رأي ومقالات

شباب الإسلاميين ودورهم في الحرب السودانية

شباب الإسلاميين ودورهم في الحرب السودانية.
لا يمكن ان تقنعي بان أحدهم يضحي بحياته فقط لتحقيق مكسب مادي وظرفي!!
مدخل:
تشكّل مشاركة شباب الإسلاميين في النزاع السوداني الراهن واحدة من أكثر الظواهر إثارة للجدل. فبينما ينظر إليهم البعض بوصفهم “طلاب دنيا ” يسعون لمكاسب شخصية او حزبية أو سياسية ضيقة، تبرز في المقابل روايات أخرى تؤكد أنهم يتحملون العبء الأكبر من المواجهات، ويقدمون التضحيات البشرية بصورة مستمرة. هذا التباين في الخطاب يعكس صراعًا أعمق حول الشرعية السياسية والاجتماعية في السودان.
متن:
1. الخطاب المتناقض
الجدل حول هوية ودوافع هؤلاء الشباب يرتكز على ثنائية متناقضة:
– خطاب ينتقدهم باعتبارهم أدوات لمشروع حزبي ضيق الأفق.
– مقابل خطاب آخر يصورهم كمجاهدين وأصحاب مبادئ يقاتلون من أجل الأرض والعرض.
هذا التناقض لا يرتبط بالوقائع الميدانية فحسب، بل يعكس أيضًا صراعًا في السرديات بين التيارات السياسية والاجتماعية المختلفة.
2. البعد القيمي والدافعية
يستند كثير من شباب الإسلاميين إلى منظومة فكرية ودينية ترى في “الشهادة” قيمة عليا، وتجعل التضحية بالنفس وسيلة لحماية الدين والهوية والوطن. هذه الرؤية تمنحهم حافزًا يتجاوز المصالح الفردية، وتفسر استمرار تدفقهم إلى ساحات القتال رغم ارتفاع معدلات الخسائر البشرية.
3. التنوع في القاعدة القتالية
القتال لا يقتصر على الإسلاميين فقط، بل يشمل:
– القوات المشتركة المرتبطة بالحركات المسلحة.
– تشكيلات عسكرية خاصة مثل الدراعة.
– تجمعات مرتبطة بالثورة ولجان المقاومة مثل غاضبون وملوك الاشتباكات.
– شباب غير متحزب انخرطوا بدافع وطني مباشر.
هذا التنوع يعكس أن المشاركة في القتال باتت أوسع من مجرد انتماء حزبي أو أيديولوجي.
4. الدلالات السياسية والاجتماعية
– سياسيًا: استمرار وجود الإسلاميين في الخطوط الأمامية يعزز من إمكانية عودتهم كلاعب محوري في المشهد السوداني بعد الحرب.
– اجتماعيًا: خطاب تمجيد “الشهادة” و”التضحية” يخلق رمزية مؤثرة في أوساط قطاعات من المجتمع، خاصة بين الشباب.
– رمزيًا: قدرة الإسلاميين على تقديم رواية عن البطولة والتضحية تضعف سرديات خصومهم الذين يفتقرون غالبًا إلى نفس الزخم التعبوي.
مخرج:
يتضح أن توصيف شباب الإسلاميين كـ”طلاب دنيا” لا يتسق مع حجم التضحيات والمشاركة الفعلية في النزاع. بل إن الظاهرة تعكس مزيجًا من الدوافع العقائدية والوطنية، وتشكّل عنصرًا رئيسيًا في إعادة صياغة الخريطة السياسية والاجتماعية في السودان.
الحرب إذن ليست مجرد مواجهة عسكرية، بل هي أيضًا معركة سرديات ستحدد نتائجها شكل التوازنات في السودان مستقبلاً.

وليد محمدالمبارك احمد