تبخيس الأشياء والاكتفاء بعين السخط من أكثر الأساليب كسلًا، وينمُّ عن غباء منقطع النظير، خذ مثلًا مدرسة انتقاد وتبخيس كل ما يقوم به رئيس الوزراء من توجيهات وقرارات أو حتى زيارات ميدانية. فإذا اكتفى بالتوجيه قالوا له: “إنت بتوجه منو، مفترض تتخذ قرارات على طول”، وإذا اتخذ قرارًا في أي قضية تهم المواطنين، قال له الناطق باسم حزب المبخِّسين: “قراراتك دي ما عندها قيمة وما في زول حايشتغل بيها”. وإذا قام بزيارة إلى محطة مياه قالوا له: “الكهرباء أهم”، وإذا زار محطة كهرباء قالوا له: “المستشفيات أهم”، وإذا بقي في مكتبه قالوا: “كيف لا يزور رعاياه ويتفقد محطات الكهرباء والمياه؟”.
وهو نفس ما يحدث حاليًا في زيارة الخرطوم، لم ينتظروه حتى ليستكمل برنامجه، فهب أحد المبخِّسين وقال إن كامل إدريس تجاهل الشهداء والقيادة العامة. وعندما التحم بالجماهير من أسر وأهالي ورفاق الشهداء وهتف “جيش واحد شعب واحد” تساءل باخوس: “لماذا لم يشتم الكفيل؟”. ووصل الأمر إلى أن أحدهم كتب بأن زيارته للفنان أبوعركي تكريم لليسار. وإذا كان قد تجاهل أبوعركي وذهب إلى مقر كتيبة البراء لقالوا: “يا له من كوز مندس، ما قلنا لكم دي حرب كيزان”. أغرب تعليق أن أحدهم أبدى استغرابه كيف زار مدينة الصحفيين في الحارة مائة ولم يبحث عن الأستاذة آمال عباس! ثم علَّق مبخِّس آخر بأن رئيس الوزراء تجاهل منزله في الوادي الأخضر ولم يذرف دمعة على دراجته البخارية المنهوبة. وسبق أن انتقدت إحدى “المشنفات” جلسته واعتبرتها قضية لا يمكن السكوت عليها. وقد بدأت هذه الحملة التبخيسية عندما كان يردد أحد الكتّاب أن كامل إدريس جمهوري علماني، وعندما هبطت طائرته في مطار بورتسودان وسجد شكرًا لله، كتب نفس الزول: “هذا الكامل عندما كان يأتي للخرطوم وينزل من الطائرة لم يكن يسجد لله شكراً!”
عزمي عبد الرازق
