قدرتك على تحمل النقد والتعاطي معه تحدد فرصة بقائك في أي مشهد سياسي، من يصمد أمام أي نقد قادر على أن يستمر ويتخطى أي عقبة تواجهه، أما من يركن لترديد مقولات الاستهداف وبكرهونا وجلابي يشن هجوماً علينا، فلن يستوعب الدولة ولن يهضم منطقها وسيظل حبيساً لوعي الغابة والثورة..
لا يوجد شيء اسمه دعونا نتفق على بيئة سياسية صحية، الأفضل أن نقول دعونا أن نتفق على أن لا نبتز الدولة بسلاحنا وأن نجعل صراعنا صراعاً سياسياً بأدوات السياسة، من داخل الدولة ومن داخل شروطها وأفقها، نقد سخرية إقامة ندوات أو حتى تسريب اجتماعات، هذه هي الديمقراطية وهذه هي ضريبتها، فالسياسة في أصلها هي الصراع والتنافس وتسجيل النقاط في خصمك وتسوية وتقويم وكشف أي اعوجاج في حليفك..
فلا يمكن أن تبتز الدولة وتقدم خطاباً غير عقلاني ومن ثم تعترض على تسريب تلك الاجتماعات ويجن جنونك بأن هناك حملة وأقلام تعاديك وتشن هجوماً عليك ، لا تريد أن تكون عرضة للنقد والهجوم، فقط كن عقلانياً في مطالبك، ولكن أن تبتز الدولة بخطاب يا المعادن يا البنادق،ويا المالية يا البندقية ويا الهجمة يا النجمة، هذا ابتزاز يتطلب هجوماً عليك. متى يتوقف هذا الهجوم؟ هو عندما تتوقف أنت عن ابتزازك للدولة وعن التعامل معها كغنيمة..
أما خطاب “راعوا للدماء التي سالت من المشتركة” فهو خطاب مردود وخصم على من يطلقوه واستصغار لشهدائهم، لأنهم وكما قال أحدهم لم تسيل دماؤهم إلا لسلطة بحثوا عنها، وهو خطاب غريب لن تجده عند جنود الجيش ولا المستنفرين ولا كتائب المقاومة الشعبية ولا البراء بن مالك، بل ستجده فقط عند من أخرج بنادقه يبتز الدولة بخطابه صباح مساء..
المطلوب منكم فقط ان تكونوا عقلانيين في خطابكم ومطالبكم، وإن لم تستطيعوا فلا مانع أن تقلدوا غيركم وتتبنوا خطابهم ورغباتهم، وإن فعلتم ذلك فبعدها يمكن أن تأتوا وتعترضوا على أسباب الهجوم عليكم.
حسبو البيلي
#السودان
