفردي أو الجماعي ،
وسواء في مستواها الواقعي أو التاريخي ،
تتحرك دائما في إتجاه نسيان أناها ،
وأن تقفز على أنانيتها ،
وأن تكون الآخر ،
وأن تتخلى عن مركزها الحقيقي ،
وأن تجري باتجاه المراكز الوهمية والمتخيلة .
ومن معجم أقواله الخاصة قوله :
إياك والسلطة يا بني ، السلطة أنثى الشيطان ،
وقال بلسان المهرج القزم في مسرحيته “مقامات بهلوانية ” :
إن السلطة مجنونة ، وملعونة ما أقترب منها كائن من بني الناس إلا أفرغته من إنسانيته ، وما أقترب منها عاقل إلا جردته من عقله ، ونزعت عنه علمه وفهمه ، وقد تمسخ ذاكرته وتاريخه ، وتعيد إنشاءه من جديد .
وعن تعزيز دور الفنون في بناء الصورة الجمالية للرسالة المحمدية إستضاف الإستاذ الفنان علي مهدي في بيته الداعية المتصوف الشيخ الحبيب ” علي زين العابدين الجفري ” ..
ففي ذات يوم من تلك الأيام النضرة من أيام السودان ، توافد أهل الثقافة والفنون ، وتألق الشيخ الحبيب الجفري أمام الجمع في معنى من معاني الكلام الجليل إذ قال :
إننا بحاجة إلا إبراز جمال وجلال صورة الرسالة المحمدية بالتدافع الجميل مع الإنسانية في وجودها المطلق وقيمها العليا ، و يكفينا قولا لهذا المعنى قول سيدنا محمد صل الله عليه وسلم : إنما جئت لأتتم مكارم الأخلاق .
إن الحركة والتجدد هو شرط من شروط وقتنا هذا ، و إعمال العقل للإنتاج الذهني بما يتوافق مع الأوان هو شرط من شروط التدين والتقرب إلي الله .
كما أن عمارة الحياة والسعي المعظم لها و إحترام الناس في حيواتهم و رفع الأذى والضرر عنهم من مكونات صورة الرسالة المحمدية .
والفن جدير بأن يعمل على تعزيز ذلك المعنى وبعثه والتحول الكامل إليه .
وشخصيات عاملة في ميدان الفكر السياسي والممارسين لها من شتى المذاهب أسماء عديدة تزين بها الصالون ضيوفا بين أهل الثقافة والفنون
الدكتور فضل الله أحمد عبدالله
