رأي ومقالات

سيرصد الجيش تفاعلات الناس على القرارات الحالية لتحديد بؤرة المعارضة ومحطات صناعة التمرد

لم تتوقف المحاكمات الإعلامية أثناء الحرب لقيادة الجيش الحالية ، فهي التي “تهاونت” مع خطر الجنجويد و سمحت لهم بالتضخم و محاصرة العاصمة. و لم يشفع له نجاحها في كسر شوكة التمرد و تحويل الهزيمة المؤكدة إلى نصر باهر عند كثيرين لرفع جزء من هذا اللوم لحين الإستماع إلى أسرار الفترة الإنتقالية التي تتكشف بينما نكسب الحرب . حرص كثير من السياسيين ألّا تغادر قيادة الجيش محطة “الشعور بالذنب” ليسهل إبتزازها فيما بعد ، فمن الأشياء النادرة التي اتفق عليها المؤيدون و المعارضون ، هي استمرار الحملات ضد قيادة الجيش لتظل دائماً في محطة الإتهام ، و أن يُساء تفسير جميع الخطوات و المبادرات التي تقوم بها : الهدنة مع المليشيا و إتفاق جدة و جنيف و زيورخ.
الجميع يتوقع خطر أن يواجهه الجيش يوماً ما إذا شعر بالتهديد. يبقى من المهم أن يظل الجيش معه ضعيفاً و خائفاً من إتهامات التسليم و الخضوع للخارج ، كأنّ حلفاءه بالداخل هم الذين يضبطون الأداء و يتأكدون من صحة الولاء.
و مع استمرار هذه المقاربة يسهل تشكيل أي إتهامات ساذجة ضده و تحويلها لرواية ذات مصداقية “بالنظر إلى تاريخ هذه القيادة!” ؛ فالجيش أوحى لمصر بإعتقال المصباح ، أو اتفق مع الأمريكان على إعفاء الضباط الإسلاميين أو يتواصل مع “عتاة” القحاتة ليقبلوا العفو و يعودوا لتسلم المناصب الحكومية العليا.
طبيعة الأشياء أن الإنتصار سيدفع الجيش لمزيد من ضبط الأمور و السيطرة على مقاليد الحكم ، و أن العرفان للحلفاء الذين ساندوه ساعة العسرة لن يكون على حساب قبول المشاركة في القرار أو إضعاف القيادة و التشكيك فيها ، و أن إستمرار منازعة القيادة في صلاحياتها أو نشر روح التمرد عليها سيُقابل بحسم و عنف شديدين. و ربما سريان العافية في جسد الجيش الآن جعلته يلتفت للملفات المؤجلة مثل قرار إخضاع كل القوات المقاتلة لقانون القوات المسلحة أو ملف الترقيات و الإحالات “الروتيني” أو – إن صح الخبر – مواصلة محاكمة اللواء معاش زمراوي التي قطعتها الحرب.
و في الغالب سيرصد الجيش تفاعلات الناس على القرارات الحالية لتحديد بؤرة المعارضة و محطات صناعة التمرد.

عمار عباس