رأي ومقالات

بمناسبة تأبين الشهيد مهند وددت ان اخبركم بقصة إستشهاده

بمناسبة #تأبين_الشهيد_مهند وددت ان اخبركم بقصة إستشهاده:
حدّثني من حضر الوقعة، وكان مع الشهيد مهند يومها، فقال: لقد كان حديثه منذ الفجر حديثَ من ودّع الدنيا واستقبل الآخرة، حديثَ من شمّ رائحة الجنّة قبل أن تفتح له أبوابها، ولقد تولّى القيادة في الجهة الشرقية، حيث حشد العدو صراصره ومدرعاته، يريد أن يخترق دفاعاتنا، فكان ما كان من شدّة اللقاء واختلاط الصفوف، حتى التحم الجمعان والتحمت القلوب، وإخترق العدو الصفوف بمدرعاته، هنالك أمر مهند بانسحاب القوات، فأطاعوه وانسحبوا، غير أنّه هو وطاقمه – وكانوا الأمين حسن هارون، وأواب علي خضر، ومحمد نصر الدين، والطاهر عبدالرحمن، والشبلي يزيد، ومعهم آخر – قد ثبتوا، وقال لهم مهند: “من مكاني هذا لا أتحرك إلا إلى الجنة.” فكان قوله قَسَمًا، وكان فعله تصديقًا.

تقدّم الشهيد مهند نحو مدرعة تتربص بالقوات المنسحبة، وأطلق عليها من مدفعه (B10) فأحرقها بطاقمها، ثم اندفع إلى أخرى، وهو يعلم أن العدو سيجمع عليه الكيد، ويصبّ عليه النيران، فما هابه ولا نكص، وإنما أراد أن يشتري لإخوانه وقتًا بالنار والدم، وحين رأى طاقمه ما يفعل، علموا أنهم اليوم شهداء، فتبادلوا النظرات كأنهم يسلّمون أرواحهم لبعضهم، وتبادلوا الابتسامات كأنهم على موعدٍ حاولوا الإستعداد له زمنا طويلا، لقد هرموا من أجل هذه اللحظه، ومضوا في سبيلهم، يقاتلون يمنة ويسرة، يثبتون ساعةً ليفتحوا باب النجاة لإخوانهم.
وكان منهم اثنان أسقطوا عربتهم في صدر مدرعة للعدو، فهلكوا وهلكت معه، وجرح مهند بعد ذلك، غير أنه ظل واقفًا يذود ويقاوم، فلما حاول العدو أسره، وأرادوا أن يساوموه على الاستسلام أو الحديث، أعرض عنهم، واختار أن يموت حرًّا، فصفّوه مكانه.

ومن بعيد كان الشهيد مزمل صلاح، ومعه الجريح مأمون، قد رأوا ما يجري، فنزلوا من عربتهم التي عاقها الوحل، وأمروا طواقمهم بالانسحاب، ثم توجهوا نحو العدو بسلاح الكلاشنكوف فقط، هرع مزمل إلى قائده مهند وقد رأى العدو يجهز عليه، وظل يستفزّهم بحديثه، ليشغلهم عن إخوانه ويمنحهم فرصة الانسحاب، وقد أقسم من شهد أنه تعجب من صبرهم وشهامتهم، ومن رجولة مزمل و مهند وطاقمه، وكيف جعلوا من ليل الهزيمة فجرًا للنصر، وقال آخر لي بالنص ماسوف تسمعونه في التسجيل الذي اود نشره لاحقا.

أمس الأول رأى العدو فعل عربةٍ واحدة – وكيف فجّرت مدرعاتهم وفرّقت جمعهم – فهالهم اليوم أن يروا عشرات العربات مقبلة، فارتدوا على أعقابهم مذعورين، كأنما تفرّ جموع النمل حين يُهال عليها الرماد، أولئك لا يقاتلون إلا إذا تكاثروا كالجراد، ولا يثبتون إلا إذا تقدمتهم جحافل المدرعات، وتقدمتهم أسراب المرتزقة والفلنقايات والإمبايات وحملة الأباريق، أما قادتهم فيظلون في المؤخرة، يتحججون بقيادة المعركة، وما هم إلا أهل جبنٍ ووجل.

المهم أقسم لي غير واحدٍ أن الشهداء جميعًا، من أول طلقة حتى آخر الأنفاس، ما فارقت وجوههم الابتسامة، كأنهم يرون ما لا نرى، ويستبشرون بما عند الله، وكان مهند – وهو القائد – قد عاد أول أمره ليؤمّن خروج عربة خطيب، حتى خرجت بالسلامة، وما كان ذلك إلا دأب الرجال الذين إذا حضروا ثبتوا، وإذا غابوا ذكروا، وإذا استشهدوا أناروا الطريق لمن بعدهم.
والله إنه لعرس وإنه لعريس شهيد #عرس_الشهيد
#مضوا_رجالا_والله
#تقبلهم_الله_أجمعبن
MuzAmil Salah Mohaned Ibrahim Fadul محمد نصر الدين اواب علي خضر