رصاصة وقصيدة ولحن (2-2) الجلالات والمارشات

من عظمة الجيش السوداني أنه و إلي جانب سجله العسكري الحافل له بصماته في الفنون و الغناء و الشعر، أسهم بتأليف المارشات العسكرية بكلماتها و موسيقاها المعبرة .
الجلالات و المارشات العسكرية هي قصائد قصيرة و مقطوعات ذات لحن إختصت به القوات العسكرية و تهدف لرفع الروح المعنوية و حفز الجنود على التحرك و السير لمسافات طويلة في التدريب و الزحف و القتال .
الفرق العسكرية التي تقدم هذه الجلالات أكتسبت من القوات البريطانية إبان الإحتلال عندما تأسست مدرسة و فرق الموسيقى و التي كانت أول نشأتها في مدرسة السردار و هو قائد الجيش البريطاني في الخرطوم .
ثم تسودنت الموسيقى العسكرية و ظهرت الجلالات و المارشات التي يؤلفها الجنود عفو الخاطر و هم في التدريب و ميادين القتال و إكتسبت الروح السودانية من بعد.
الجلالات ذات محتوى نابع من تراث و تأريخ سوداني أصيل يتضح من لحنها و كلماتها و تؤرخ لأبرز القادة و الأبطال و المعارك و تستخدم فيها آلات متنوعة مثل النحاسية و القرب و الطبول .
تطورت الموسيقى العسكرية من مساهمات جنود و ضباط أبرزهم العقيد أحمد مرجان و إلي أن تكون سلاح الموسيقى .
الجلالات تعبر عن كل السودان بمختلف قبائله و اشتهرت منها ما نبع من ثقافة الشلك و ظهر مارشال خاص باسم الشلك.
هنالك جلالة وضعت للشايقيةً القبيلة المعروفة في شمال السودان و أشادت بقواتهم عندما دخلت ميدان المعركة مناصرة لقوات من قبائل أخرى و مطلعها يقول:
(شايقية جو هوي شيايقية جو ) أي وصلوا .
إضافة إلي الفور عبر الجلالات التي وضعت للسلطان علي دينار منها ما يتحدث عن قوة إيمانه و قد إشتهر بحسن العبادة رقم قسوته
(خلفا المصطفى يا حبان القسا
فقراء عبيد الله قوموا هداية الله ..
اتركوا الماسيا أمسكوا ذكر المصطفى
يشفع لينا يوم الوفا)..
من كردفان نبعت الجلالة التي تشيد بالسلطان عجبنا القائد النوباوي المعرف و من أشهرها الجلالة التي تشيد بموقف ابنته (مندي) التي ناصرته و سارت معه في أهم معاركه و أظهرت شجاعة واضحة عندما إرتمت علي جثمانه لحظة أن وقع شهيداً و تبدو كلماتها التي وضعت بلهحة محلية عصية علي الفهم لمن لا يتحدث لهجتها.
كما إختصت الجلالات بالتعريض بالمواقف الجبانة و القادة الذين أظهروا خوفاً في المعارك و منهم ود الشريف الذي وضعت عنه جلالة معبرة نالت شهرة كبيرة و هي من اقدم الجلالات السودانية ، نظمت كلماتها عند هروبه من موقعة دار قِمِر .
وكان ود الشريف كُلّف باخضاع هذه المنطقة لحكم المهدية وهناك قابله الفارس جقود وهزمه وفر ود الشريف من الموقعة وعند هروبه وقعت منه الشلاية (الشّال) ..
من كلماتها (ود الشريف رايو كمل رايو كمل ..
جيبو لي شالايته من دار قمر
يا عباد الله حلوني من جقود) .
من الجلالات ما أنشد لمدن تشجيعاً للجنود على الإنضمام لقواتها منها ما وضع لنيالا جاء فيها (بين الجبلين فقدنا رجال طابورنا الحار الما بندار
أنا ماشي نيالا أوه أوه عاجبني جمالا سمبلة
يومنا ما جاء
السونكي ركب ها ها
صبيان لميتو
السونكي ركب فزيتو).
إرتبطت الجلالات بالمعاني و القيم الدينية و واضح أن إسمها مأخوذ من التسبيح لله سبحانه و تعالي في عبارة (الله جل جلاله) .
في هذا المعني ظهرت جلالة للختمية و هي الجلالة الوحيدة التي وردت في الإحتفاء بطائفة دينية ..
و تقول كلماتها
(شي لله يا ميرغني
شى لله يا ميرغني … يا المكي و المدني ..
شى لله يا ميرغني يا أمان الخوف) .
بهذا المنتج الثر أسهمت القوات المسلحة إسهاماً كبيراً في توحيد كل السودان في راية وطنية عبر جلالات تغني بها الجميع شيبا و شبابا أطفالا و كبارا رجالا و نساء يلتفون حول جيش واحد حفيظ علي الوطن .
راشد عبد الرحيم






