رأي ومقالات

أمامَكَ فانظرْ أيّ نَهجيكَ تَنْهجُ؟!

أمامَكَ فانظرْ أيّ نَهجيكَ تَنْهجُ؟!
لا أعرف سياسياً الآن في تهذيب وحكمة الدكتور عبد الرحمن الغالي …
وأن يجمع سياسي بين التهذيب والحكمة في زماننا هذا فهذا شيء أقرب إلى الكرامات ..
عبد الرحمن الغالي كتب مقالاً في أكثر من حلقة تحت عنوان : ( الحكومة الموازية .. فك ارتباط تقدم انقسام أم توزيع أدوار ؟ )

فردَّ عليه بابكر فيصل بمقال عنوانه : (عبد الرحمن الغالي والكتابة الرخيصة) !!
والمسافة بين العنوانين هنا هي المسافة نفسها بين الرجلين تهذيباً وموضوعية.
الواضح أن هذا (العنف) في عنوان مقال بابكر فيصل يكشف عن حالة إنسان غير مطمئن إلى موقفه أولاً ، ثم هو يشعر أن الحجج التي ساقها عبد الرحمن الغالي مقنعة ، وإلا فما كان أغناه عن هذا (التجاوز) الشديد في حقّ إنسان مهذب أبدى رأياً أو قال حجةً؟!!

بابكر فيصل الذي يصف كتابات المهذَّب النزيه عبد الرحمن الغالي ب(الرخيصة) هو نفسه الذي يرى أن اختيار برمة ناصر وإبراهيم الميرغني والهادي إدريس والطاهر حجر التحالف مع عبد الرحيم دقلو أب كيعان اختيار (محترم) !!!
مشكلة بابكر فيصل ورفاقه أنهم تعوَّدوا على (استغفال) الناس واستمرأوا هذه الطريقة منذ أيام الهياج الثوري ، فانتهت بهم إلى مجانبة الاجتهاد والتفكّر في الدفاع عن مواقفهم ، يقولون (أي شيء والسلام!) ..

أنت لا تحتاج أن تقرأ الحجج التي ساقها دكتور عبد الرحمن الغالي لتعلم موقف بابكر فيصل ورفاقه ، تصريحهم فقط يوم انقسامهم يكفيك!!
يكفيك أنهم قالوا إنهم في (صمود) متفقون مع الذين اختاروا خيار الحكومة الموازية في (الأهداف) مختلفون معهم في (الوسائل) وإنهم (يحترمون) اختيارهم!!
هذا التصريح وحده كافٍ ليقصم من حِيادهم (المُدَّعى) الظهر وليدقّ منه العُنق وليقطع منه الوتين!!

كيف لأناس رفعوا شعار ( لا للحرب) وقالوا بأنهم غير منحازين لأحد من (طرفي النزاع) وأن انحيازهم فقط للسلام _ كيف لهم أن يحترموا اختيار مَن انحاز لأحد (طرفي النزاع) ؟!! كيف لهم أن يحترموا اختيار مَن يقول بملء الفم (نعم للحرب)ويحيّي عبد الرحيم دقلو (نيابةً عن كل الأشاوس في الميدان) ؟!_ كما عبّر ذلك المخذول في قاعة تأسيس نيروبي ، القاعة نفسها التي كان مما نُقِل منها رقص على هتافات (شندي جوّه… شندي جوّه)!! _

ثم بابكر فيصل ورفاقه يحترمون اختيار محاولة تأسيس حكومة (موازية) هي في رأيهم خطوة لتقسيم البلاد_ ومع ذلك يحترمون اختيار رفاقهم الذين فارقوهم فيها!!
يحترمون كلَّ هذا الاختيار من رفاقهم مُناصري المليشيا ويرون كل ذلك اختلافاً فقط في (الوسائل) وأنهم حتى هذه اللحظة متفقون في (الأهداف)!!

على حين أنَّ أهل (صمود) هؤلاء _ شديدي الاحترام للاختيارات _ يصفون كل مَن انحاز إلى الجيش من السياسيين أو الإعلاميين أو الفنانيين …الخ بأنهم قارعو طبول الحرب ولاعقو أحذية العسكر ووو
الانحياز للجيش عندهم مُجرَّمٌ مُدانٌ قبيح
لكنَّ الانحياز للمليشيا عندهم اختيارٌ يُحترم !!
ومع هذا كله يريدوننا أن نصدِّق أنهم محايدون!! وأنَّ كتابات الدكتور عبد الرحمن الغالي (رخيصة)!!
والغبيُّ حقاً وصدقاً مَنْ يفترض في الناس جميعاً الغباء !!
عمر الحبر